تكاليف الحرب التجارية
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
بيد أن فوائد التوسع التجاري لم تعم الجميع بالتساوي، وفي بعض الحالات أسفر هذا التوسع عن تدهور البيئة والنزوح الاقتصادي، حيث يشعر كثيرون الآن بأنهم تُرِكوا وراء الركب، وهناك قضايا جادة ومشروعة لابد من معالجتها، ولكن النزعة الأحادية ليست الطريقة للقيام بذلك، فالتحديات العالمية تحتاج إلى حلول عالمية.من المؤسف أن التدابير التجارية الحالية تنذر بموقف يخرج منه الجميع خاسرين، وفي حال اندلاع حرب تجارية، ستخسر الشركات عبر مجموعة واسعة من القطاعات الأرباح، وسيفقد العمال وظائفهم، وتخسر الحكومات العائدات، ويصبح أمام المستهلكين خيارات أقل بين المنتجات، وبصرف النظر عن مواقعها، ستتكبد الشركات والحكومات والأسر تكاليف أعلى. الأسوأ من ذلك أن حربا تجارية عالمية ربما تعرض نظام التجارة المتعدد الأطراف ذاته للخطر، وستفضي دون أدنى شك إلى زيادات في التعريفات أكبر كثيرا من أي شيء مثيل في التاريخ الحديث، وتظهر أبحاث الأونكتاد أن متوسط التعريفات قد يرتفع من مستويات لا تُذكَر إلى نحو 30% على المصدرين الأميركيين، و35% على المصدرين من الاتحاد الأوروبي، و40% على المصدرين الصينيين. وعلى هذا، فحتى إذا كانت "الأفيال" تتمتع بوزن اقتصادي كاف لتحمل حرب تجارية، فإنها لن تستفيد منها. بطبيعة الحال ستكون الدول النامية التي لم تؤدِّ أي دور في إشعال الصراع أقل قدرة على تحمل تكاليفه، ففي المتوسط، ربما ترتفع التعريفات المطبقة على صادرات الدول النامية من 3% إلى 37%، ولكن في حين أن متوسط التعريفات الجمركية التي تؤثر في دول مثل نيجيريا وزمبابوي لن يزيد في الأرجح على 10%، فإن التعريفات ضد المكسيك ربما تصل إلى 60%. وعلى نحو مماثل ربما تواجه دول مثل كوستاريكا، وإثيوبيا، وسريلانكا، وبنغلاديش، وتركيا تعريفات تتراوح بين 40% إلى 50%.علاوة على ذلك ستكون الحرب التجارية بمثابة ضربة قاسية لأشد دول العالَم فقرا، فضلا عن الأمل في مضاعفة "نصيب الدول الأقل نمو في الصادرات العالمية" بحلول عام 2020 بموجب أهداف التنمية المستدامة، كما تهدد الحرب التجارية التعافي الاقتصادي الهش بعد الأزمة المالية العالمية التي اندلعت قبل عشر سنوات، وبالتالي تقويض النمو وجهود التنمية في مختلف أنحاء العالَم. كما ستحد مثل هذه الحرب من إمكانية استخدام التجارة لتلبية الأهداف العالمية.وسيكون الضرر الناجم عن حرب تجارية شاملة محسوسا بوضوح خارج نطاق التجارة الدولية، إذ يعكس مناخ التجارة اليوم اتجاها عالميا مقلقا نحو الأحادية القومية، والآن تتخلى عن التعاون الدولي الدول التي ساعدت في إعادة تشكيل العالَم الذي نعيش فيه اليوم نحو الأفضل من خلال التجارة، وربما يخلف هذا التحول عواقب بالغة الخطورة على مجالات أخرى مثل الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ وضمان السلام والرخاء للجميع، وعلى هذا فإن أسهل طريقة لكسب حرب تجارية هو تجنبها تماما.* موخيسا كيتويي* الأمين العالم لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).«بروجيكت سنديكيت، 2018» بالاتفاق مع «الجريدة»