طالب بنك التسويات الدولية البنوك المركزية الكبرى بالاستمرار في رفع أسعار الفائدة، وحذر من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتداعياتها على الاقتصاد العالمي.وقال أوغسطين كارستينس الرئيس الجديد للبنك، محافظ البنك المركزي المكسيكي السابق، في تصريحات لـ»رويترز»، مع إطلاق البنك أول تقرير سنوي تحت إدارته: «نحن ندخل إلى ديناميكية خطيرة، بدأت تظهر خلالها تأثيرات جانبية على أسواق العملات والتدفقات المالية لهذا النوع من الحمائية»، في إشارة للحرب التجارية المستعرة بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وشركائه التجاريين.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن قبل أيام فرض رسوم جمركية إضافية على عشرات المنتجات الأميركية، مثل الويسكي والجينز والدراجات النارية، في ردّ على رسوم أميركية على الصلب والألمنيوم.ورداً على الرسوم الأوروبية، هدد الرئيس الأميركي، أمس الأول، في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بأنه إذا لم يتم إلغاء الرسوم الأوروبية الجديدة، فإن الولايات المتحدة ستفرض تعريفة نسبتها 20 في المئة على السيارات الأوروبية.وقبل الاتحاد الأوروبي، فرضت المكسيك، التي شملتها الإجراءات الأميركية أيضاً، رسوماً رداً على واشنطن، بينما تنوي كندا أن تحذو حذوها في بداية يوليو المقبل.وأعلنت بكين، في أبريل الماضي، فرض تعريفات جمركية على 128 مُنتجاً أميركياً، تمتد من النبيذ حتى البرتقال، من أجل «تعويض الخسائر» التي سببتها الرسوم، التي فرضتها الولايات المتحدة على الصلب والألمنيوم.ثم أعلن الرئيس الأميركي قراره فرض تعريفة جمركية على بضائع صينية بقيمة 50 مليار دولار، على أن تبدأ أميركا تحصيل هذه الضرائب من 6 يوليو، وردت الصين على هذا الإجراء بالإعلان عن فرض رسوم جمركية فورية على كمية من واردات الصين من الولايات المتحدة.وأوضح كارستينس أن «من الممكن أن نبدأ في دوامة خطيرة... وعند نقطة معينة، تبدأ فعلياً في التأثير على نمو الاقتصاد العالمي والاستقرار المالي».ويتوقع البنك حالياً استمرار تحسن الاقتصاد العالمي، لكن بفرض ألا يكون هناك تصاعد متسارع في التوترات التجارية أو تكاليف الاقتراض.ويدعم بنك التسويات الاحتياطي الفدرالي «المركزي الأميركي» للاستمرار في رفع أسعار الفائدة الأميركية، وكذلك البنوك المركزية الكبرى مثل البنك المركزي للاتحاد الأوروبي، لتسهيل عملية التخارج من برامج التنشيط الضخمة التي استمرت سنوات.وقال كارستينس: «أعتقد أن من المهم أن تتم عملية التطبيع تدريجياً»، معتبراً أن وتيرة تخارج المركزي الأميركي من الإجراءات الاستثنائية التي تبعت الأزمة المالية العالمية «كانت ملائمة».وأضاف أن «السياسات غير التقليدية ساعدتنا على أن نكون في الموقع الذي نحن فيه الآن، لكن كانت لها تكلفة، تتمثل في التذبذبات التي وقعت في الأسواق المالية».وتشير «رويترز» إلى أن أسعار المنازل في بعض الاقتصادات الصغيرة التي أفلتت من الأزمة المالية العالمية قبل عقد تعد حالياً مرتفعة جداً علاوة على أن ارتفاع أسواق الأسهم تسبب في تقييمات مبالغ فيها، وأن عوائد السندات «bond market spreads» مضغوطة جداً.وبحسب كارستينس، «إذا انتظرت البنوك المركزية فترات أطول قبل عملية التطبيع، من المرجح جداً أن تستمر هذه الاختلالات في النمو، ومخاطر عدم الاستقرار المالي في المستقبل تكون أعلى»، كما يحذر رئيس بنك التسويات.لكن «رويترز» تقول، إن رفع الفائدة، وإنهاء السياسات التنشيطية غير المسبوقة التي استمرت الاقتصادات الكبرى في تطبيقها خلال السنوات الأخيرة، من المرجح أن يتسببا في بعض الاضطرابات بالأسواق المالية، وأن على الشركات والمقترضين والمستثمرين أن يستعدوا لذلك. وأكد كارستينس أن «التذبذب متوقع في عملية التطبيع. الأمر الرئيس ألا يخرج هذا التذبذب عن السيطرة».وعلى صعيد الأداء الاقتصادي، فيرى التقرير السنوي لبنك التسويات أن هناك مؤشرات تدعو للتفاؤل، فمن غير المعتاد أن يشهد الاقتصاد العالمي النمو القوي الحالي، المصحوب بمعدلات التضخم المعتدلة بعد سنوات من السياسات التوسعية.وتتمثل المخاوف الحالية في الحمائية التجارية، والركون إلى مساندة البنوك المركزية، وتضخم أسعار الأصول، وارتفاع مستويات الديون، خصوصاً إذا حدثت قفزة مفاجئة في تكاليف الاقتراض.وتحظى معظم الأسواق الناشئة حالياً باحتياطات نقد أجنبي أقوي، وأسعار فائدة أكثر مرونة، وأمد أطول لديونهم، مقارنة بالعقود السابقة، وهو ما سيوفر لهم مساحة جيدة للتحرك في حالة ارتفاع تكاليف الاقتراض. بينما لا يعد موقف الشركات في الأسواق الناشئة قوياً بما يكفي، في ظل ارتفاع مستويات ديونها بشكل متسارع. وهنا أيضاً قلق من النمو القوي لنشاط بنوك الظل، خصوصاً في الصين، كما يقول كارستينس.
اقتصاد
«التسويات الدولية» يحذر من تهديد حرب تجارية
26-06-2018