أخذت تظاهرة أصحاب المحلات في «بازار طهران الكبير» أمس أبعاداً غير مسبوقة، مع نزول آلاف التجار إلى شوارع العاصمة للاحتجاج على ارتفاع سعر الدولار، قبل أن ينضم إليهم أصحاب أسواق مدن تبريز وقشم وكرج وبندر عباس في إضرابهم الأول منذ 40 عاماً.

وللمرة الأولى منذ انتصار الثورة في الجمهورية الإسلامية، أَقفل تجار «البازار الكبير» محلاتهم وساروا في شوارع العاصمة وصولاً إلى مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، وحاولوا اقتحامه للقاء النواب، وتصادموا مع قوى الأمن.

Ad

بدأ هذا الإضراب غير المسبوق أمس الأول، على يد تجار أسواق أجهزة الهواتف النقالة والإلكترونيات، الذين أقفلوا أبواب محلاتهم ساعات احتجاجاً على ارتفاع سعر العملة الصعبة ومنع الصيارفة من بيع وشراء العملة، الأمر الذي يجعل استيراد الهواتف النقالة شبه مستحيل عليهم.

وتَمثّل الانعكاس الأكبر للغضب الشعبي في إغلاق تجار «بازار طهران الكبير» أمس محلاتهم، والتوجه نحو المجلس، مطلقين شعارات منددة بغلاء العملة الصعبة، وعدم قدرة الشعب على شراء البضائع، مما يؤدي إلى توقف البيع والشراء.

وأمام المجلس، أطلق المتظاهرون هتافات منها «الموت للدكتاتور» و«لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران»، كما رفع المتظاهرون شعار «نموت ولا نقبل الذل... العدو هنا ويقولون كذباً إنه أميركا».

وسرعان ما انضم إليهم بقية تجار الأسواق، وساروا جميعاً نحو المجلس، كي يرتفع عددهم من المئات إلى الآلاف عند وصولهم إلى مجلس الشورى.

وقال أحد التجار المضربين، لـ«الجريدة»، إن «تجار البازار هم من أكثر الناس دعماً لنظام الجمهورية الإسلامية، وهم أول من وقفوا أمام الشاه، ودعموا الإمام الخميني في ثورته، لكنهم ضاقوا ذرعاً بالضغوط التي يتحملونها بسبب سوء إدارة البلاد، ولم يعد باستطاعتهم السكوت».

ولم يصدر أي تعليق عن الحكومة على هذا الحادث، لكنها أعلنت فقط أنها درست إمكان رفع الفوائد والسماح بعودة بيع وشراء العملة الصعبة عبر الصيارفة في جلسة طارئة لها مساء أمس، لكن المدعي العام للبلاد اعتبر أن هذه الحركات مشبوهة ومُسيّرة من الخارج، مهدداً بأن السلطة القضائية ستواجه كل هذه الحركات بصرامة.

ورغم التصادم الذي حصل مع الشرطة في بداية تقدم المتظاهرين تجاه المجلس، حيث استعملت معهم قنابل الغاز المسيل للدموع، لمنعهم من الاقتراب من المجلس، فإنه لم يتم اعتقال أي متظاهر.

وتحدث أحد قادة الشرطة مع المتظاهرين، عبر مكبر الصوت، مؤكداً أن «الشرطة من أبناء الشعب، وجنودها وضباطها في الخندق نفسه مع الشعب، والضغوط الاقتصادية تصيبهم هم أيضاً مثل بقية أبناء الشعب، ولكن عليهم أن يحموا المجلس ويمنعوا المتظاهرين من الدخول، لأن بعض المشاغبين يمكن أن يكونوا مندسين بينهم».