اقتصاديات «المونديال»... إيرادات بالمليارات ورهانات على المستقبل
• البرازيل حققت نجاحاً نسبياً من تنظيم البطولة السابقة لم تحققه جنوب إفريقيا
• تكاليف استضافة المونديال شهدت نمواً قوياً مع بداية الألفية بدخولها خانة المليارات
التحدي الحقيقي في مرحلة ما بعد المونديال يتمثل في مدى استمرارية الإيجابيات المرتقبة خلال السنوات القادمة خصوصاً أن الجانب الأكبر من الإنفاق يتعلق بالبنى التحتية، لا في الملاعب والمنشآت الرياضية فقط، بل في خطوط النقل والمواصلات وتطوير منظومة الأمن والاتصالات أيضاً أي أنه استثمار طويل الأجل.
مع كل يوم تتصاعد فيه حدة المنافسة في بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2018 المقامة حاليا في روسيا، يترقب وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف مزيدا من الايرادات والعوائد المرتقبة لاقتصاد بلاده الذي يراهن على المونديال لتغطية مصروفات التنظيم فضلا عن الاستفادة الاقتصادية القصوى من مرحلة ما بعد انتهاء البطولة في مجالات متنوعة تتعلق بقطاعات السياحة والطيران والفندقة وغيرها التي من المتوقع ان تنعكس ايجابا على الناتج القومي الروسي بنمو سنوي يناهز 11% خلال 10 سنوات قادمة مقارنة بالعام الحالي... ناهيك عن الترويج لروسيا كقوة عالمية في السياسة والرياضة والاقتصاد.فروسيا التي انفقت على تنظيم المونديال نحو 14 مليار دولار وهو مستوى انفاق يماثل ما انفقته البرازيل على مونديال 2014 ويعادل نحو 3 اضعاف ما انفقته جنوب افريقيا على مونديال 2010، تراهن على عوائد ضخمة جدا لعام 2018 تصل الى 100 في المئة من انفاقها اي 28 مليار دولار تأتي لصالح الاقتصاد على شكل تدفقات نقدية وضرائب وفرص عمل لا سيما في الفنادق والضيافة والمطارات وقطاعات النقل والتجزئة والاغذية والدعاية وغيرها وسط توقعات بأن كل سائح أجنبي سيحضر المونديال سيساهم في خلق 4 الى 6 فرص عمل مع اعتبار ان انفاق الدولة الروسية لدولار واحد سيجني 3 دولارات في المقابل حسب استطلاعات شركات السياحة الروسية.
تكاليف متنامية
اللافت ان تكاليف استضافة المونديال شهدت نموا قويا مع بداية الالفية بدخولها خانة المليارات، اذ ان الانفاق على بطولتي كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة وفرنسا 1998 لم يتجاوز حجم انفاقهما 360 مليون دولار للبطولة الواحدة ثم تضاعفت تكاليف تنظيم كأس العالم في 2002، في كوريا الجنوبية واليابان إلى نحو 5 مليارات دولار وصعدت الى 6 مليارات دولار في المانيا 2006 ثم تراجعت الى 3.5 مليارات في جنوب افريقيا 2010 قبل ان تقفز الى 13.7 مليار دولار في البرازيل 2014 وتستقر عند 14 مليار دولار لمونديال روسيا مع توقعات بإنفاق قياسي لمونديال قطر 2022 ربما يصل الى 200 مليار دولار!اقتصاديات المونديال
غير ان ما يعرف بـ «اقتصاديات المونديال» ليس ببساطة انفاق التنظيم وترقب ايرادات البطولة فالمسألة فيها قدر معين من التعقيد اذ ان استقبال سياح ومشجعين تجاوزوا 2.5 مليون شخص مع انطلاقة المونديال الحالي - في البرازيل 2014 انطلقت بـ 4 ملايين شخص وفي جنوب افريقيا 1.8 مليون شخص - لا شك سينعش مختلف اوجه النشاط الاقتصادي والتجاري في اي بلد بالعالم غير ان التحدي الحقيقي في مدى استمرارية الايجابيات المرتقبة خلال السنوات القادمة خصوصا ان الجانب الاكبر من الانفاق يتعلق بالبنى التحتية لا في الملاعب والمنشآت الرياضية فقط، بل في خطوط النقل والمواصلات وتطوير منظومة الأمن والاتصالات أيضاً، أي انه استثمار طويل الأجل يتطلب نجاحات أولا في قطاعات السياحة المتعددة فضلا عن تعريف العالم بمن فيهم المستثمرون بروسيا والفرص فيها... وهو الامر الذي لم تنجح فيه العديد من الدول التي نظمت بطولات عالمية كالمونديال.نجاح نسبي
فالبرازيل حققت نجاحا نسبيا من تنظيم المونديال فيما لم تحققه فيه جنوب افريقيا، اذ ان مونديال 2014 جلب للاقتصاد البرازيلي ايرادات وعوائد وفرص عمل شكلت قيمتها الاجمالية 70 مليار دولار في عام واحد وسرعان ما تغلبت على التضخم الذي تصاعد مع تنظيم المونديال لا سيما في أسعار المواد الاستهلاكية والعقارات ليحافظ على مستوياته دون 3 في المئة لكن معدل البطالة تصاعد من 7.8 في المئة عام 2012 الى 12.4 في المئة نهاية 2017 كما حقق الناتج المحلي الإجمالي في البرازيل نموا بـ 1% خلال عام 2017 بأكمله، بعد انكماش نسبته 3.5% في كل من العامين السابقين له مع توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يسجل اقتصاد البرازيل نمواً بنحو 2.2% في العام 2018 و2.4% في عام 2019 وهو أقل من توقعات الحكومة البالغة 3% للعامين.استفادة محدودة
اما جنوب افريقيا فلم تكن استفادتها كبيرة فهي انفقت ما يعادل 3.5 مليارات دولار لتنظيم البطولة وحصدت عوائد مماثلة اما على صعيد الاقتصاد فنما التضخم بما يعادل 10.9 في المئة خلال فعاليات البطولة وهو ما يفوق كثيرا هدف الحكومة البالغ 6 في المئة ولم يستقر دون هذا المعدل الا مطلع العام الحالي بعد سياسات اصلاحية للقطاعات الصناعية اما على صعيد البطالة فالمونديال الذي وفر 50 ألف فرصة عمل وقتذاك مقابل 220 الف فرصة لمونديال روسيا لم ينجح ابدا في الحد من تصاعد معدل البطالة الوطني البالغ 27.7 في المئة وعلى مستوى الناتج المحلي الإجمالي فظل متأرجحا بين النمو والتراجع خلال 8 سنوات متربطا بعوامل اقتصادية داخلية.مكاسب الفيفا
الاكثر كسبا في كأس العالم هو الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» الذي من المتوقع ان يحقق إيرادات بـ 5.6 مليارات دولار بتراجع 1% عن ايراداته في مونديال البرازيل نتيجة لعدم تأهل منتخبات ذات جماهيرية عالية كإيطاليا واميركا وهولندا... وتجني الفيفا أرباحها من عدة طرق منها بيع حقوق البث التلفزيوني وحقوق التسويق بالإضافة إلى التراخيص و بيع التذاكر.تحديات
بالنسبة لروسيا فإن الايرادات تبدو جيدة وتفاعل السياح والمشجعين يتصاعد وحتى مستويات البطالة 4.7% والتضخم 2.18% مستقرة في حدودها الطبيعية والتحدي الحقيقي في كيفية جعل كأس العالم اداة اقتصادية ناجحة تفتح فرصا للاستثمار والسياحة في المستقبل.
الأكثر كسباً في كأس العالم هو «فيفا» الذي من المتوقع أن يحقق إيرادات بـ 5.6 مليارات دولار
رهان على تدفقات نقدية وضرائب وفرص عمل لا سيما في الفنادق والضيافة والمطارات وقطاعات النقل والتجزئة والأغذية والدعاية
رهان على تدفقات نقدية وضرائب وفرص عمل لا سيما في الفنادق والضيافة والمطارات وقطاعات النقل والتجزئة والأغذية والدعاية