«بابٌ موارب» للشاعرة الإيرانية مريم حيدري... سيرة مدن عابقة بالتراث

نشر في 29-06-2018
آخر تحديث 29-06-2018 | 00:00
No Image Caption
«بابٌ موارب» مجموعة شعرية جديدة للشاعرة الإيرانية مريم حيدري، صدرت في 80 صفحة من القطع الوسط، ضمن مجموعة «براءات» التي تصدرها «منشورات المتوسط» في إيطاليا وتنتصر فيها للشعر والقصة القصيرة والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية. تكمن أهمية حيدري في أنها صورت في شعرها الواقع بعمق استمدته من ثقافتها التي جمعت فيها خلاصة قراءاتها لأهم الشعراء العرب، وتأثيرها بالطبع بشعراء بلادها.
تتعمَّدُ مريم حيدري في لعبةٍ شعرية مُحكمة، تركَ الباب موارباً، في إحالةٍ على عالمٍ غامضٍ يتكشَّف شيئاً فشيئاً بالكلمات، كما لو أنَّ الشاعرة هنا، تحمل كلماتِها كفانوس يزيحُ الظُّلمة عن الدروبِ والطرقِ الصغيرة، عن المدنِ والحارات، عن البيوتِ والغرف، بين الأصدقاء وظلال الغرباء، وخلفَ الأشياء الحميمة التي تؤثّثُ القصائد.

هكذا، تروي حيدري في «بابٌ موارب» سيرةَ الأماكنِ التي نسافرُ إليها ونتركُ أثرَ عابري السبيل، تتعدَّدُ المدن تحت سماءٍ واحدة، من الأهواز، إلى بغداد، إلى الجزائر، إلى كابول، وطهران. حيثُ ترسمُ الشاعرة خارطة عالمٍ نكتشفُ تفاصيله، بخلفيةِ موسيقى فارسية وجرأةِ امرأةٍ تدينُ بالحب أنّى توجّهت ركائبه.

تقول في أولى قصائدها: الوقتُ مُبَكّرٌ لِلسَّرابِ/ ولِلوَهمِ أن يَأتي بِأسبابٍ بَسِيطةٍ،/ ليَدخُلَ البَيتَ/ الشَّمسُ غَيمةٌ نَاصِعَة/ والضَّوءُ ظِلَالُ الشَّبَقِ عَلَى الصَّباح/ وحَقيبةُ السَّفرِ قَريَةٌ هَادِئَة.

خيط الحب الشائك

تتميَّز لغة مريم حيدري الشعرية، بانسيابية لا تخلو من الحفر العميق في متونِ نصوص مقدَّسة واستلهام الصور والمشاهد المتعدِّدة داخل النص الواحدِ من كتبِ التراث، أو إعادة تدوير الأساطير واختراقها، للخروجِ بقصيدةٍ خاصّة، تحملُ مواصفات الاشتغال الواعي والمرونة في تجاوزِ الكتابة المباشرة، نحو فضاء أرحب للّغة، والتشبيهات الذكية بقصدِ التقاط الشِّعري في الحواس، وعناصر الطبيعة والأشياء اليومية.

في قصيدة «منطِق الطَّير» كتبت: الطُّرُقُ شَظَايَا مُهْمَلَةٌ/ الجُسُورُ أَقْوَاسٌ يَائِسَةٌ/ السَّرَابُ شَاحِبٌ/ وَأَنَا نِصْفِي حِصَانٌ مُسَرَّج/ وَنِصْفِي صُخُورٌ صَامِتَةٌ.

تمضي مريم حيدري من خلالِ 47 قصيدة، في تتبِّع خيط الحب الشائك، ولا يهمُّها المآلُ، وهي التي تملكُ جسداً يتمرَّدُ على الغياب، وروحاً تطمحُ أن تصيرَ جسداً، في مرآة الحياة الضخمة، المعلَّقة على جدار العالمِ كبوابةٍ للزمن، تعبرُ من خلالها الشاعرة بحقيبةٍ صغيرة، نجدُ فيها الكثير من الكتب، والمساءات الكئيبة، والأجراس والفراشات.

في سطور

مريم حيدري شاعرة ومترجمة إيرانية، مواليد 1984 في الأهواز- إيران. ترجمت الكثير من الشعراء والكتاب الإيرانيين والأفغان إلى العربية، كذلك ترجمت شعراء وكتاباً عرباً إلى الفارسية، نذكر منها: «رد بروانه»، ترجمة «أثر الفراشة» لمحمود درويش (2010). «طيور بلا أجنحة»، ترجمة مختارات شعرية للشاعر الإيراني أحمد رضا أحمدي إلى العربية (2011). «جهان وجهانكردان» ترجمة مقالات عن الرحالة العرب والمسلمين (2010). «شموس الروح» مختارات من الشعر الفارسي الحديث (2014).

عن «منشورات المتوسط» ومركز «ارتياد الآفاق» صدر لها كتاب: «مذكرات تاج السلطنة»، ترجمة إلى العربية (2018). وعنه حازت جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في فرع الترجمة لعام (2018-2017). كذلك تكتب مقالات في صحف ومجلات ثقافية عربية.

تمضي مريم حيدري من خلالِ 47 قصيدة في تتبِّع خيط الحب الشائك ولا يهمُّها المآلُ
back to top