للعالم الثالث مع التحية
شخصياً لا أؤمن بأن هناك دولة فقيرة في مواردها البشرية والمادية وأن من يتخلف عن ركب الحضارة في زمن توافر المعلومة والتجربة ينطبق عليه المثل «جنت على نفسها براقش» فطريق الإصلاح واضح وآليات التنمية معروفة والتجارب الناجحة معروضة على الجميع.
![أ. د. فيصل الشريفي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/93_1682431901.jpg)
مشكلة بعض دول العالم الثالث الجهل المركب بتخلف حكوماتها عن رسمها سياسات الشراكة المجتمعية القائمة على حفظ الحقوق وتكامل الفرص والاهتمام بتطوير الطاقات البشرية ضمن رؤى اقتصادية تحدد فيها ملامح الهوية الاقتصادية كهدف استراتيجي تسخر له الطاقات السياسية والتنظيمية والمادية بالشكل الصحيح. ما يقلق ويجعل الأمر يزداد سوءاً بين بعض دول منطقتنا العربية والإسلامية يمكن اختزاله في غياب منهجية اختيار القيادات الحكومية، مما أدى إلى انتشار الفساد الإداري والمالي مع تغييب الرقابة الشعبية الفاعلة عن عمد، ناهيك عن نظام المحاصصة والمحسوبية المستشري والذي قضى على كل ما تبقى من الديمقراطية التي لم نعرف منها إلا القشور.غياب الحلول الاقتصادية يختزل كل أنواع الفساد، فإذا أردت معرفة قيمة أي دولة عالمياً فما عليك سوى مراجعة دخلها القومي، فإن وجدت بند المصروفات يفوق بند الإيرادات، فاعرف أن هذه الدولة ليست نامية بل نائمة، وأن التعليم والصحة ورفاهية العيش والعدالة الاجتماعية والحريات في ذيل القائمة.مجمل الحلول الاقتصادية التي تلجأ إليها الحكومات الضعيفة لا تخرج عن جيب المواطن، وتدور في فلك زيادة نسبة الضرائب المباشرة وغير المباشرة أو من خلال تعويم العملة أو المساعدات والقروض الخارجية لتظل الشعوب تعيش دوامة الفقر والعوز.قد يقول البعض إن نظام الضرائب معمول فيه بالدول المتقدمة، لكنهم يغفلون عن بيان المنظومة الاقتصادية المتكاملة التي تنتهجها تلك الحكومات، وعن الفهم الحقيقي في ترشيد الإنفاق والرقابة الصارمة، ولا تفرق بين مسؤول كبير ومواطن عادي، فلا أحد فوق القانون، فكم من وزير ونائب ومسؤول جرد منصبه بسبب شبه منفعة أو استغلال للمال العام. إن عرف السبب بطل العجب، والخلاصة الشعوب ستبقى تعاني الفقر والعوز مادامت الحكومات وحاشيتها يتنقلون بطائرات خاصة، وأرصدتهم في البنوك بالملايين، فأي عالم نتحدث عنه الثالث أم السارق؟ والفاتحة على روح الدول النامية. ودمتم سالمين.