أخصك أخي المقيم برسالتي هذه، لعلها تجبر شيئاً بخاطرك المكسور، وعسى أن توقظ فيك أملاً بوجود الخير ومن يقف بصفك على هذه الأرض. أعلم أن مصادفة من يهتم بشأنك ويقدر قيمتك كإنسان قد تقلصت كثيراً في السنوات الأخيرة، لكنني أحب أن أقول لك إننا ما زلنا موجودين رغم الأنفاس العنصرية، وندعو الله أن يرفع عنّا غمامة العنصرية السوداء تلك والتي طال مكوثها فوق رؤوسنا وحجبها لشمس الإنسانية.أود أن أعتذر لك– شقيقي في الإنسانية- عن الكثير الكثير من القبح الذي تشهده في حياتك اليومية في الكويت، بِتُّ أكره استخدام كلمة «وافد» لوصفك، فأنت مقيمٌ «منا وفينا»، تقضي أجمل سنوات عمرك معنا على هذه الأرض، وأيضاً بدأت أرفض استخدامها لدلالتها التي أصبحت سلبية في السنوات الأخيرة. نعم، أعتذر وكلي خزي من هذه الانتهاكات التي تحدث كل يوم دون أن تحرك ساكناً، فقد أصبحت شيئاً عادياً، بل يرى بعض أبناء جلدتي أنها مجرد إجراءات «تأديبية» تستحقها كي تلزم حدودك!
أعتذر عن كل صفعة تم استقبالك بها «لكسر شوكتك» أو لإخطارك بأنك ارتكبت خطأً ما، أعتذر عن كل الشتائم والصراخ الذي تتعرض له بشكل شبه يومي، فيتآكل شيءٌ ما بداخلك.أعتذر عن جميع الأوهام والوعود الكاذبة التي تم استقدامك لأجلها هنا، أعتذر عن الواقع المرير الذي وجدت نفسك حبيسه دون مخرج، أعتذر عن الغرفة الضيقة والحمام اللذين يشاركك فيهما 10 عمال آخرين، أعتذر عن صندوق السيارة الخلفي الذي تُحشر به كالمتاع، أعتذر عن الرواتب التي لم تستلمها لعدة أشهر- والتي هي متواضعة بقيمتها أصلاً- فلا تجد قوت يومك إلا من مكارم أهل الخير.أعتذر عن كل السخرية والاستهزاء اللذين ينغصان عليك فرحة أيام إجازتك المحدودة، أعتذر عمن يستكثر عليك البهجة وارتياد الأماكن الترفيهية ذاتها.أعتذر عن أيدي التحرش القبيحة التي تستبيح كرامتكِ وسط صمت عارم وتكتم غريب، أعتذر عن كل الكسور والجروح والكدمات وآثار التعذيب، أعتذر عن حالة الإنكار الشديدة التي نعيشها، نحن- المواطنين- على الرغم من كثرة الدراسات والإحصائيات المخيفة التي يندى لها الجبين، أعتذر عن أصابع اللوم التي بات يوجهها المجتمع لك، فيتهمونك بأنك «تزاحمهم» وهم من أتوا بك إلى هنا، أعتذر عن قسوة الظروف واستحالة العيش الذي دفعت ببعضكم إلى الإلقاء بنفسه إلى الهاوية. الحوار العنصري المُسيّس لم يظهر فجأةً فهو انعكاس لنا، ولنا يدٌ فيه، بالإضافة إلى العديد من العوامل الخارجية. فلقد أصيب الشعب الكويتي بصدمة مؤلمة بعد الغزو العراقي زعزعت الثقة بالجار، وأصبحت الوحدة العربية بعدها مجرد وهم مرير، فأصبح الخوف وقود العنصرية، ثم أتت الموجة الريعية واستقدام الكم الهائل من العمالة الهامشية، فتفشت بعد ذلك الأجواء العنصرية الخانقة.أعتذر وأعتذر، ولا يسعني الاعتذار! فلا مبرر ولا أعذار.
مقالات - اضافات
رسالة اعتذار
29-06-2018