ربما أنه مستغرب، ويثير ألف سؤال وسؤال، أن تتوسط إسرائيل لدى قبرص، الحكومة القبرصية، لمد خط بحري من "ليماسول"، أو إحدى مدنها الشاطئية الأخرى، إلى غزة، التي تديرها حركة حماس وتسيطر عليها، وهذا يعني ومهما أحسنا الظن أن ما بين هذه الحركة، التي تملأ الدنيا صراخاً جهادياً، وبين الإسرائيليين ليس ما صنع الحداد، بل غرام سياسي، لا يمكن إلا أن يكون استهدافاً للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية!ولعل ما يؤكد أن بين حركة حماس وإسرائيل أسراراً كثيرة، رغم كل هذا "الشجار" المعلن، هو أن هذه الحركة لم ترفض العروض الإسرائيلية وغير الإسرائيلية بإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة في قطاع غزة، مع إضافة جزء من سيناء المجاورة المحتلة من قبل الإسرائيليين منذ عام 1948 إليه، وهذا قد قيل الكثير عنه، وخاصة في الفترة الأخيرة.
لقد ظلت حركة حماس، منذ تأسيسها عام 1987، متخلفة عن المسيرة النضالية الفلسطينية، مسيرة الكفاح المسلح، زهاء 22 عاماً، ترفض الانضمام إلى منظمة التحرير، والمعروف أنها حتى بعد مشاركتها في السلطة الوطنية، وبعد أن أصبحت حكومة هذه السلطة حكومتها، قامت بذلك الانقلاب العسكري الدموي عام 2007 على "أبومازن" وعلى حركة فتح، وبقيت تنفرد بالسيطرة على قطاع غزة منذ ذلك الحين وحتى الآن.وحقيقة إنه لا دخان بلا نار، كما يقال، فهناك مخاوف كثيرة من أن "صفقة القرن" هذه، التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد تقتصر على قطاع غزة، وهذا ما بقي يطرحه الإسرائيليون ويسعون إليه، وما بقيت تندد به منظمة التحرير ومعها حركة فتح، وباقي الأطر الرسمية الفلسطينية، وعلى رأسها كلها محمود عباس (أبومازن).قد يقول البعض، ولكن المعروف أن حركة حماس، التي توجَّه إليها كل هذه الاتهامات، قد بقيت في صدام عسكري مع الإسرائيليين أشده ما جرى في الفترات الأخيرة، "إن هذا هو أصول اللعبة"، وإن هذه الحركة قد لجأت إلى كل هذا التصعيد لتنتزع "الشرعية" الفلسطينية من محمود عباس (أبومازن) ومن منظمة التحرير وحركة فتح والسلطة الوطنية، ولعل ما يؤكد أن في هذا الكثير من الصحة هو مبادرة إسرائيل هذه بالطلب من قبرص مد خط بحري إلى غزة، وأن الأميركيين بدورهم باتوا يتحدثون ببعض الإيجابية عن "القطاع" وضرورة دعمه، رغم أن الهيمنة عليه لا تزال هي هذه الهيمنة الحالية!
أخر كلام
ما بين «حماس» وإسرائيل!
29-06-2018