رغم ما يتردد كثيرا عن الفصل بين الرياضة والسياسة، قد يكون اللقاء، أمس الأول، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والسويسري جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) أبلغ من أي كلمة تقال عن صعوبة فصل الرياضة عن السياسة.

وشهدت الساحة الحمراء في العاصمة الروسية (موسكو)، أمس الأول، اللقاء بين بوتين وإنفانتينو من أجل ممارسة كرة القدم الترفيهية على هامش بطولة كأس العالم 2018 المقامة حاليا في روسيا.

Ad

ودخل بوتين إلى المتنزه الذي أقيم حديثا لتبادل تسديد ركلات الترجيح مع إنفانتينو أمام حارس مرمى كرتوني.

كما التقطت صور تذكارية لبوتين وإنفانتينو مع أساطير كرة القدم الألماني لوثر ماتيوس والبرازيلي رونالدو وعدد من النجوم الآخرين، مثل: حارس المرمى الإسباني إيكر كاسياس، ومواطنه المدافع السابق كارلوس بويول، ونجم كرة القدم الروسي السابق أليكسي سميرتن، سفير المونديال الروسي الحالي، أمام كاتدرائية سانت باسيل الشهيرة.

وتم بث كل فعاليات اللقاء بعدها بوقت قليل على القناة الأولى بالتلفزيون الروسي.

ومثلما تلطخت سمعة أولمبياد سوتشي 2014 الشتوي بحجم الإنفاق الهائل على استضافته، والذي بلغ 50 مليار دولار وفضيحة المنشطات الروسية، يبدو المونديال الحالي محاصرا بكبرياء بوتين وروسيا.

وكان عشرات الآلاف من المشجعين الزائرين احتفلوا في الـ11 مدينة المضيفة لفعاليات المونديال الحالي دون إثارة أي مشاكل حقيقية.

كما لم يكن لدى المنتخبات المشاركة في المونديال أي شكاوى كبيرة، وجاء تأهل المنتخب الروسي صاحب الأرض إلى الدور الثاني (دور الـ16) ليصب في مصلحة النجاح الجماهيري للبطولة، وكذلك كبرياء روسيا وبوتين.

ولم يكن لدى إنفانتينو سوى الإشادة بالبطولة خلال زيارته للساحة الحمراء، وعلَّق: "جميلة، رائعة احتفالات هائلة، مباريات عظيمة وتنظيم متكامل وبلد مضياف"، وهو ما لاقى إعجابا من بوتين.

وكان بوتين وإنفانتينو تبادلا الإشادة ببعضهما البعض أيضا خلال اجتماع الجمعية العمومية (كونغرس) الفيفا في 13 الجاري، عشية افتتاح المونديال الروسي.

كذلك، كان واضحا أن الرئيس الروسي لاقى استقبالا حارا في الاستاد خلال حفل الافتتاح في اليوم التالي، على عكس صافرات وهتافات الاستهجان ضد ديلما روسيف رئيسة البرازيل السابقة قبل أربع سنوات في افتتاح مونديال 2014 بالبرازيل.

لكن الانتقادات الموجهة لسياسة روسيا العسكرية في الحرب الأهلية بسورية، وكذلك واقعة تسميم العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبل وابنته في بريطانيا أدت أيضا إلى غياب زعماء وقادة أوروبا الغربية وأميركا الشمالية عن حضور حفل الافتتاح على استاد لوجنيكي في العاصمة الروسية (موسكو).

ورغم هذا، حضر كل من العاهل البلجيكي الملك فيليب، والرئيس السويسري ألان بيرسيت، مباريات لمنتخبي بلديهما في البطولة، كما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيسافر إلى روسيا لتشجيع منتخب بلاده حال وصل الفريق إلى المربع الذهبي للبطولة.

وفي العالم المثالي لكرة القدم، لابد من الفصل بين اللعبة والسياسة. لكن هذا لا يحدث، لأن الرياضة تحتاج إلى رجال السياسة الذين يستغلونها في المقابل لتعزيز كبريائهم ومكانتهم.

وكانت المستشارة الألمانية التقطت صورة مع نجم المنتخب الألماني مسعود أوزيل عاري الصدر داخل غرف تغيير ملابس المنتخب الألماني، كما تورط نفس اللاعب في مسألة لقائه وزميله بالمنتخب إلكاي جيوندوغان بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

كما أثار ماتيوس الجدل بالظهور في حدث خيري مع الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، الذي اتهمه الناشطون في مجال حقوق الإنسان باللجوء للتعذيب والقتل.

كما أثار اختيار المنتخب المصري، الذي يلعب له النجم الشهير محمد صلاح لاعب ليفربول الإنكليزي، لغروزني عاصمة الشيشان كمقر لمعسكره خلال المشاركة في بطولة كأس العالم بروسيا دهشة كبيرة.

وثار الجدل السياسي والاجتماعي بشأن وقائع داخل أرض الملعب، مثل: واقعة احتفال غرانيت تشاكا وشيردان شاكيري لاعبي المنتخب السويسري، واللذين ينتميان لأصول من كوسوفو، المثيرة للجدل بطريقة تمثيل رمز النسر الطائر خلال مباراة الفريق أمام صربيا، والتي أثارت غضب الجماهير الصربية، حيث تعد الإيماءة رمزا لشعار الحركة الألبانية ضد صربيا خلال حرب دول البلقان. وفرض الفيفا غرامة مالية على اللاعبين.

ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث تلقى إنفانتينو سؤالا عن دور الرئيس الأميركي دونالد ترامب في جذب حق استضافة بطولة كأس العالم 2026 إلى الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.

وطرح هذا السؤال على إنفانتينو بعد دقائق من عملية التصويت على ملف استضافة مونديال 2026 في 13 الجاري لمصلحة التنظيم المشترك الثلاثي ضد الملف المغربي.