من دون "شخصنة" الموضوع، وإبرازه وكأنه صراع في قضية إدارية ونزاع بين شخصين هما الوزير الجبري والشيخ محمد اليوسف في الهيئة العامة للزراعة، وبالتالي يغيب جوهر ولب القضية، وهي قضية واحدة من آلاف قضايا الفساد في الدولة وفي معظم إداراتها، وهي قضية قمع وإبعاد كل من يحاول ويجتهد (ولو على قد الحال) أن يصلح من أمور إدارته. هذا نهج السلطة وهذه سيرتها منذ زمن قديم لم يطرأ عليها جديد، رغم كل ثرثرة أصحاب السلطة عن عزمهم محاربة الفساد وإقرارهم به، بقصد إيهام الناس وإقناعهم بجديتهم في محاربة الفساد، وبالتالي على الجمهور تصديقهم بحسن نياتهم وتناسي تاريخهم، هذا غير ممكن ويستحيل أن يحدث، فهم لا يمكن أن يغيروا جلودهم، ولا أن يبدلوا أرواحهم، الفساد جزء أصيل من تركيبتهم الشخصية وثقافتهم الريعية، فلنكف عن النفخ في القرب المقطوعة.الذي حدث قبل أيام أن محمد اليوسف دخل عش الدبابير في هيئة الزراعة، ورأى أن الهيئة بممارسة بعض رموز الفساد فيها تعطي زيادة أراض للزراعة على غير حكم قانونها، فإذا كان لا يجوز منح زيادة الأرض الزراعية إلا إذا زرع صاحبها أكثر من 75 في المئة منها، إلا أن الجماعة في الهيئة منحوا زيادات لجماعاتهم وربعهم رغم أن مزارعهم "بحاصة" - تراب وهباب - لم يزرعوا إنشاً واحداً فيها، وحين شكل اليوسف لجنة خاصة تبحث في تلك التجاوزات، وطلب إحضار ملفات التجاوز هذه، سارعت "نائبة المدير" بتقديم كتاب للوزير الجبري تشتكي وتقول فيه إنها ترفع يدها من الموضوع! وكأن رئيس الهيئة يدمر ويخرب ملفات الهيئة، ولا يحاول أن يكشف عن "سواد الوجه" ومواطن الزلل فيها... الوزير الجبري من ناحيته بطل القصة، الذي تصور أن اختصاصات رئيس الهيئة هي مجرد "صلاحيات" تفويضية منه، وليست اختصاصات وواجبات مستمدة من صلب القانون واللوائح، قام وأصدر وزير ثقافة "جلال الدين الرومي" قراراً سلطانياً بسلب معظم اختصاصات محمد اليوسف الرئيسية وتجميدها، وكأن هيئة الزراعة مزرعة خاصة للوزير ورثها عن أهله، وليست هيئة حكومية عامة يفترض أنها تحكم بالقوانين واللوائح المنظمة لها.
ماذا يمكن لمحمد اليوسف أن يعمل سواء بالطعن في عدم شرعية قرارات الوزير أمام المحكمة الإدارية، والتي كانت بسلب اختصاصاته، أو حين عين الوزير المحلل موظفاً متقاعداً من "البلدية التي ما يشيل فسادها البعارين" بهيئة الزراعة برتبة وكيل وزارة مساعد نتيجة لا اكتراث ومجاملة سياسية مخجلة من وزيرين آخرين (حسام الرومي وأنس الصالح) ودون البحث في الملفات الخاصة بهذا الموظف السعيد الحظ، فهذا شأن محمد اليوسف وقناعاته، ما يهم الآن، هو السؤال الذي يطرح نفسه كل مرة ودون جواب: ماذا ستفعل يا رئيس الحكومة مع هؤلاء الوزراء؟ أمامك "نموذج" حي لعش الدبابير في هيئة الزراعة، رغم أن أعشاش الدبابير ليس لها أول ولا آخر في مؤسسات الدولة، فماذا ستصنع سموك؟! أليس أنت من قلت في يوم ما إن "أغلبية القيادات الإدارية لم تأت من كفاءة وإنما بالواسطة"! هنا نذكر سموك بتلك العبارة.
أخر كلام
ماذا ستفعل سموك مع أعشاش الدبابير؟
01-07-2018