امتدت الاحتجاجات والاضطرابات التي شهدتها مدينة خرمشهر بجنوب غرب إيران، أمس الأول، إلى عدة مدن بمحافظة خوزستان التي تسكنها عشائر عربية، رغم محاولة الأجهزة الأمنية تفادي الصدامات مع المتظاهرين الغاضبين، خشية تمرد عشائر المنطقة التي تعاني انقطاع ونقص مياه الشرب منذ أسابيع.

ولم يفلح إعلان وزارة الطاقة أنها استطاعت تغذية شبكة المياه في خرمشهر بمياه صافية بعد انخفاض نسبة تكلس مياه الكارون بخرمشهر في تهدئة الاحتجاجات والاشتباكات بالمدينة، وامتدت الاضطرابات إلى بقية مدن خوزستان، خاصة عاصمة المحافظة الأهواز ومدن ماهشهر وعبادان.

Ad

وأفاد شهود عيان بأن الأجهزة الأمنية اضطرت مساء أمس الأول وصباح أمس، إلى استخدام قنابل مسيلة للدموع وإطلاق رصاص حي ومطاطي بشكل عشوائي باتجاه المتظاهرين لتفريقهم، وسيّرت عناصر من "الحرس الثوري" و"الباسيج" دوريات مسلحة في الشوارع لمنع تجول المواطنين ليلا، ونصبت حواجز أمنية في معظم الطرق، وقامت بتفتيش السيارات كي تبطئ حركة السير ولا يستطيع المواطنون التجمع في الساحات الكبرى، خاصة بالأهواز وماهشهر، لكنها لم تنجح، حيث تجمع آلاف بميادين مدن الأهواز وماهشهر وسربلند، في حين شهدت خرمشهر أجواء مشابهة لفرض الأحكام العسكرية.

احتراز واشتباك

وذكرت مصادر في خوزستان أن الأجهزة الأمنية شنت حملة مداهمات على منازل نشطاء عرب في الأهواز، واعتقلت مئة وعشرين منهم احترازيا، بعد نزول آلاف الشباب العرب واشتباكهم مع الأجهزة الأمنية بالشوارع.

وأفادت المصادر بلجوء بعض الشبان العرب إلى حمل السلاح والرد بالنار على الأجهزة الأمنية لأول مرة، الأمر الذي أدى إلى مكوث العناصر الأمنية بمقارها خلال الليل انتظارا للصباح حتى تصل إمدادات من المحافظات القريبة للسيطرة على شوارع الأهواز وماهشهر مجددا.

وسقط جرحى من الجانبين زاد عددهم على الـ50، وصرح المساعد الأمني لوزير الداخلية حسين ذوالفقاري بأن 10 عناصر أمنية جرحوا، وتم اعتقال أحد المسلحين الذين قاموا بإطلاق النار على الشرطة في الأهواز.

وأكد الفعالون العرب أن الأجهزة الأمنية بدأت غارات مكثفة على منازل الفعالين العرب صباح يوم الاثنين، للعثور على جرحى الحوادث والأسلحة، واعتقلت عددا كبيرا من الشبان العرب وصادرت أجهزة هواتفهم وكمبيوتراتهم للتحقيق معهم إذا ما كانوا قد شاركوا في الاحتجاجات أم لا.

مقايضة ومقترحات

وفي وقت تتزايد فيه رقعة الاضطرابات والغضب الشعبي جراء التراجع الاقتصادي مع قرب عودة العقوبات الاقتصادية الأميركية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، غادر الرئيس الإيراني حسن روحاني طهران، أمس، متوجها إلى سويسرا والنمسا في مسعى لحشد دعم أوروبي للاتفاق الذي بات بقاؤه في مهب الريح.

وقال روحاني في مطار "مهر اباد" في طهران قبل مغادرته إلى سويسرا التي تمثل المصالح الأميركية في إيران، نظرا لغياب العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وطهران، إن الرحلة ستكون "مناسَبة للبحث في مستقبل الاتفاق"، ومناقشة رزمة مقترحات أوروبية تقدم حلولا وتصورات بشأن التعاون بين إيران والدول الأوروبية.

وتأتي الزيارة بعد نحو شهرين من انسحاب الرئيس دونالد ترامب بشكل أحادي من الاتفاق، في خطوة أثارت حفيظة بقية الدول الموقعة، الصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا، والتي واصلت دعم الاتفاق إلى جانب الاتحاد الأوروبي.

في غضون ذلك، قال نائب رئيس الجمهورية إسحاق جهانغيري: "إن الحكومة الإيرانية لديها خطة لمواجهة الحظر الأميركي المفروض، بما فيها استيراد السلع عبر عمليات مقايضة مع الدول الأخرى".

وطالب جهانغيري بتشكيل لجنة مقايضة مع الدول الأخرى تتكون من وزارات النفط والصناعة والمناجم والتجارة والخارجية والشؤون الاقتصادية والمالية والزراعة. وأعلن تكليف الوزارات رفع تقارير عن عمليات مقايضة السلع الأساسية التي تحتاج إليها البلاد، في خطوة لمواجهة العقوبات الخانقة التي يتوقع أن يكتمل تطبيقها بحلول نوفمبر المقبل.

تهديد واعتداء

وفي موازاة ذلك، هدد قائد مقر "خاتم الأنبياء" التابع لـ "الحرس الثوري" اللواء غلام علي رشيد أن القوات المسلحة الإيرانية سترد على أي تهديد من الجماعات الإرهابية والتكفيرية والأعمال الشريرة لما وصفه بـ "التحالف الإقليمي البغيض"، مشددا على أن الرد سيكون "حازما ومدمرا".

مخطط لتفجير مؤتمر باريس

على صعيد آخر، أعلن ممثلون للادعاء، أمس، أن السلطات البلجيكية اعتقلت شخصين يشتبه في تخطيطهما لشن هجوم بقنبلة على اجتماع في فرنسا لجماعة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة.

وأوقفت الشرطة البلجيكية المتهمين السبت الماضي وبحوزتهما 500 غرام من بيروكسيد الأسيتون، وهي مادة متفجرة يمكن صنعها منزليا من كيماويات متاحة. كما عثرت على جهاز تفجير في سيارتهما.

وأوقف ثلاثة أشخاص أمس بفرنسا، في سياق تحقيق حول مخطط اعتداء كان سيستهدف تجمع المعارضة الإيرانية.

وأوضح مصدر قضائي أن "التحقيقات تهدف إلى توضيح طبيعة العلاقات التي يمكن أن تربطهم بالمشتبه بهما اللذين أوقفا في بلجيكا" .

وعلى مدى ثلاثة أيام، ناقش "مؤتمر المقاومة الإيرانية" في باريس "آفاق التغيير في إيران"، حيث بحث سياسيون ومنظمات غير حكومية عربية وإيرانية خطر ميليشيات "الحرس الثوري" التي تتدخل في سورية والعراق واليمن وجنوب لبنان والبحرين.

فتور وتفاوض

في هذه الأثناء، وبينما تشهد العلاقات الروسية - الإيرانية خلافات حادة وانعداما للثقة بعدة ملفات، أکد المساعد الخاص لرئیس "مجلس الشوری"، حسین عبداللهیان، ضرورة عقد مفاوضات واضحة وشفافة مع موسكو.

وکتب عبداللهیان علی "تویتر": "في إطار المصالح الوطنیة یمكن التعاون مع روسیا برئاسة فلادیمیر بوتین. یجب عدم نسیان تجربة العمل المشترك في سوریة"، مضيفا "یجب التفاوض مع موسكو بصراحة وشفافیة وترجمة البرنامج المشترك في إطار مصالح الجانبین. لیتم تعاون متبادل لا یتعارض مع استقلال البلاد".