تمكنت السويد وسويسرا، بفضل الأداء الجماعي، وفي غياب أي نجم أوحد تقريبا، من تحقيق المفاجأة والوصول الى الدور ثمن النهائي لكأس العالم لكرة القدم في روسيا، حيث ستلتقيان اليوم في سان بطرسبورغ، بحثا عن مكان بين الثمانية الكبار.

وشكّل تأهل المنتخبين الى هذا الدور نوعا من المفاجأة: سويسرا حلت ثانية في المجموعة الخامسة خلف البرازيل، وتفوقت على المنتخب الصربي القوي، بينما تصدرت السويد المجموعة الخامسة التي شهدت تسجيل كبرى المفاجآت بخروج المنتخب الألماني حامل اللقب.

Ad

وكافحت كل من السويد وسويسرا بالأسلحة التي تمتلكانها: الكرات الطويلة والصلابة الدفاعيه للسويد، والأداء الجماعي الجيد لسويسرا.

وقد تأهل المنتخب السويدي الى ثمن النهائي، بعد فوزه المقنع على المكسيك بثلاثية نظيفة في مباراته الأخيرة ضمن المجموعة السادسة، بعدما كان استهل مشواره بفوز صعب على كوريا الجنوبية 1 - صفر، وخسر في الوقت القاتـــــل أمام ألمانـيـــــــا (1 - 2) بعدما استمر التعادل سيد الموقف حتى الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع.

ويحلم السويديون بتكرار إنجاز عام 1994، عندما وصل جيل توماس برولين ومارتن دالين والحارس توماس رافيلي الى نصف نهائي كأس العالم في الولايات المتحدة، وأنهاها في المركز الثالث. وربما لعب اعتزال المهاجم السويدي العملاق زلاتان إبراهيموفيتش دوليا في مصلحة المنتخب، فالجميع الآن يقاتل من أجل الجميع، مثل إميل فروسبرغ صاحب النزعة الهجومية، الذي يقوم بعمل كبير في الدفاع.

وقال الصحافي السويدي كريستوفر كارلسون لوكالة فرانس برس إن منتخب بلاده «يقدم أداء ممتازا كمجموعة حاليا، كما لم نشهده منذ عام 1994»، معتبرا أن التزامن بين اعتزال إبراهيموفيتش وتولي يانه أندرسون تدريب المنتخب كان «مثاليا».

وأضاف: «كل لاعب يوفر لتشكيلة أندرسون أفكارا حول العمل الجاد مع الآخرين، والجميع يحظى بوقت ممتع كمجموعة خارج الملعب أيضا».

الانضباط الاندفاعي لسويسرا

في المقابل، فرض الانضباط الاندفاعي لمنتخب سويسرا حضوره منذ البداية بتعادل ثمين 1 - 1 مع منتخب البرازيل أحد أبرز المرشحين للقب، ثم حقق فوزا لافتا على نجوم صربيا بهدفين لهدف، وضمن تأهله في الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة الخامسة بتعادل مع كوستاريكا (2 - 2).

وبلغت سويسرا ثمن النهائي للمرة الرابعة في آخر 5 مشاركات (بعد 1994 و2006 و2014 و2018)، علما بأن أفضل نتيجة لها تبقى بلوغ ربع النهائي ثلاث مرات (1934 و1938، و1954 على أرضها).

واعتبر المدافع السويسري يوهان دجورو أن السويد «فريق جيد جدا، قوي ومنظم وخطير في الكرات الثابتة. إنهم جيدون في المبارزات الثنائية».

وأضاف: «إيقاف السويديين هو جهد جماعي، يبدأ مع المهاجمين، وصولا الى المدافعين. فريقنا معروف بصفاته الدفاعية، وآمل أن نظهرها مرة أخرى».

ومن المتوقع أن يشارك دجورو أساسيا أمام السويد.

وتعلق سويسرا للعبور الى ربع النهائي للمرة الأولى منذ عام 1954 على أرضها، آمالا كبيرة على نجميها غرانيت تشاكا وشيردان شاكيري، اللاعبين اللذين تعود أصولهما الى إقليم كوسوفو، وفي مشاركاتها الخمس.

وأفلت اللاعبان اللذان قلبا التأخر السويسري أمام صربيا في الدور الأول الى فوز، من الإيقاف، بعدما قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الاكتفاء بتغريمهما على خلفية احتفالهما «السياسي» بعد التسجيل في مرمى صربيا.

وتقدمت صربيا بهدف منذ الدقيقة الخامسة، إلا أن سويسرا قلبت الطاولة، وفازت في الثواني الأخيرة بنتيجة 2 - 1. وما إن سجل شاكيري هدف الفوز، حتى توجه نحو المشجعين الصرب، ووضع يديه على صدره بشكل معاكس، راسما شارة «النسر المزدوج» الأسود اللون، رمز ألبانيا الذي يتوسط علمها الأحمر. وسبقه الى ذلك مسجل الهدف الأول، تشاكا.

وفتح شاكيري وتشاكا عريضا باب التاريخ بهذه الحركة. فكوسوفو، الإقليم ذو الغالبية المسلمة الواقع شمال ألبانيا، شرع في حملة انفصال عن صربيا عام 1998. فقمع نظام بلغراد محاولات الانفصال المسلحة بقوة، قبل تدخّل من حلف شمال الأطلسي. وبعد عشرة أعوام من إدارة الأمم المتحدة، أعلن الإقليم استقلاله بعد نزاع حصد 13 ألف قتيل.

وبلغت سويسرا الدور ثمن النهائي في مونديال البرازيل 2014 بعد خسارة بصعوبة أمام الأرجنتين صفر - 1 بعد التمديد. وهي تقدم في مونديال روسيا، أداء ثابتا بإشراف مدربها فلاديمير بتكوفيتش.

وقال الأخير بعد تأهل منتخب بلاده «نريد المزيد»، مضيفا: «اعتدنا على صنع التاريخ، لدينا طموحات كبيرة، والطموح الكبير المقبل هو السويد».

وبحسب إحصاءات الاتحاد الدولي للعبة (فيفا)، التقت سويسرا والسويد 29 مرة خلال الأعوام الـ 98 الماضية، وكان الفوز من نصيب السويسريين 11 مرة، مقابل 10 انتصارات للسويد. إلا أنها المرة الأولى التي يلتقي فيها المنتخبان في بطولة كبرى.