زيارة سمو الأمير المرتقبة إلى بكين تعزيز لعلاقات اقتصادية متنامية بين الكويت والصين
تقاطعت رؤيتا الكويت والصين استراتيجياً حول الحرير فغزلتا علاقات اقتصادية متنامية تعززها الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه إلى العاصمة الصينية بكين في الفترة بين 7 و10 يوليو الجاري.ودفعت هذه العلاقات الاقتصادية بين البلدين حجم التبادل التجاري بينهما للقفز من 9.5 مليار دولار في عام 2016 إلى 12.04 مليار في عام 2017 مدفوعاً بإرادة سياسية من قادة البلدين لدفع هذه العلاقات لمستويات جديدة.وجسدت رؤية حضرة صاحب السمو أمير البلاد في عام 2006 بتحويل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً وإنشاء «مدينة الحرير» آفاقاً جديدة لتلاقي طرق الشرق والغرب القديمة والحديثة لتتقاطع مع رؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ بإحياء «طريق الحرير» القديم ويتمخض عنهما مبادرة كويتية بأن تكون من الدول الأعضاء المؤسسين للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
مشاريع تنموية
ويمثل احياء طريق الحرير القديم في القرن الـ 21 عبر سلسلة كبيرة من المشاريع التنموية الطموحة تغييراً في شكل ونمط العلاقات الدولية وآفاق التعاون بين الدول إذ من شأن هذه المشاريع تكريس المنافع المشتركة لجميع الأمم وحل القضايا ومشاكل معظم الدول النامية وتعزز السلم والأمن الاقليميين والتي تعد بحد ذاتها أهدافاً لسمو الأمير «قائد العمل الانساني» ودولة الكويت «مركز العمل الإنساني».واستناداً إلى ذلك حلت الصين في المرتبة الأولى كأكبر شريك تجاري لدولة الكويت في السنتين الماضيتين كنتيجة طبيعة للمنحى التصاعدي للعلاقات الاقتصادية بين البلدين لاسيما بعد زيارة صاحب السمو أمير البلاد للصين في عام 2009 والتي هدفت إلى تعزيز العلاقات الثنائية تلتها زيارة لسمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء في يونيو عام 2014 تم خلالها توقيع عدد من اتفاقيات التعاون المشترك.وقام النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح بزيارة أخرى للصين خلال شهر مايو 2017 عندما كان وزيراً لشؤون الديوان الأميري للمشاركة في قمة طريق الحزام الاقتصادي لطريق الحرير.كما قامت بزيارة الكويت وفود صينية ضمت عدة جهات منها بنك الصين للتنمية ومجلس الدولة للتنمية والاصلاح ومعهد التخطيط المدني إضافة إلى ممثلي الهيئات المعنية بالبنى التحتية.وأثمرت هذه الزيارات مشاركة كبيرة وبارزة للشركات الصينية في دولة الكويت التي يبلغ عددها الحالي 40 شركة تقوم بتنفيذ مشاريع تنموية كبيرة إذ بلغ عدد هذه المشاريع حتى النصف الأول من عام 2017 نحو 84 مشروعاً تبلغ قيمتها نحو 18.12 مليار دولار موزعة على قطاعات النفط والاسكان والبنية التحتية.علاقات
وتتنوع القطاعات التي تربط بين الكويت والصين اقتصادياً وهي ثلاثة أولها القطاع النفطي إذ تعد شركة «سينوبك» الصينية أكبر مقاول يقدم خدمة حفر الآبار للكويت في حين جاء قطاع الاتصالات في المرتبة الثانية إذ تصنف شركة «هواوي» ثاني شركة أجنبية تؤسس شركة في الكويت بنسبة تملك 100 في المئة وتبلغ حصتها السوقية أكثر من 50 في المئة.أما القطاع الثالث فهو «البنى التحتية» حيث تشارك شركات صينية في تنفيذ عدد من المشاريع مثل شركة الإنشاءات الصينية في الشرق الأوسط والتي نفذت مشروع مبنى البنك المركزي الكويتي والمقر الرئيسي لبنك الكويت الوطني فضلاً عن توقيع عقد لانشاء مرافق «المدينة الجامعية» في صباح السالم إضافة إلى العقد الذي فازت به إحدى الشركات الصينية في مشروع مدينة المطلاع.وتعد الكويت أول دولة عربية خليجية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الصين وذلك في 22 مارس عام 1971 لكن العلاقات بين البلدين نشأت فعلياً قبل تلك الفترة حينما زار الأمير الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح الصين عندما كان وزيراً للمالية والصناعة والتجارة في 13 فبراير 1965 التقى خلالها مسؤولين صينيين منهم رئيس الجمهورية حينذاك ليو شاو تشي.وتواصلت العلاقات بين الجانبين بعد حرب تحرير الكويت إذ ساهمت الشركات الصينية في عملية إعادة إعمار الكويت وشاركت مؤسسة البترول الوطنية الصينية في إطفاء حرائق آبار النفط التي تسببت بها قوات الاحتلال العراقي ونجح فريق الإطفاء الصيني في السيطرة على عشرة آبار نفطية مشتعلة في حقل برقان كما نفذت شركة الهندسة البترولية الصينية مشروع ترميم مصفاة الأحمدي لتكرير النفط.وشهدت زيارة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك إلى الصين عام 2014 توقيع وثيقة التعاون بين الصين والكويت من أجل المشاركة في بناء مدينة الحرير ومشروع طريق الحرير الجديد وهي أول وثيقة تعاون وقعتها الصين مع دول العالم في هذا المجال.مدينة الحرير
وتندرج فكرة مشروع مدينة الحرير وتطوير الجزر الكويتية ضمن رؤية «كويت جديدة 2035» في منطقة شمال شرق الكويت على مساحة أرض قابلة للتطوير تقدر بنحو 350 كيلومتراً مربعاً تتصف بميزات توهلها لإقامة مركز عالمي لاستقبال وتخزين وإعادة شحن البضائع ومنطقة حرة لخدمة منطقة شمال الخليج العربي فضلاً عن استغلال الجزر الكويتية الشرقية الحرة «بوبيان وفيلكا ووربة ومسكان وعوهة».ووافق مجلس الوزراء الكويتي في يناير الماضي على تشكيل مجلس الأمناء لجهاز تطوير مدينة الحرير وتطوير الجزر الكويتية وتم التعاقد مع شركة استشارية عالمية في مجال تطوير الاستراتيجيات من أجل وضع خطة استراتيجية عامة وخارطة طريق للمدينة الجديدة إضافة إلى تقييم الموقع لتحديد وفهم مواضع القوة والضعف والفرص المتاحة والتحديات المطروحة في المنطقة الشمالية.وتضمنت عملية التقييم مراجعة للخصائص التقنية للموقع ومحيطه البيئي والجوانب الثقافية والاجتماعية فيه بالإضافة إلى البنية التحتية وموارده خصوصاً أن أرض موقع المشروع البكر تتميز بطبيعة مناسبة لإقامة المشاريع السياحية والترفيهية إضافة إلى إقامة مناطق لحضانة المشاريع الإبداعية الصغيرة والمتوسطة في مجال التقنية المتطورة للمعلومات والاتصالات.ويشكل المشروع فرصة سانحة لتقديم مفاهيم معيشة صحية معاصرة ذات أساليب مستدامة لإعاشة قرابة 440 ألف نسمة وتوفير قرابة 220 ألف وظيفة عمل وتحقيق ناتج قومي يصل إلى 7 مليارات دينار كويتي (نحو 23 مليار دولار أمريكي) في حين أحالت الحكومة الكويتية مشروع قانون إلى مجلس الأمة لإنشاء هيئة مدينة الحرير وجزيرة بوبيان ينص على إنشاء هيئة مستقلة لإدارة المدينة.وأعرب مسؤولون صينيون في أكثر من مناسبة عن استعداد بلادهم لتنفيذ خطة تطوير الجزر الخمس التنموية «هيئة مدينة الحرير» وجرت زيارات ومشاورات مكثفة بين الجانبين بهذا الصدد قام خلالها الخبراء الصينيون بلقاء نظرائهم الكويتيين ومناقشة سبل مساهمة الجانب الصيني كما زار الرئيس التنفيذي لجهاز تطوير مدينة الحرير فيصل المدلج بكين في شهر يونيو الماضي لهذا الغرض.وفيما يتعلق بالقطاع النقدي والاستثماري فإن تعاوناً كبيراً بين البلدين سجل في السنوات الأخيرة إذ افتتح بنك التجارة والصناعة الصيني فرعاً له في الكويت عام 2016 وهو يقدم خدماته للشركات العاملة في البلاد والمواطنين والمقيمين أيضاً.وتعد دولة الكويت أيضاً أول بلد عربي استثمر في الصندوق السيادي الصيني باستثمارات بلغت نحو 10 مليارات دولار منذ عام 2005 حتى الآن.