التسلل إلى المناهج الدراسية!
تسلل عناصر جماعات الإسلام السياسي إلى المناهج والتدريس كان أساساً من الوافدين الذين قدموا إلى إمارات ودول المنطقة، خصوصا في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، أي في فترة الطرد المصري والسوري لهذه العناصر، مع وجود حاضنة محلية لهم.
لنقر أولاً بأن بدايات التعليم العام والجامعي في إمارات الخليج العربي ودوله قد بناها منهجاً وتدريساً الوافدون العرب، ولنقر ثانياً بأن الثقافة الإسلامية هي السائدة، وسمحت لتسلل عناصر جماعات الإسلام السياسي إلى مناهج التعليم والتدريس في التعليم العام خاصة، ولنقر ثالثاً بأن الأنظمة الإدارية والسياسية في هذه المنطقة إما غافلة عما كان يجري أو راضية ومشجعة لذلك الاتجاه والتيار نكاية بالمعارضين لها والذين كانوا يختلفون مع اتجاهها.وطرح بين الحين والآخر موضوع تطوير المناهج الدراسية، بيد أن المشكلة كانت في تشكيل لجان التطوير من الذين هم سبب في تخلفها، وكان التطوير في معظمه شكلياً يتناول زيادة في الجرعة الدينية لمعظم المواد بالتركيز على الحفظ والتلقين لا الفهم والنقد.أما موضوع تسلل عناصر جماعات الإسلام السياسي إلى المناهج والتدريس فكان أساساً من الوافدين الذين قدموا إلى إمارات ودول المنطقة، خصوصا في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، أي في فترة الطرد المصري والسوري لهذه العناصر، واستعداد وزارات التربية في المنطقة لاستقبالهم بموافقة السلطات أو بدونها تحت مبررات الحاجة للمدرسين في معظم التخصصات.
وقد كان من بين هؤلاء حزبيون شكلوا الخلايا النائمة، فتسللوا بهدوء إلى مناهجنا الدراسية وعقول أبنائنا، لتكون النتيجة بناء كوادر محلية، وكانت الحاضنة رموزا دينية محلية معروفة في دول المنطقة، كما أن المناخ الاجتماعي الديني العام قد ساعد على ذلك. لقد كانت الأوضاع في دول الخليج العربية تسمح بمثل ذلك التسلل، إضافة إلى أريحية المسؤولين في استقبال العرب وتوظيفهم دون النظر إلى اتجاهاتهم السياسية، والتي كان يغلب عليها فكر الإسلام السياسي المعارض للسلطات في بلادهم، وهو مستمر إلى اليوم في بعض هذه الدول. ولقد كشفت دول المنطقة ذلك التسلل ولكن الكشف جاء متأخرا، فوجود خلايا نائمة وتأثيرها في المناهج الدراسية تركا أثراً في نشر أفكار ذلك التيار حتى اليوم.والمهم بالنسبة إلى تيار الإسلام السياسي هو الأدلجة لا نوعية التعليم إلى درجة أن الطلبة في مرحلة الثانوية يخرجون في مظاهرة ضد إجراءات وزارة التربية ضد الغش، وقد تكون هذه مبادرة "إبداعية" لأول مرة تحدث، إذ كان يجب أن يحدث العكس لو كان تعليمنا وثقافتنا نوعية ومتقدمة، وقد سبق أن تناولنا هذا الموضوع، ونعتقد أنها سابقة خطيرة على التربويين دراستها والنظر إلى الواقعة من وجهة النظر التربوية، وغرس ثقافة ضد الفساد خصوصا في مجال التعليم.لا نحمّل تسلل الإسلام السياسي كامل المسؤولية، فلم نعد نفرق بين المتعلم وغير المتعلم لأن الشهادة هي الهدف، وجواز المرور للوظيفة والمراكز القيادية والوجاهة الاجتماعية.