يستخدم الفنان نثانييل راكو في «شكل المدينة» مواد صناعية، من بينها الأسقف المتموّجة والمعدن ال«مجلفن»، أي المطلي بمادة الزنك لحمايته من الصدأ، وأحجار الإسمنت، ثم يمزجها مستعيناً بضوء صناعي، ليتمكن من تلطيف الأطراف والزوايا الصلبة، ما يسمح له باستكشاف السبل التي ينبغي على سكان المدن تكييف سلوكهم وفقها، على نحو مستمر، للتفاوض بنجاح حول أنماط المشاهد المبنية.

في هذا السياق، يوضح نثانييل راكو: «أضحت مدينة بيروت نفسها نقطة انطلاق لمجموعة من الأعمال. تسعى هذه المنحوتات والأعمال المنفذة على الورق إلى استكشاف مفهوم الجمال العابر الذي يمكن أن تفاجئنا به البيئة الحضرية، ما يسمح لي بالجمع بين إجراء تحقيق رسمي ومكانيّ حول مفاهيم الاستيطان، والانعزال، والحركة، ورسم الخرائط المعرفية»».

Ad

أما آني فارتيفاريان مديرة «ليتيسيا آرت غاليري» فتشير إلى أن معرض «شكل المدينة» يتحدى الزوار عبر دعوتهم الى رحلة تحثهم على إعادة تخيّل المدينة حيث يقطنون. تضيف: «يشكل المعرض مساهمة لا تقدر بثمن، في سبيل تنامي حيوية المشهدين الثقافي والفني المعاصر في بيروت، وذلك من خلال توزيع الأعمال المنحوتة في أماكن عامة يمكن الوصول إليها».

منحوتات وتجهيز

يسيطر تجهيز ضخم على مدخل المعرض ويجتاز مساحة الغاليري، ما يدعو الزوار إلى التفاعل معه من خلال التجول حوله أو التنقل وسطه. كذلك يمزج الفنان بين مواد البناء، المحلية الصنع، من بينها أغطية بلاستيكية مصنوعة من زجاج معزّز، ومعدن مقاوم للصدأ، إضافة الى مصابيح بيضاء، فتولد بنية تتأرجح بين الحد الأدنى من التجهيز والبناء. من خلال الدمج بين قطع وأجزاء مألوفة، إنما وفق قالب جمالي جديد، يدعو راكو زواره إلى إعادة النظر في علاقتهم بالمدينة. يعكس هذا التجهيز تطوراً لافتاً في سلسلة أعمال هذا الفنان، الذي يستخدم مواد بناء محلية الصنع والإنتاج، وأضواء، على غرار تلك التي استخدمت في بناء مدن عريقة مثل باريس وبانكوك.

يضمّ المعرض ستة منحوتات تشغل وسط قاعة الغاليري وهي تأتي على هيئة كتل اسمنتية، كل منها مضاء بمكعب من النيون الأبيض، ما يولِّد هالة هندسية مشعّة. إلى جانب هذه المعروضات، ثمة سلسلة جديدة من الأعمال تمزج بين وسائط مصنوعة من الورق والمؤطرة، وسلسلة محطات وقود ذات أحجام مختلفة، بعضها صغير وبعضها الآخر يشغل حيزاً كبيراً.

يتخطى معرض «شكل المدينة» جدران «ليتيسيا آرت غاليري»، بفضل تجهيزين ضخمين متاحين إزاء العامة، ويعرضان أمام فندق «لو غراي» وساحة «خان أنطون بيك» في وسط بيروت. يجد راكو في طريقة عرض المنحوتات وسط المشهد المديني، مصدر إلهام له، إضافة إلى أن هذه الطريقة نفسها تتيح للأعمال اتخاذ معانٍ جديدة ضمن المساحات المفتوحة.

نثانييل راكو

ولد نثانييل راكو عام 1975، يقيم في لندن ويعمل فيها. تخرّج عام 2001، حاملا ماجستير في فن النحت. أقام معارض فردية في باريس (2017)، ودبي (2015)، وبروكسيل (2014)، ولندن (2013)، وشارك في معارض جماعية في: كوبنهاغن (2016) Monologue/Dialogue، وباريس (2013).

أما المعارض التي نُظّمت في الأماكن العامة فتشمل باريس (2014)، وكوبنهاغن (2013)، وليما البيرو (2010).

كذلك عرضت أعمال راكو ضمن مجموعات عامة مرموقة، من بينها Cisneros Fontanals Art Foundation، وميامي، والولايات المتحدة، ومجموعة «جومكس» في مكسيكو، وضمن متحف الفن المعاصر في ليما البيرو، إضافة إلى مجموعات في العاصمة الفرنسية وفي متحف الفن الجديد في تسمانيا، واستراليا. كذلك عرضت أعماله ضمن مجموعة ديفيد روبرتس في لندن وضمن مجموعة الفنون الحكومية البريطانية، ومجموعة Hauser & Wirth زيوريخ، وسويسرا، ومجموعة إرنست ويونغ، لندن.