وسط ترقب لاستئناف الحملة العسكرية المستمرة منذ أسبوعين، أبلغت فصائل المعارضة السورية، أمس، المفاوضين الروس رفضها شرط تسليم السلاح الثقيل مقابل وقف المعارك في جنوب سورية، وعودة قوات النظام إلى المنطقة.

وأوردت «غرفة العمليات المركزية في الجنوب» في تغريدة على «تويتر»: «فشلت المفاوضات مع العدو الروسي في بصرى الشام، وذلك بسبب إصرارهم على تسليم السلاح الثقيل». وقال الناطق الرسمي باسم الغرفة إبراهيم الجباوي: «لم تسفر هذه الجولة عن نتائج. انتهى الاجتماع ولم يُحدد موعد مقبل».

Ad

وعقد الطرفان اجتماعاً مطولاً، أمس الأول، طلب خلاله المفاوضون الروس من وفد الفصائل العودة أمس، مع رد نهائي بشأن اقتراح لوقف المعارك المستمرة في الجنوب السوري منذ 19 يونيو والتي تمكن النظام من خلالها ومن خلال اتفاقات «المصالحة» من دخول نحو 30 بلدة وتوسيع نطاق سيطرته من 30 إلى 60 في المئة من مساحة درعا.

وقال مصدر معارض موجود في مدينة درعا: «أنذر الوفد الروسي الفصائل الثلاثاء بأن الأربعاء هو اليوم الأخير من المفاوضات ويجب أن تقدم ردها النهائي خلال اجتماع يعقد عند الرابعة من بعد الظهر»، مضيفاً: «جولة المفاوضات حاسمة. فإما أن تقبل الفصائل بالتسوية أو تُستأنف الحملة العسكرية»، بعدما كانت الغارات توقفت منذ مطلع الأسبوع لإفساح المجال أمام التفاوض.

وأوضح المصدر، أن المفاوضين الروس رفضوا مسودة مطالب قدمتها الفصائل تنص على تسليم السلاح الثقيل فور بدء سريان الاتفاق، على أن يسلم السلاح المتوسط لاحقاً مع «بدء عملية سياسية حقيقية» لتسوية النزاع. كما تشترط «وقف إطلاق نار شامل» مع «عودة قوات النظام إلى خطوط ما قبل الهجوم الأخير».

اتفاق مقبل

وتتمسك الفصائل بأن يتضمن أي اتفاق مقبل «خروج من لا يرغب بتسوية وضعه من المقاتلين من المنطقة الجنوبية مع عائلاتهم إلى أي منطقة يريدونها في سورية».

وتمسك الروس بمضمون اقتراحهم، الذي تم على أساسه إبرام اتفاقات في عدد من بلدات الجنوب. ويرفض الروس، وفق المصدر المعارض، «خروج أو تهجير المقاتلين أو المدنيين من درعا»، ويريدون عودة «جيش النظام إلى ثكناته (كما كان قبل عام 2011)، وأن تصبح الدوائر الحكومية كاملة تحت إدارة الدولة مع انتشار الشرطة السورية» بإشراف روسي.

استسلام وصمود

وغداة نشرت وحدة الإعلام الحربي للنظام فيديو يظهر مركبات سورية وروسية تدخل مدينة بصرى الشام، فشلت قوات الأسد في التقدم باتجاه بلدة طفس بريف درعا الغربي لليوم الرابع على التوالي، بسبب استماتة الفصائل العاملة فيها واستخدامها صواريخ «تاو» في تدمير الدبابات والعربات التي تحاول التوغل في المنطقة.

وأوضحت غرفة العمليات المركزية أن قوات الأسد دخلت المنطقة غير المحصنة الموجودة بين طفس وداعل بشكل مفاجئ، ما جعلها مكشوفة بشكل كامل أمام الفصائل.

خفض التصعيد

وعقب محادثات مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن اتفاق خفض التصعيد في المنطقة الجنوبية على رأس قائمة الأولويات ويفترض أنه لن تكون هناك قوات غير سورية فيها، مؤكداً أن «روسيا نفذت التزاماتها وتسعى لنفس الشيء من الشركاء».

وشدد لافروف على أن «الجيش السوري سيواصل بالتعاون مع الطيران الروسي عملية طرد المسلحين من محافظة درعا والسيطرة على منطقة الحدود مع إسرائيل واتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف هجمات جبهة النصرة وتنظيم داعش»، متهماً الفصائل المعتدلة المدعومة من واشنطن بنقض الالتزام الأميركي في منطقة خفض التوتر والتعاون مع الإرهابيين في مهاجمة القوات الحكومية.

خروج إيران

ووصف لافروف الدعوات لخروج إيران ليس فقط من سورية بل من عموم المنطقة بأنها «غير واقعية» مشيراً إلى استحالة معالجة التطورات في المنطقة من دون مشاركة القوى الإقليمية مثل مصر والسعودية والأردن وإيران وغيرها من بلدان المنطقة.

واعتبر لافروف أنه ليس من الواقعي توقع انسحاب إيران من سورية، وألا تؤدي دوراً في المنطقة، مشيراً إلى أن مناقشة الموضوع الإيراني في وسائل الإعلام الغربية تتم في سياق «مبسط» جداً، وتقنع متابعيها بأنه يجب على إيران أن تغادر سورية وفي هذه الحالة سيكون كل شيء على ما يرام.

وإذ أوضح أن الملف السوري سوف يطرح برمته في القمة الروسية- الأميركية في هلسنكي المقررة هذا الشهر، حدد وزير الخارجية الروسي موعد انطلاق جولة المفاوضات الجديدة في أستانة في نهاية يوليو الجاري، خلافاً لإعلان المتحدث باسم خارجية كازاخستان إيبيك ساميدياروف، أن موعد المحادثات الثلاثية لضامني اتفاق خفض التصعيد روسيا وتركيا وإيران سيكون بحلول نهاية العام الحالي.

تسوية الوضع

من جهته، عبر الصفدي عن قلقه من الأوضاع الأمنية جنوب سورية، مشدداً على أن من الضروري بدء حل هذه القضية ووقف لإطلاق النار ثم الانتقال إلى حل المسائل التي ستساعد في منع وقوع كارثة إنسانية في هذه المنطقة».

وأكد أن التسوية السياسية وحل المسائل الإنسانية يعدان الاتجاه الأكثر أهمية في تسوية الوضع جنوب سورية. كما ذكر أن الحكومة الأردنية تعمل ما بوسعها لدعم اللاجئين السوريين الموجودين في أراضيها.

قلق واجتماع

وفي واشنطن، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت تواصل المحادثات مع المسؤولين في روسيا والأردن للتعبير عن القلق الهائل من الوضع في جنوب سورية، مشيرة إلى أن وزير الخارجية مايك بومبيو بحث مع لافروف في مكالمة هاتفية وضع وقف إطلاق النار في المنطقة وإيصال المساعدات الإنسانية وإنقاذ حياة الناس.

وأعلنت البعثة السويدية لدى الأمم المتحدة أن مجلس الأمن سيلتئم اليوم في جلسة طارئة لبحث الوضع في جنوب سورية بدعوة من الكويت والسويد التي تتولى الرئاسة الدورية خلال يوليو الجاري.