دخلت حزمة العقوبات الأميركية الجديدة على إيران حيز التنفيذ، في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها طهران من فقدان عملتها نصف قيمتها، وارتفاع أسعار السلع المستوردة بنسبة مئة في المئة، وهو الأمر الذي سيتفاقم عندما تطبق حزمة العقوبات التالية في نوفمبر المقبل، والتي ستشمل الصادرات النفطية الإيرانية، التي تشكل 63 في المئة من دخل العملات الأجنبية للخزينة الإيرانية.من يفرح لهذا الوضع المأساوي في إيران من أبناء المنطقة هو بلا رؤية للمستقبل، لكن في المقابل حكام إيران زرعوا في المنطقة جروحاً وجرائم لا تغتفر، سيعجز المؤرخون والرواة عن حصرها في العراق ولبنان واليمن، وخصوصاً في سورية التي لم يشبع الإيرانيون من الدماء التي سفكوها مع شركائهم العلويين فيها، والأطفال الذين قبروهم، والنساء اللاتي أفجعوهن بالقتل والتدمير، قبل أن يحضر الإجرام الروسي، والميليشيات التي جلبوها من كل مكان تحت قيادة ذراعهم الإرهابية المتمثلة في حزب الله اللبناني وشركائهم العراقيين والأفغان، ليكملوا تلك المأساة الإنسانية.
منذ استيلاء حركة الخميني على الثورة الإيرانية عام 1979، عجز العرب وهم يناشدون طهران أن تتخلى عن مشروعها القومي المغلف بشعارات طائفية، وتعبنا ونحن نوضح للإيرانيين أن مشروعهم خيالي، ولن يتحقق أبداً، بل سيكون غاية وأداة الغرب وإسرائيل لتدمير المنطقة، وستكونون أيها الجيران الإيرانيون ضحايا لمشروعكم، كما سنكون نحن، لكن الخطاب الديني الإيراني المنتشي بهتاف العامة، وتلويح قبضات الغوغاء، وطاقة الكراهية التي تولدها قصص البكائيات الطائفية، لم يلتفت لصوت العقل ومناشدات الحكماء في الأمة، ودفع مئات الآلاف أرواحهم ثمناً لذلك، وخسرنا تريليونات الدولارات وفرصاً تنموية لا تعوض.اليوم ذلك المتطرف في البيت الأبيض يستغل مشروعكم الإيراني لابتزاز المنطقة كلها، يفرض عليكم العقوبات ثم يستدير للدول الخليجية ليبتزها بعنوان حمايتها من الخطر الإيراني الذي تصنعونه من عسكرة المنطقة وتدميرها، خربتم العراق وقوضتم مشروعه الديمقراطي، تلاعبتم بالقضية الفلسطينية، ومزقتم الصف الفلسطيني، مسحتم الدولة السورية، وقمتم بأكبر عملية تطهير عرقي في المنطقة لتستريح وتطمئن إسرائيل لخمسين سنة مقبلة، وجعلتم لبنان محمية إيرانية فاقدة لمقوماتها الأساسية، المتمثلة في التنوع والانفتاح الذي تخشاه تل أبيب، وقسمتم اليمن... فماذا بعد؟!قوة إيران العسكرية اختبرت مؤخراً أمام إسرائيل، إذ قامت الأخيرة بتدمير قواعدكم في سورية، وكان ردكم مخجلاً ببضعة صواريخ أو ألعاب نارية، لم تصب حتى قطة ضالة في أحراش مرتفعات الجولان، وفي المقابل الغرب وأميركا يشجعونكم على لعب دور الولد الشقي، الذي يطوف في بلدان الشرق الأوسط ليشعل المعارك والمشاجرات العبثية، ويعيد إفشاء قصص الضغائن والحكايات الطائفية القديمة، وفي النهاية يخرج مجروحاً ومدمياً وخاسراً لأمواله، وهو ما يحدث لطهران حالياً.لذا تناشدكم الأجيال الشابة على ضفتي الخليج العربي أن توقفوا هذا المشروع الإيراني الخرافي والمدمر لكم ولنا، فإنكم لن تعيدوا الإمبراطورية الفارسية في ظل موازين قوى العالم الحالي، ولن يدوم بقاؤكم في العراق وسورية ولبنان، والتاريخ ينبئكم بذلك، ولن تستفيدوا شيئاً من اقتناء قنبلة نووية في ظل تخلف اقتصادي وتكنولوجي واجتماعي سياسي، وهو أمر ماثل لكم في الحالتين الكورية الشمالية والباكستانية، ورجال الدين الإيرانيون الذين يبشرونكم بالنصر هم على حافة مغادرة عالمنا ليتركوكم تواجهون مصيركم الصعب، فبالله عليكم أوقفوا هذا الجنون، واسحبوا من أيادي أعداء المنطقة والمسلمين أهم أداة يستخدمونها ضدنا وضدكم، ألا وهي المشروع الفارسي المصاغ بإرشادات حكم الثيوقراط في قم.
أخر كلام
إيران... ستخسرون وسنخسر!
05-07-2018