«بدون قيد» أول مسلسل تفاعلي يسمح للمشاهد بأن يختار بنفسه طريقة المشاهدة التي تناسبه، وقد روّجت له مواقع إعلامية عربية وغربية، كذلك الجمهور الذي اعتبره أحد أفضل المسلسلات القصيرة التي تلامس الوجع وتحكي الواقع، أما النقاد فوصفوه بـ«السهل الممتنع»، مشيدين بالطريقة الجديدة لمشاهدة الدراما بعيداً عن قيود التلفزيون. يُذكر أن الحلقة لا تتعدى الأربع دقائق.

أطلقت شركة Spring Communicationsالمسلسل وهو من ابتكار ربيع سويدان ومروان حرب، وإخراج أمين درة. قصة رافي وهبي وباسم بريش، وسيناريو باسم بريش وحواره، وإنتاج راي بركات وإيلي صعيبي. موسيقى كريم خنيصر، ويشارك في البطولة: رافي وهبي، وينال منصور، وعبير حريري.

Ad

مصادفة

يرافق «بدون قيد»، ثلاث شخصيات في رحلة اكتشاف الذات، وتعاملها مع مجهول يغير حياتها التي كانت عادية حتى الأمس القريب، ويروي قصة الأمل المتجدد، والبدايات. تحاول شخصيات المسلسل الثلاث، وفيق وريم وكريم، أن تنتصر على صراعها الداخلي من جهة وعلى الحرب من جهة أخرى، من خلال مواجهة مخاوفها الداخلية، وتمردها على الحواجز الاجتماعية، وتحديها القيم الموروثة، فتختار أن تحرر مستقبلها من خيبات الماضي.

يعرض المسلسل فترة زمنية من حياة كل شخصية تسير بالتوازي في ما بينها، وتجمعها شعبة «الأمن السياسي» بحكم المصادفة، وتشكل في ما بينها رابطاً غير مباشر. فشخصية ريم تُسرق هويتها وتكون أحد مراجعي العقيد وفيق بشعبة الأمن السياسي التي كانت تعتقل المدرّس كريم. كذلك تجمعها المصادفة على الحدود السورية اللبنانية، بعدما أخذت كل واحدة منها القرار بالرحيل والهجرة عن الوطن الذي أنهكته الحرب والمستفيدون منها.

من خلال السياق الدرامي يبدو جلياً تداخل حكايات الشخصيات الثلاث العقيد وفيق (رافي وهبة)، والسيدة ريم (عبير حريري) التي أضاعت هويتها، وكريم (ينال منصور)، الذي تحوّل بسبب الاعتقال من مُدرّس لغة إلى عنصر دفاع مدني تحت القصف.

خاتمة المسلسل ترسم بداية جديدة، فتلتقي ريم شقيقها المفترض أنه قُتل في الحرب، ويلتقي كريم ريم التي تبادل معها نظرات الإعجاب داخل شعبة «الأمن السياسي»، فضلاً عن اجتماع العقيد معهم على الحدود اللبنانية السورية، وتدعو الشخصيات بعضها بعضاً للعودة إلى نقطة البداية في مدينة درعا السورية التي انطلقت منها الثورة السورية مطلع 2011.

من هنا يبدو أن المصادفة تؤدي دوراً رئيساً في المسلسل. في هذا السياق، يؤكد رافي وهبي ارتباط مصائر السوريين الحقيقيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية، راسماً بداية ونهاية سورية خالصة تُكرِّس لحالة أن أمر سورية للسوريين وحدهم، بعيداً عن التدخلات الغربية التي جعلت من سورية نقطة صراع لجنسيات مختلفة.

دراما واقعية

يوضح رافي وهبي أن إصرار الفضائيات التقليدية على تجاهل الأعمال السورية التي تتناول الواقع السوري يدفع إلى البحث عن أشكال جديدة ومبتكرة للسلعة الدرامية، وبدائل ومنصات جديدة، مع توافر مثل هذه المنصات على مواقع التواصل الاجتماعي وتفوقها على التقليدية وقدرتها على الوصول إلى شريحة أكبر من المشاهدين والتفاعل معهم، بشروط أقل حدةً رقابياً من تلك التي باتت تلاحق الدراما الواقعية، فتعوق وصولها إلى المشاهدين وتمنع إنتاجها بحجة افتقادها جرعة الترفيه المطلوبة.

ويشير إلى أن «بدون قيد» محاولة جادّة لتقديم دراما تلفزيونية سورية واقعية وجريئة وبطبيعة الحال لا تتنازل عن مهمتها الأساسية، وهي التسلية والترفيه.

لا يركز المسلسل على التشاؤم ولا يعطي نظرة سوداوية للأمور، بل يدعو إلى بدايات جديدة يشع فيها بصيص أمل للخروج من الحرب التي تعصف بسورية منذ سنوات وتحصد الأخضر واليابس من دون أن يكون ثمة أفق لنهايتها، مع ذلك تبحث الشخصيات عن آفاق تخولها الخروج من دوامة العنف، والتفكير في عودة اللاجئين إلى أرضهم وبيوتهم.

حول المسلسل كتب الناقد السوري ماهر منصور، عبر صفحته على «فيسبوك»: «بطبيعة الحال فقدت الدراما السورية خصوصيتها المحلية منذ زمن بعيد وها هي اليوم تفقد سوريتها أيضاً، هل انتهت المغامرة؟ (…) آمل ألا يكون ذلك».

رافي وهبي

ممثل ومخرج ومؤلف سوري، بدأ حياته الفنية من خلال مسلسل «يوميات مدير عام» (1995)، شارك في أعمال مسرحية، من بينها: «الغول، والرقصة الأخيرة، وكاريكاتور»، ومن أعماله في السينما «زهر الزمان». خاض تجربته الإخراجية الأولى في مسلسل «حارة ع الهوا» (2008). وله تجارب في التأليف من بينها مسلسلا «سنعود بعد قليل» و«حلاوة الروح». أهم أعماله كممثل «غزلان في غابة الذئاب، وأهل الغرام، ووصمة عار».