التقى أمس في فيينا، وزراء خارجية "مجموعة 4 + 1" التي تضم الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن (بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين) وألمانيا، مع نظيرهم الإيراني بحضور الاتحاد الأوروبي، لتقديم اقتراحات ملموسة تتيح الحفاظ على الاتفاق النووي، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، وطرحت طهران شروطها لمواصلة الالتزام به.

وفي ختام الاجتماع قالت «مجموعة 4+1»، في بيان مشترك، انها لاتزال ملتزمة العلاقات الاقتصادية مع طهران، بما في ذلك «استمرار صادرات إيران من النفط والغاز» وغيرها من منتجات الطاقة.

Ad

وجاء في بيان مشترك صدر في ختام الاجتماع، أنه بعد أكثر من ساعتين من المناقشات «في أجواء بناءة وتتسم بالثقة» نشر المشاركون في الاجتماع لائحة من 11 هدفا ترمي إلى «توفير حلول عملية، للإبقاء على تطبيع العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران».

وبين هذه الأهداف، فضلا عن دعم صادرات النفط الإيراني «الحفاظ والإبقاء على قنوات مالية فاعلة مع ايران، واستمرار عمليات التبادل بحراً وبراً وجواً، وعبر السكك الحديدية، وتطوير تغطية الائتمان عند التصدير، ودعم واضح وفاعل للمشغلين الاقتصاديين الذين يتاجرون مع ايران (...) وتشجيع الاستثمارات الجديدة في ايران، وحماية المشغلين الاقتصاديين لجهة استثماراتهم وأنشطتهم المالية في ايران».

لكن الدول الموقعة على البيان لم تحدد الوسائل العملية لرفع هذا التحدي، في وقت بدأ شبح العقوبات الأميركية يدفع مستثمرين اجانب الى مغادرة ايران.

لكن البيان أكد أن هذه الدول ستعمل لإعداد «حلول عملية (...) عبر جهود ثنائية».

وستجتمع هذه الدول مجدداً لمتابعة التقدم في هذا الملف.

عرض مثير

وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس صرح، قبل الاجتماع الذي بدأ في العاصمة النمساوية: "نقدم عرضاً نرى أنه مثير للاهتمام"، دون أن يشرح بالتفصيل العرض الأوروبي، مشيراً إلى اقتراحات معروفة أصلاً مثل آلية قانونية تهدف إلى احتواء مفاعيل العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية التي تريد الاستثمار في إيران، وتوسيع التفويض للبنك الأوروبي للاستثمار دعماً للاستثمارات الأوروبية في إيران.

وأضاف ماس: "نحاول الآن رصد إمكانات إبقاء قنوات الدفع مع إيران مفتوحة. نريد أن نظهر لإيران أن انسحابها من الاتفاق سينطوي على سلبيات كثيرة".

وأقر الوزير الألماني بأن الأوروبيين "لا يمكنهم تعويض كل شيء". وكانت "رويترز" نقلت أمس، عن مسؤول إيراني رفيع في فيينا، تجديده المطالبة بالتعويض عن كافة خسائر إيران من انسحاب أميركا. وأوضح المسؤول: "نحن جاهزون لمواجهة كل السيناريوهات. انهيار الاتفاق النووي سيزيد من حدة التوتر في المنطقة. من أجل إنقاذه، يجب على بقية الدول الموقعة، التعويض عن تبعات العقوبات الأميركية".

رد موحد

وتوقع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن يتم التوصل إلى رد جماعي على العقوبات الأميركية ضد إيران والشركات المتعاملة معها بحلول نوفمبر المقبل، لكنه حذر طهران من الاستمرار في التلويح بكسر التزاماتها بالاتفاق. وسبق أن هددت طهران مراراً باستئناف تخصيب اليورانيوم.

موسكو وبكين

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الخارجية سيرغي لافروف قوله خلال لقائه وزير الخارجية الصيني وعضو مجلس الدولة وانغ يي في فيينا، إن روسيا والصين ترغبان في إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني.

وهناك اتهامات غير مباشرة لموسكو وبكين بأنهما ترغبان بسقوط الاتفاق النووي وخروج الشركات الأوروبية من طهران الأمر الذي يسمح لشركاتهم النفطية وغير النفطية بالحلول مكانها.

غير كاف

وقبل ساعات من الاجتماع، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن عرض الأوروبيين لتعويض مفاعيل انسحاب واشنطن من الاتفاق غير مرض في هذه المرحلة.

وخلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أشار روحاني إلى أن "رزمة الاقتراحات الأوروبية حول استمرار مسيرة التعاون في الاتفاق النووي لا تتضمن جمع مطالبنا".

ومن شروطه التي عرضها نهاية مايو، طالب المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي خصوصاً موقعي الاتفاق بضمان بيع إيران النفط وقيامها بالتبادل التجاري. وحتى الآن، أحجمت أغلبية المؤسسات المالية الأوروبية الكبرى عن ضمان التبادل التجاري مع طهران خشية أن تتعرض للعقوبات الأميركية.

وبذلك، تجد أوروبا نفسها بين مطرقة إيران التي تحتاج إلى الاستثمارات الأجنبية لانهاض اقتصادها وسندان واشنطن التي تستطيع إلحاق ضرر بشركاتها.

وفيما تستعد واشنطن لإعادة العمل بأولى عقوباتها بداية أغسطس، زار الرئيس الإيراني جنيف وفيينا هذا الأسبوع مدافعاً عن الحفاظ على الاتفاق لكنه أنهى الجولة بإعلان عدم رضاه عما سمعه في أوروبا.

وهيمن التحقيق في مخطط لتفجير مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس على زيارة روحاني الذي أطلق من قلب أوروبا تهديدات وتصريحات عالية السقف، بينها تلميح الى إغلاق مضيق هرمز، ورفض الاعتراف بحق إسرائيل بالوجود، مما لاقى استحساناً من المتشددين في إيران والحرس الثوري.

الصين وهرمز

وفي موقف لافت، قال دبلوماسي صيني كبير أمس، إن على إيران أن تبذل المزيد من الجهد لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط والانسجام مع جيرانها بعد أن حذر الحرس الثوري الإيراني من احتمال أن يمنع تصدير النفط عبر مضيق هرمز.

والسعودية والعراق والكويت بين أهم موردي النفط للصين بينما تمدها قطر بالغاز الطبيعي المسال، بالتالي فإن أي إغلاق للمضيق ستكون له عواقب وخيمة على اقتصادها. ولدى سؤاله عن التهديد الإيراني بغلق المضيق، قال مساعد وزير الخارجية الصيني تشين شياو دونغ، إن بلاده أجرت اتصالات وثيقة بالدول العربية بشأن السلام في الشرق الأوسط بما في ذلك قضية إيران.

وأضاف في إفادة صحافية قبل قمة كبرى بين الصين والدول العربية تعقد في بكين الأسبوع القادم: "تعتقد الصين أن على الدولة المعنية بذل المزيد من الجهد للإسهام في السلام والاستقرار بالمنطقة والمشاركة في حماية السلام والاستقرار هناك. خصوصاً أنها دولة تطل على الخليج لذا عليها أن تكرس نفسها لتكون جارة صالحة وأن تتعايش سلمياً... ستواصل الصين لعب دورها الإيجابي والبناء".

وتشارك في القمة 21 دولة عربية وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. ويلقي الرئيس الصيني شي جين بينغ الكلمة الافتتاحية يوم الثلاثاء.

وكشف جهاز الاستخبارات الهولندية، أمس، أن هولندا طردت اثنين من موظفي السفارة الإيرانية.

الخطوة الهولندية تأتي بعد أيام من إعلان وزارة الخارجية النمساوية الثلاثاء الماضي، انها ستنزع الصفة الدبلوماسية عن الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي (46 عاما)، بعد القبض عليه في ألمانيا، لصلته بما يشتبه أنها مؤامرة لتفجير اجتماع لجماعة إيرانية معارضة في فرنسا.

كما ألقي القبض على ثلاثة أشخاص آخرين في فرنسا لصلتهم بالقضية، لكن أُفرج عن اثنين منهم.