«الحالة المالية للدولة» عنوان خاطئ... فهي أوسع من إعطاء تقدير لحجم الاحتياطيات
ذكر «الشال» أن عرض إجماليات لقيمة الاحتياطيات المالية للدولة، بشقيها، دون استعراض سياساتهما ومكوناتهما قطاعياً وجغرافياً وأهداف تلك التوزيعات وتوقعات الأداء ومدى النجاح في إنجازها، هو في الواقع لا يرقى إلى مستوى عرض حالة تلك الاحتياطيات.
قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي، إن صدقت الأرقام المنشورة حول الاحتياطيات المالية للدولة، بشقيها، أي احتياطي الأجيال القادمة والاحتياطي العام، فالأرقام التي نشرتها وكالة «فيتش» مقاربة جداً للمنشور أخيرا حول حجمهما، البالغ نحو 178 مليار دينار (590 مليار دولار). وبات معلنا رسميا حجم الاحتياطي العام، البالغ نحو 26 مليار دينار، ذلك يعني أن حجم احتياطي الأجيال القادمة بحدود 152 مليار دينار (500 مليار دولار) لاحتياطي الأجيال القادمة، ونحو 90 مليار دولار للاحتياطي العام.وأضاف التقرير: «ما لا نعرفه هو؛ أولاً، ما إذا كان ذلك هو الحجم الصافي أو الإجمالي، أي ما إذا كانت الالتزامات على المالية العامة منه قد خصمت أو لم تخصم، وما لا نعرفه ثانياً، هو مدى جودة مكوناتهما ودقة تقييم قيمة تلك الأصول، وثالثاً ما إذا كان لدى مؤسسات عامة أخرى ما يمكن أن يضاف إليهما مثل الجدل الدائر حالياً حول ما لدى مؤسسة البترول الكويتية». وتابع: «قبل الدخول في بعض التفاصيل، لابد من ذكر أن العنوان (الحالة المالية للدولة)، خاطئ، فالحالة المالية أوسع من إعطاء تقدير لحجم الاحتياطيات، فالحالة المالية تتعلق باستدامة المالية العامة على المدى المنظور، وتلك الاحتياطيات جزء من مكونات احتسابها. وحتى اعتبار عرض إجماليات لقيمة تلك الاحتياطيات من دون استعراض سياساتهما ومكوناتهما قطاعياً وجغرافياً وأهداف تلك التوزيعات وتوقعات الأداء ومدى النجاح في إنجازها، هو في الواقع لا يرقى إلى مستوى عرض حالة تلك الاحتياطيات، ونحن قطعاً لا نطمح إلى بلوغ مستوى عرض صندوق النرويج السيادي المتاح بتفاصيله لأي متابع، لكن، إلى حدود مستوى متواضع مما نقرأه على موقعه هناك، في كل ثانية».
وذكر «الشال» أن المستوى الذي بلغه حجم الاحتياطيات يبقى الحسنة الوحيدة والمهمة لعصر رواج سوق النفط الذي توقف في خريف 2014، وبناء الاستراتيجيات لاستدامة المالية العامة، لابد أن تكون أولى أولوياته هي استغلال والبناء على عنصر القوة المتاح. واستدامة المالية والتي تعكس الحالة المالية الحقيقية للدولة، هي في تمويل المالية العامة من مصدر مستدام، وفي الحقبة الحالية، دخل تلك الاحتياطيات هو المصدر الرئيس المستدام. وبتغيير وظيفة تلك الاحتياطيات، وذلك يحتاج إلى جهد ضخم، وتحديد هدف لها بتمويل إيراداتها لنحو نصف النفقات العامة للسنوات الخمس المقبلة، يمكن أن يتخلص البلد من التبعية شبه الكاملة للإيرادات النفطية». وأردف: «لو افترضنا أن إيرادات الاحتياطي العام صفر، وأن تركيزا سوف ينصب على تغيير وظيفة احتياطي الأجيال القادمة ليحقق معدل 6 في المئة على مدى السنوات الخمس المقبلة، وهي الحدود الدنيا المطلوبة لصناديق التقاعد، وفقط على حجمه الحالي البالغ 500 مليار دولار، ذلك يعني تمويل المالية العامة بنحو 30 مليار دولار، سنوياً، أو نحو 9 مليارات دينار. ومع ضغط حقيقي لسقف النفقات العامة يوقف هدرها وفسادها، ومع بعض السياسات الضريبية، سوف تجد الكويت نفسها سائرة بشكل أقرب على خطى النرويج، وإن ظل الفارق كبيراً».ولفت التقرير إلى أن الأوضاع الاستثنائية، مثل ضعف طويل الأمد لسوق النفط، قياساً لما كان عليه عندما كانت أسعار النفط الكويتي فوق الـ 100 دولار بهامش كبير، ومع الأخذ في الاعتبار بأن القادمين من صغار المواطنين إلى سوق العمل خلال 15 سنة بعدد من فيه حالياً، أي أكثر من 400 ألف مواطن، لابد من تبني سياسات وإجراءات استثنائية. وأضاف: «رغم كل ما ارتكبته السياسات المالية من خطايا في حقبة رواج سوق النفط، هناك إمكانية في المستقبل لاحتواء ما هو أسوأ بكثير كلما بكرنا في تبني حلول استباقية استثنائية، وحريق المالية العامة هو أخطر ما هو قادم».
تغيير وظيفة احتياطي الأجيال القادمة قد يمول المالية العامة 9 مليارات دينار سنوياً