«نسمة من الجنوب»... بحث عن الموسيقار السوداني علي عثمان الحاج
• أعاد الاعتبار إلى تجربته الثرية وتوزيعاته اللحنية للسنباطي وعبد الوهاب
أصدرت «الهيئة العامة لقصور الثقافة» أخيراً كتاب «نسمة من الجنوب» للدكتورة حنان أبو المجد، ويتناول مسيرة الباحث والأكاديمي والمؤلف الموسيقي الراحل علي عثمان الحاج.
يُعتبر كتاب «نسمة من الجنوب» أول إنتاج بحثي وعلمي عن المؤلف الموسيقي المتميز علي عثمان الحاج، الذي لم يلق الاهتمام الإعلامي الكافي في حياته رغم تجربته الثرية التي بدأت من أم درمان ثم القاهرة وسويسرا، وما قدّمه من أعمال «أوركسترالية» مثل القصيدة السيمفونية وفانتازيا لمجموعة آلالات النفخ، من بينها «موسيقى الحجرة» و«الأعمال الغنائية مثل «لا ترحلي، وليالي وأجواء»، كذلك «أعمال البيانو» المخمس المصري ومتتابعة للبيانو وأعمال وزّعها لمحمد عبد الوهاب وجمال عبد الرحيم ورياض السنباطي وغيرهم، إضافة إلى جولاته الموسيقية في عدد من الدول العربية والأوروبية. كذلك تناول الكتاب حياة الحاج الشخصية وملامح لغته الموسيقية والإنتاج الفني، فضلاً عن مكانته في عيون معاصريه، وأهم مؤلفاته والتي بذلت فيها الكاتبة جهداً مضاعفاً، ليس لانعدام أية كتب أو مراجع في هذا الإطار فحسب، بل أيضاً لعدم توافر المعلومات العلمية والشخصية عن الراحل.
الاتجاه شمالاً
في تقديمها الكتاب، ذكرت المؤلفة أنها لم تكن تتمنى أن تكتب عن علي عثمان بصيغة الماضي، وكانت تعتزم الكتابة عنه في حياته وكان يشاركها هو الكتابة في بدايتها، مضيفة أن الفكرة جاءتها وهي في سرادق العزاء بعد يومين من صدمة وفاته العام الماضي، وبعدها توجهت بتحية شكر وتقدير إلى زوجته د. تحية شمس الدين على تعاونها في إمدادها بكل ما احتاجت إليه.ألقى الكتاب الضوء على السيرة الذاتية لحياة الكاتب، الذي ولد عام 1958، في مدينة أم درمان بالسودان لأسرة ميسورة وكبيرة العدد، كان الأب يعمل مزارعاً والأم ربة منزل. تلقى التعليم حتى المرحلة الثانوية وفي الوقت نفسه بدأ يتعلّم العزف على الطبل، حتى ظهرت موهبته فانضمّ إلى الفرق الموسيقية الشابة، وبعدها توجّه إلى الطب ليحقق آمال والده، ولكنه لم يستطع الاستمرار بسبب حبه للموسيقى، وقرّر السفر إلى كندا. ولعدم وجود سفارة هناك اتجه إلى مصر، ودرس في الكونسرفتوار على آله الكنترباص، كذلك التأليف الموسيقي. تبنّى موهبته كل من د. سميحة الخولي ود. جمال عبد الرحيم، وأثناء دراسته تعرف إلى زوجته، ونشأت بينهما قصة حب من طرف واحد في البداية، وانتهت بالزواج. وكان سفره إلى سويسرا نقطة تحوّل في حياته حيث حصل على منحة من الهيئة السويسرية لمدة أربعة أشهر، وفي نهاية الزيارة قدّم مؤلفاته في حفلة سجلتها الإذاعة السويسرية وتوالت عليه طلبات التأليف من العازفين والأفراد. وبعدها شغل منصب الإشراف على مكتبة الأوبرا في القاهرة. كذلك انتشرت أعماله في أوروبا بعد رحلته إلى سويسرا، وتولي لمدة 15 عاماً مسؤولية رعاية جمعية «النور والأمل»، وطاف بطلابه عدداً كبيراً من بلاد العالم، كالسويد وألمانيا وسويسرا والإمارات.اللغة الموسيقية
أما ملامح لغته الموسيقية فشملت هويته السودانية الإفريقية العربية المصرية الغربية، والإيقاع الذي ارتبط بإحساسه الفطري، وحسبما تذكر المؤلفة أن ذلك ظهر بوضوح في أعماله المقامية كافة، فأكبر جزء من أعماله كتبه في مقامات خماسية أو عرابية أو الاثنين معاً، كذلك كتب بنظام الدوديكافونية و«النسيج الموسيقي»، ويغلب على مؤلفاته النسيج الهارموني، ولكنه خاض أيضاً في الكتابة البوليفونية كذلك «الصيغة والبناء» و«التلوين».مراحل فنية
كتب الحاج في مجالات متعددة من التأليف الموسيقي، ويُقسم إنتاجه الفني إلى ثلاث مراحل فنية: «مرحلة الدراسة والتجريب»، وهي الفترة التي تحتوي على أعمال معظمها متطلبات الدراسة كطالب في قسم التأليف يجب أن يدرس الأنواع والصيغ التقليدية، والمرحلة اللاحقة لحصوله على الماجستير عام 1990 وهي الفترة التي توسعت بها كتاباته، و«المرحلة الثالثة» ما بعد سويسرا وكانت ذات أثر كبير في مشواره، وبدأ آنذاك يظهر بوضوح في مؤلفاته عنصر الإيقاع، إذ استخدم الضروب الإيقاعية العربية الطويلة.
لغته الموسيقية شملت هويته السودانية الإفريقية العربية الغربية
من قرع الطبول في السودان إلى قيادة الأوركسترات العالمية في سويسرا
من قرع الطبول في السودان إلى قيادة الأوركسترات العالمية في سويسرا