بالرغم من عدم وجود تعريف تقني «للحرب التجارية»، يبدو أن العالم متجه نحو هذه الحرب. لم تقم إدارة الرئيس ترامب يوم الجمعة بفرض رسوم جديدة على 34 مليار دولار من الواردات الصينية السنوية فحسب، بل إن الرئيس هدّد أيضا بتوسيع الرسوم لتشمل كافة السلع المستوردة من الصين. ويهدد هذا التصعيد الجديد والدراماتيكي جدا 500 مليار دولار من السلع الصينية، ومن المحتمل جدا أن يحّول هذه السلسلة من النزاعات التجارية إلى حرب تجارية كاملة.

وربما يعتقد ترامب أن هذه الإجراءات المتطرفة ستدفع الآخرين إلى التراجع، وهو خطر قد يكون مكلفا إذا ما قررت الصين أن تنتقم. وحين تم تهديد كوريا الجنوبية برسوم على الصلب والألمنيوم، قدمت سريعا تنازلات لتفادي هذه الرسوم، وهو أمر أقل احتمالا بكثير بالنسبة للصين.

Ad

وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، يستمر ترامب حتى مع «حلفائه» باستخدام الاستراتيجية نفسها، وهو سلوك مفاجئ على أقل تقدير، خاصة بعد أن وصف الاتحاد الأوروبي بأنه «سيئ» مثل الصين فيما خص طريقة تجارة الدول الأوروبية مع أميركا.

وبعد أن ردّ الاتحاد الأوروبي برسوم بالمثل، أمر ترامب بإجراء تحقيق أمن قومي في السيارات والقطع المستوردة (تحقيق مماثل سبّب سلسلة أحداث الصلب والألمنيوم). ويقال إن ترامب ينظر في تنفيذ فرض رسوم نسبتها 25 في المئة مجددا، وهذه المرة على السيارات والقطع. ويتوقع تحليل أن يكّلف ذلك 195 ألف وظيفة في أميركا، وثلاثة أضعاف ذلك إذا ردت الدول المتضررة (غالبا حلفاء أميركا الرئيسيين). أما بالنسبة إلى كندا والمكسيك، فلم يظهر ترامب حبا لجيرانه. وبعد وضع الرسوم على الصلب والألمنيوم موضع التنفيذ، رفض كلا الجارين أن يتراجع، وكان ردّهما بفرض رسوم على أميركا.

وعلى العموم، فإن هناك الكثير على المحك إذا فشل أصحاب العقول الهادئة في السيطرة على الوضع. وبالرغم من أن الجميع سيكون خاسرا، فإن الأطراف المعنية مازالت تجد صعوبة في التعاون في معضلة السجين هذه (طرفان يعملان على حماية مصالحهما بطريقة منطقية، ولكن النتيجة تكون أسوأ مما ستكون عليه لو تعاونا).

ويعتقد ترامب أن لديه أفضلية، وليس من الأرجح أن يتراجع في وقت قريب ما لم يعتقد غير ذلك. وفي الواقع، من الأرجح أن يمضي في ما يقوم به ما دامت لديه السلطة للقيام بذلك. ومن ناحية أخرى، فإن الصين والاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك وكل المتضررين من الرسوم سيستمرون بالرد. وستعتمد النهاية على كمية الضرر الاقتصادي التي يمكن لكل طرف أن يتحملها. وفي النهاية، سيكون الجميع خاسرا.

أرقام توظيف قوية

في نهاية الأسبوع، أشار مكتب إحصاءات العمل إلى إضافة 213 ألف وظيفة (غير زراعية) في أميركا الشهر الماضي، وتجاوز هذا الرقم توقعات السوق البالغة 195 ألفا. وفي الوقت نفسه، ارتفع معدل البطالة من أدنى مستوى له منذ 18 سنة عند 3.8 في المئة إلى 4 في المئة، وكان هذا هو الارتفاع الأول في 10 أشهر مع دخول المزيد من الأفراد في القوة العاملة، في إشارة إلى الثقة بسوق الوظائف. أما بالنسبة للأجور، فقد شهدت نموا من سنة لأخرى عند 2.8 في المئة. وارتفعت الأجور من شهر لآخر بنسبة 0.2 في المئة. وأشار الارتفاع الثابت في الأجور إلى ضغوط تضخمية متوسطة، يجب أن تبقي مجلس الاحتياطي الفدرالي على مساره في رفع تدريجي لأسعار الفائدة.

محاضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي لم تلقَ ردات فعل

بعد الاتفاق على رفع سعر الفائدة الإسنادي في أميركا، أشارت محاضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح إلى أن واضعي السياسة قد يعلنون قريبا أن دورة رفع أسعار الفائدة كانت متقدمة بما يكفي لأن تعود اللجنة إلى سياسة غير داعمة للاقتصاد أو غير مقيدة له.

ولاحظ واضعو السياسة في المجلس أيضا «أن عدم اليقين والمخاطر المرتبطة بالسياسة التجارية قد ازدادا، وأنهم قلقون من أن عدم اليقين والمخاطر هذه قد يكون لها آثار سلبية لاحقا» خلال اجتماعهم الأخير. وفي حين أن احتمالات رفع ثالث في سبتمبر بلغت 77 في المئة، فإن احتمال رفع رابع في 2018، والذي تمت مناقشته كثيرا، بقي عند 50 في المئة.

أرقام قوية في قطاع الخدمات الأميركي

بعد أربع فترات متوالية من التباطؤ، ارتفع قطاع الخدمات الأميركي أخيرا في يونيو. وسجل مؤشر مديري الشراء لغير التصنيع في معهد إدارة الإنتاج، وهو مؤشر طليعي إلى صحة الاقتصاد، 59.1، أي أعلى من توقع السوق البالغ 58.3. ويمكن أن يشير هذا الرقم إلى أن الاقتصاد الأميركي شهد ربعا صحيا ثانيا بعد بداية متواضعة لهذه السنة. ويعتبر هذا صحيحا بشكل خاص بما أن قطاع الخدمات يشكّل حوالي 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لأميركا.

الصرف الأجنبي

أنهى الدولار الأسبوع تقريبا على حاله، لكن التراجع في نهاية الأسبوع عنى أنه أنهى الأسبوع متراجعا بنسبة 0.62 في المئة. وكان لذلك أثرا في كافة العملات الرئيسة التي استفادت من تراجع الدولار. فقد سجّل اليورو أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع عند 1.1767، بعد أن أصبح تهديد أميركا والصين بفرض رسوم على مليارات الدولارات من السلع واقعا، بالرغم من أن القلق حيال تصاعد النزاع حدّ من الإقبال على المخاطر. وفي الوقت نفسه، تمكّن الجنيه الإسترليني من الارتفاع تدريجيا خلال الأسبوع الماضي، ليصل إلى أعلى مستوى له في أسبوعين عند 1.3290.

انتعاش في قطاع الخدمات البريطاني

توقفت البيانات البريطانية المخيبة للآمال شهرا بعد آخر هذا الأسبوع، بفضل الانتعاش في مؤشرات مديري الشراء. فقد انتعش قطاع الخدمات في يونيو، وهو القطاع الأكبر في الاقتصاد البريطاني. وارتفع مؤشر مديري الشراء للخدمات إلى 55.1، وهو أعلى مستوى له في 8 أشهر، مدعوما من ارتفاع الطلبات الجديدة وتفاؤل قطاع الأعمال.

أما بالنسبة للمكونات الثانوية الأخرى، فقد ارتفع مؤشر الطلبات الجديدة بنقطتين ليصل إلى أعلى مستوى له في 13 شهرا، وارتفع أيضا مؤشر سعر الإنتاج، ولكن إلى أعلى مستوى له في 3 أشهر فقط. وفي بداية الأسبوع، ارتفع أيضا قطاعا التصنيع والإنشاءات، ليدعما بذلك تقييدا أكبر من بنك إنكلترا للسياسة النقدية. وبلغ احتمال رفع سعر الفائدة في أغسطس 65 في المئة بعد صدور أرقام مؤشر مديري الشراء للخدمات. وفي الإجمال، ألقت آخر قراءات مؤشرات مديري الشراء ضوءا إيجابيا على الاقتصاد البريطاني، في حين دعمت رأي البنك بأن أرقام الربع الأول كانت مؤقتة.

«المركزي» الأوروبي واثق بالتضخم المستقبلي

وفي هذه الأثناء، قال رئيس اقتصاديي البنك المركزي الأوروبي يوم الثلاثاء الماضي إنه واثق بأن التضخم في منطقة اليورو سيستمر بالارتفاع نحو المعدل الذي يستهدفه البنك عند أقل من 2 في المئة، حتى بعد نهاية برنامجه الهائل لشراء السندات، وقال أثناء وجوده في البنك المركزي الروماني في بوخارست «إن القوة الكامنة لاقتصاد منطقة اليورو، إلى جانب توقعات التضخم الراسخة للمدى الطويل، تقدمان أساسا للثقة بأن الاتجاه المستدام للتضخم نحو المعدل المستهدف سيستمر في الفترة القادمة، حتى بعد النهاية التدريجية لصافي شراءات الأصول».

ترامب يزجر «أوبك»

مهما كانت النتيجة، فإن ترامب ليس خائفا من اختبار تصميم حلفائه، وقد انتقد «أوبك» وضغط على أقرب حلفاء أميركا، محذرا إياهم من التلاعب بأسواق النفط. وبعد أن اشتكى الرئيس الأميركي من ارتفاع أسعار النفط، قال إن «أوبك» يجب أن توفر مليوني برميل في السوق للتعويض عن نقص الخام الإيراني بسبب العقوبات. ولكن بالرغم من موافقة «أوبك» على زيادة الإنتاج، فقد ارتفعت أسعار النفط بعناد مع خسارة الإنتاج من ليبيا وفنزويلا، وتوقع انخفاض الصادرات الإيرانية بأكثر مما وعدت به السعودية من زيادة للخام. والآن، يدعو ترامب «أوبك» لعمل المزيد من أجل خفض الأسعار. وأنهى خام برنت الأسبوع عند 77.29$.

بيانات اقتصادية قوية في الصين

بالنسبة إلى الاقتصاد، فقد كشف مؤشر مديري الشراء المركّب في الصين (الذي يشمل التصنيع والخدمات) أن نشاط قطاع الأعمال استمر في التوسع في نهاية الربع الثاني. ونما قطاع الخدمات بأسرع وتيرة له في 4 أشهر في يونيو، مع ارتفاع المؤشر من 52.9 إلى 53.9.

وفي الوقت نفسه، تم رفع التقدم في الإنتاج التصنيعي أيضا إلى أعلى مستوى له في أربعة أشهر. لكن معدلات الزيادة في القطاعين بقيت أضعف من تلك التي شهدناها في بداية السنة. وقد اتجه الاقتصاد الصيني بشكل كبير نحو الخدمات والاستهلاك. وبالتالي، فإن الطلب المحلي يلعب دورا كبيرا بشكل متزايد في قيادة النمو. وقد تقلّص الرسوم القادمة النمو في المدى القريب، ومع ذلك فإن الطلب المحلي المرن سيستمر في دعم النمو، ليوفر بذلك بعض الحماية من المخاطر الخارجية. وشهدت عملة الشعب، المعروفة أيضا بالرنمينبي، أحد أكبر ارتفاعاتها خلال يوم واحد على الإطلاق الأسبوع الماضي بارتفاعها مقابل الدولار. وعزا المشاركون في الأسواق هذا التحرك إلى شراء البنوك الحكومية العملة بقوة. لكن بعد ذلك، بدا أن العملة تستقر بسبب التدخل الظاهر للبنوك الحكومية الصينية. وكان تراجع العملة الصينية بنسبة 3.3 في المئة في يونيو هو الأسوأ على الإطلاق. وبلغ اليوان 6.6396 قبيل نهاية الأسبوع.