خطاب الرئيس ترامب الأخير الذي طالب فيه دول أوبك بزيادة إنتاج النفط وتخفيض الأسعار معيّراً هذه الدول خصوصا الخليجية منها بالحماية الأميركية لها، ذكرني بشخصين من خيرة الاقتصاديين الكويتيين، الأول هو الصديق سامي الأنبعي الذي توفي قبل أيّام، رحمه الله، والذي كنت ألتقي معه طوال أكثر من ثلاثين عاما في ديوان المرحوم خالد الربيعان كل يوم خميس في القادسية مع مجموعة من الإخوة والأصدقاء، حيث كانت كلمات وقفشات سامي المرحة تضفي جواً من البهجة والفكاهة على العشاء، حين كنت أحاول جر النقاش معه إلى المواضيع الاقتصادية لأن الأخ سامي ذو رأي اقتصادي مهم ومتميز، والثاني هو الأستاذ حمزة عباس محافظ البنك المركزي السابق، وهو الاقتصادي الكبير المعروف.الشاهد أن الاثنين شاركا في اللجنة الاستشارية الاقتصادية التي شكلها صاحب السمو الأمير قبل سنوات، والتي كنت أحد أعضائها، هذه اللجنة قدمت تقريراً من أحسن وأفضل التقارير بشأن الإصلاح الاقتصادي للكويت، الذي لو أُخذ بالتوصيات التي وردت فيه لكان وضع كويتنا الحبيبة وأجيالنا القادمة أفضل بكثير.
الشاهد أن الأستاذ حمزة قدم في اللجنة جدولاً يستقرئ فيه زيادة المصروفات السنوية في الميزانية في الخمس عشرة سنة القادمة، وما هو السعر المطلوب لبرميل النفط لتغطية الميزانية السنوية، مع تثبيت كمية الإنتاج عند ثلاثة ملايين برميل يوميا. ولما كانت زيادة المصروفات في الميزانية حتمية نتيجة لزيادة عدد السكان خصوصا الكويتيين، فقد كانت المصروفات في الجدول تزداد حتى وصلت بعد المدة المذكورة في الجدول إلى أكثر من أربعين مليار دينار كويتي! وعندها يكون سعر البرميل اللازم لتغطية هذه المصروفات نحو 200 دولار، وهذا سعر خيالي يستحيل أو يصعب الوصول إليه، فكيف سيكون وضع البلاد عندها؟ خصوصا إذا نجحت ضغوط ترامب فتمت زيادة الإنتاج أو تخفيض سعر البرميل!!لذلك طالبت اللجنة ضمن توصياتها بعدم الاعتماد على مصدر وحيد للدخل وهو النفط؛ لأننا لا نملك تحديد سعره ولا كمية الإنتاج العالمي منه، كما طالبت اللجنة بالعمل على عدم نمو المصروفات بهذا الشكل الكبير الذي يتزعمه بعض الوزراء وأعضاء مجلس الأمة. وبعدها قامت هذه اللجنة الاستشارية بتكليف لجنة مصغرة منها لصياغة التقرير النهائي وقام الأخ سامي ممثل البنك المركزي بجهد كبير ومميز في الصياغة كان محط إعجاب وتقدير جميع الأعضاء، رحمه الله. ونعود الآن إلى خطاب ترامب بكلماته الصريحة أو القاسية الذي ذكرني بتوصياتنا في تلك اللجنة، لتوكد صحتها ولتشكل إدانة لمسيرة البلاد الاقتصادية في السنوات السابقة، فهل يصحو من يقوم على التشريع والتنفيذ في بلادنا قبل فوات الأوان؟ العلماني الغبي: بعض العلمانيين يغرد أو على الأصح ينعق نعيقا يثير استياءً كبيراً لدى سائر الناس، مثل الانزعاج من الأذان للصلاة، أو باستهجان الذبح في عيد الأضحى، والغريب أن منهم من يرى أن التغريد ليس جريمة مهما كُتب فيه، وآخر يرى أن نعيقه هذا هو من باب الحريات، وثالث يقول إن إحالته إلى القضاء هي خلاف سياسي! معقولة إلى هذه الدرجة لا يعرفون القانون؟ أم هي محاولات جريئة للصدام مع القانون وتغييره بالاستعانة بالمنظمات الدولية غير المسلمة كما فعل الذين من قبلهم؟ لذلك نحمد الله تعالى أن كشف حقيقتهم عندما أثاروا استياء الناس ومشاعر المسلمين بتغريداتهم الغبية، وحقاً "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ".
مقالات
رياح وأوتاد: «عباس» و«الأنبعي» والنظرة قبل تهديد ترامب
09-07-2018