هل بين الهند وكوريا الشمالية شراكة استراتيجية؟
تلقى العالم بذهول كشف الهند أخيراً عن إرسالها وزير دولة للشؤون الخارجية للقاء نظرائه في كوريا الشمالية، حبث أشار وزير الدولة للشؤون الخارجية فيجاي كومار سينغ إلى أن المرشحين غير المرجحين اجتمعا لمناقشة "التعاون السياسي، والإقليمي، والاقتصادي، والتربوي، والثقافي بين البلدين"، ولكن لا يبدو أنهما يملكان الكثير من المسائل السياسية المشتركة. إذاً، لمَ أرسلت الهند دبلوماسياً بارزاً إلى بيونغ يانغ للمرة الأولى منذ عشرين سنة؟لا شك أن الهند، منذ انتخاب مودي عام 2014، صارت أكثر نشاطاً بكثير على المسرح العالمي، وتشمل المكونات الأساسية لسياسة مودي الخارجية التحوط في علاقة الهند مع الصين بالتفاعل بشكل ألصق مع دول جنوب شرق آسيا والتقرب من دول عظمى مثل الولايات المتحدة.بعد انعقاد القمة الأميركية-الكورية الشمالية في مطلع الشهر الماضي، يواجه العالم اليوم احتمال انفتاح جديد على كوريا الشمالية، وبما أن حلفَي كوريا الشمالية وشريكيها التجاريين البارزين يمثلان الخطرَين المباشرين الأكثر وضوحاً اللذين تواجههما الهند، تشكّل الروابط الجيدة مع بيونغ يانغ ضمانة تحول دون إضافة خطر جديد إلى المنطقة. لذلك يبدو تقرب الهند من كوريا الشمالية، من وجهة النظر المنطقية، فرصة للتفوق على الصين وباكستان، علماً أن هذه الخطوة قد تعزز مكانة الهند في منطقة المحيط الهادئ الهندية.
في عالم تزداد فيه القوة الناعمة أهميةً، تُبرز الروابط الإيجابية مع بيونغ يانغ نوايا الهند الحسنة على المسرح العالمي، وبالنظر إلى الوضع القائم اليوم، لا تكتفي الهند بعدم المشاركة في توترات شرق آسيا، بل تحافظ أيضاً على علاقات ودية مع معظم دول تلك المنطقة، ويمكننا تشبيه هذا الوضع بالهند خلال حقبة الحرب الباردة حين شاركت في قيادة حركة دول عدم الانحياز، مما أتاح لها أن تصبح قائد البلدان الضعيفة التي كانت قد تخلصت حديثاً من الاستعمار في تلك الكتلة الثالثة، ولا شك أن دوراً قيادياً مماثلاً سيصون اليوم ويعزز صورتها كدولة محايدة محبة للسلام، مما يتيح بالتأكيد لأمم مثل كوريا الشمالية التقرب منها.صحيح أن الوضع في بيونغ يانغ ما زال متقلباً جداً، إلا أن مناورات الهند قد تعزز أيضاً طموحاتها الأوسع: أن تتحول إلى قوة عالمية، فبتأديتها دور الوسيط قد تنجح في العمل على اصطفافاتها، موازنةً على الأرجح الروابط الصينية-الباكستانية في جوارها، وبتأديتها دور القائد قد تعزز محور حلفائها في المنطقة، ولكن على الهند أن تواصل السعي إلى التوصل إلى استراتيجية متجانسة في مجال السياسة الخارجية. يعود ذلك إلى ضرورة أن توجه نخبة السياسة الخارجية الهندية مواردها وخبراتها مباشرةً نحو سياسة موحدة، إذا كانت ترغب في تخطي تصنيفها كـ"قوة ناشئة"، وإن لم تقدِم الهند على ذلك، فقد يحول نقص الزخم في مناورات مماثلة دون اكتساب دلهي أي أفضلية على نظرائها.* تانيا سن* «ناشيونال إنترست»