أكد صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وجوب الدفع بآليات التعاون بين الدول العربية والصين بما يسهم في تحقيق المصالح العليا للجانبين ويعزز العلاقات التاريخية بينهما.ودعا سموه في كلمته أمام أعمال الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي - الصيني إلى العمل مع الصين على تجاوز الأزمات التي تعيشها بعض الدول العربية، لما تمثله الصين من ثقل وتأثير دولي والتزام صادق بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وشدد سموه على أن العلاقات الاقتصادية بين الكويت والصين تمثل مدعاة للبناء عليها لتحقيق المزيد، إذ بدأ البلدان الحديث عن مشاريع مستقبلية عملاقة تجسد الشراكة الحقيقية، واتخذت خطوات عملية منها مشروع مدينة الحرير والجزر الكويتية، معتبراً أن التعاون الثنائي انطلاقاً من اعتبار الصين أحد أكبر الشركاء التجاريين للكويت يمثل بعداً جوهرياً في العلاقة.وأشار إلى أن التعاون الخليجي - الصيني البناء والمستمر يمثل دعماً قوياً للتعاون المشترك في الإطار العربي - الصيني إذ تأتي المفاوضات المتعلقة بإقامة منطقة تجارة حرة بين دول مجلس التعاون والصين كأحد أهم روافد هذا التعاون، مشدداً على أن الظروف والأوضاع الصعبة تدفع الى الإصرار أكثر على تحقيق التقدم والنتائج الجيدة والتطلع بأمل وتفاؤل إلى اجتماع اليوم.
وفيما يلي نص الكلمة:«يسرني بداية أن أتقدم بالشكر والتقدير لفخامة الصديق شين جين بينغ وإلى حكومة وشعب جمهورية الصين الشعبية الصديقة على ما أحاطونا به من حفاوة في الاستقبال وكرم ضيافة وعلى الإعداد المميز لهذا اللقاء الهام.كما أشكر فخامته على دعوتنا كضيف شرف لحضور الجلسة الافتتاحية لمنتدى التعاون العربي الصيني، التي تأتي متزامنة مع زيارة الدولة التي نقوم بها إلى بلدكم الصديق.يأتي اجتماعكم اليوم في إطار منتدى التعاون العربي الصيني استكمالاً لمسيرة علاقات تاريخية طويلة ننظر من خلالها لتعاوننا مع أصدقائنا في الصين بأفق واسع وتفاؤل غير محدود ونؤمن بأن الدفع بآليات ذلك التعاون سوف يسهم في تحقيق المصالح العليا لأمتنا العربية، ويسهم أيضاً في خدمة مصالح أصدقائنا ويعزز العلاقات التاريخية بين الجانبين والتي نحرص على تطويرها ودعمها في كل المجالات، بما يتواءم مع عمقها وعراقتها، التي امتدت زمناً طويلاً، كما أن هذا التعاون سيمكننا من تحقيق المشاورات السياسية والتنسيق حول القضايا والأزمات الراهنة بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
تجاوز التحديات
ندرك تماماً أن هذا التعاون الذي مضى على تأسيسه نحو العقد ونصف العقد لن يتحقق له النمو والاستمرار والوصول به إلى الغايات المنشودة من انطلاقة ونحن نعيش في ظل أوضاع متوترة وغير مستقرة في وطننا العربي إذ إن القضية الفلسطينية وهي قضيتنا المركزية الأولى ما زالت بعيدة عن دائرة اهتمام وأولويات العالم رغم ما يمثله ذلك من تهديد للأمن والاستقرار علينا، وما زالت الأوضاع المأساوية في اليمن وسوريا وليبيا والصومال تدمي قلوب أبناء أمتنا العربية لأن مصيرها لا يزال يقع ضمن دائرة المجهول الأمر الذي يدعونا إلى التوجه إلى أصدقائنا في الصين للعمل معنا لنتمكن من تجاوز ما نواجهه من تحديات، لما تمثله الصين من ثقل وتأثير دولي والتزام صادق بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة حتى نستطيع معاً الدفع بتعاوننا إلى الآفاق التي تحقق مصالحنا المشتركة وتضمن لنا الاستمرار في هذا التعاون.وفي إطار الالتزامات المتبادلة لهذا التعاون فإننا ندرك مشاغل أصدقائنا في الصين المتصلة بأمنهم واستقرارهم ونتفهم تلك المشاغل ونقف إلى جانبهم مؤكدين دعمنا لسياسة الصين ومبدأ وحدة أراضيها والتزامنا الثابت بمبدأ الصين الواحدة، كما ندعم مساعي الصين لإيجاد حل سلمي للنزاعات على الأراضي والمياه الإقليمية عبر المشاورات والمفاوضات الودية وفق الاتفاقيات الثنائية وعلى أساس اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار كما أننا ننظر بارتياح لما تحقق من إنجازات لأصدقائنا على صعيد تعاملهم مع ما يمس أمنهم واستقرارهم.خطوات للشراكة
فخامة الرئيسأصحاب المعالي والسعادةعلى الرغم من قناعتي بأنكم على إطلاع بما سوف أورده من حقائق وأرقام حول العلاقات الاقتصادية بين بلدي الكويت والصين على مسامعكم إلا أني أجدني سعيداً لأن أذكرها هنا لما تمثله من مؤشر تفاؤل ومدعاة لنا لأن نبني عليه لنحقق المزيد وغني عن القول، إن الكويت تحظى بموقع جغرافي استراتيجي يربط آسيا بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا محاذية لتجمعات بشرية كبرى، وكانت فيما مضى جزءاً مما يعرف بطريق الحرير وعلى المستوى الثنائي بدأنا في الحديث مع أصدقائنا في الصين عن مشاريع مستقبلية عملاقة تجسد الشراكة الحقيقية، كما باشرنا باتخاذ خطوات عملية في هذا الشأن كمشروع مدينة الحرير والجزر الكويتية وذلك لثقتنا المطلقة بتوجهات القيادة الصينية حيال التعامل معنا والمصداقية التي لمسناها من خلال ذلك التعامل.وفي قراءة لمعدلات التبادل التجاري على المستوى الثنائي تؤكد الأرقام بأن الصين تحتل المركز الثاني لصادرات الكويت من النفط ومشتقاته في حين تبلغ قيمة الصادرات الكويتية غير النفطية إلى الصين ما يقارب 480 مليون دولار، وتبلغ قيمة الواردات الصينية إلى الكويت ما يقارب 5 مليارات ومئة مليون دولار، فضلاً عن حجم الاستثمارات الكويتية الضخمة في السوق الصينية.إن تعاوننا الثنائي انطلاقاً من اعتبار الصين أحد أكبر الشركاء التجاريين لنا يمثل بعداً جوهرياً وفق آليات التعاون مع الصين وإضافة مهمة له.أما إذا انتقلت إلى التعاون الخليجي الصيني البناء والمستمر، فهو يمثل دعماً قوياً لتعاوننا المشترك في الإطار العربي إذ تأتي المفاوضات المتعلقة بإقامة منطقة تجارة حرة بين دول مجلس التعاون والصين كأحد أهم الروافد لتعاوننا المشترك خصوصاً أن حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون والصين بلغ 127 مليار دولار وهو رقم مرشح للازدياد في ضوء توسيع مجالات التعاون وتعزيزها.«الحزام والطريق»
وعلى مستوى التعاون العربي - الصيني فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين 191 مليار دولار لعام 2017 وتتطلع الدول العربية إلى الشراكة الواعدة في مشروع الحزام والطريق لما يمثله من أهداف استراتيجية وفرص غير محدودة للتعاون والربط وتسهيل حركة النقل ومضاعفة فرص الاستثمار وتعزيز الاقتصاد العالمي.ولا يغفل تعاوننا العربي - الصيني مجال الطاقة وإيلاء الأهمية القصوى لهذا القطاع بإقامة مشاريع الاستثمار الكبرى في مجال النفط والغاز الطبيعي والاستفادة من الخبرات الصينية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية والطاقة المتجددة.وفي الختام، لا بد لنا من التأكيد بأن الظروف والأوضاع الصعبة التي نواجهها اليوم جميعاً تجعلنا أكثر إصراراً على تحقيق التقدم والنتائج التي ننشدها ونتطلع بأمل وتفاؤل إلى إجتماع الدورة التاسعة لمنتدى التعاون العربي الصيني. متوجهين بكل الشكر والتقدير لكل القائمين على الإعداد لهذا الإجتماع بجمهورية الصين الشعبية والدول العربية مع تمنياتنا لاجتماعنا بالتوفيق والنجاح».