«البنتاغون» لا تثق بوعود موسكو حول مستقبل طهران في سورية

قبيل مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب واشنطن في جولته الخارجية لحضور قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، وزيارته بريطانيا، ثم هلسنكي للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، طفا خلافه مع قادة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في تصريحات غير مباشرة صدرت عن عدد من المتحدثين باسمها، وعن بعض الخبراء والمستشارين السابقين ممن خدموا في إدارات سابقة، عكست قلقهم من الملفات التي سيبحثها ترامب في جولته الخارجية.

ورفض المتحدث باسم «البنتاغون» روبرت مانينغ الرد على أسئلة بعض الصحافيين حول الوضع في جنوب سورية، محيلاً الأمر إلى البيت الأبيض، مما أثار العديد من التساؤلات عن حقيقة الموقف الأميركي مما جرى ويجري في تلك المنطقة، خصوصاً أن سورية هي أحد أبرز الملفات التي ناقشها ترامب مع قادة «الناتو»، أو سيتناولها مع بوتين.

وتحدثت أوساط أميركية عن حالة استياء وتشكيك تسود «البنتاغون» مما يجري في جنوب سورية، بالنظر إلى افتقاد الاستخبارات العسكرية الأدوات اللازمة للتحقق من الالتزامات الروسية بتحقيق انسحاب جدي للقوات والميلشيات الموالية لإيران من المنطقة، في ظل المعلومات التي يدركها الأطراف المعنيون، بأن القوات النظامية السورية ليست هي القوة الضاربة التي مكنت الرئيس بشار الأسد من بسط سيطرته على مناطق المعارضة خلال السنتين الماضيتين، وأن إنجازاته العسكرية لم تكن لتتحقق لولا دعم تلك الميلشيات له.

ويدرك قادة «البنتاغون» أن قوات النظام ليست سوى ميليشيات إيرانية ترتدي زياً حكومياً، مما يجعل التحقق من هويتها أمراً متعذراً جداً ما لم يجرِ اعتماد آلية تحقق مباشرة.

واعتبرت الأوساط أن موافقة البيت الأبيض على تسليم روسيا مهمة إنهاء الوضع في تلك المنطقة، ثم الشروع في إعادة تأهيل النظام السوري ليتولى الإشراف على المناطق الحدودية المحاذية لإسرائيل والأردن، جاء تلبية لطلب إسرائيلي مباشر، وتعهد روسي بإقناع الأسد بالابتعاد عن حليفه الإيراني، مقابل تحقيق انفراجات في ملفات أخرى سيبحثها ترامب وبوتين في هلسنكي.

وفي حين تشير الأوساط إلى أن التعثرات التي تواجه تطبيق الاتفاقات الميدانية في جنوب سورية مردها «التفاوض الحار» الجاري بين الأطراف، وخصوصاً للدور الذي تلعبه إسرائيل في هذا المجال، شكك السفير الأميركي السابق إلى إسرائيل مارتن أنديك- اليهودي الأصل وأحد كبار مسؤولي معهد «سابان» لدراسات الشرق الأوسط والمدافع عن تل أبيب- في صحة التقديرات الإسرائيلية في «إعادة عقارب الساعة إلى الوراء» بالنسبة إلى مستقبل العلاقة مع نظام الأسد.

وشكك أنديك في قدرة روسيا على فك ارتباط دمشق بطهران، والتحقق من انسحاب ميليشياتها إلى خارج المنطقة العازلة التي تقترحها إسرائيل لأسباب عدة، على رأسها عدم استعداد موسكو لنشر المزيد من القوات على الأرض لسد الفراغ الذي سيتركه انسحاب تلك الميليشيات، إضافة إلى العلاقات المعقدة التي تربط الحلفاء الثلاثة.

وتوقعت الأوساط أن يشهد «البنتاغون» تغييرات بعد جولة ترامب الخارجية وقبيل الانتخابات في نوفمبر المقبل، قد تنعكس على الوزير جيمس ماتيس، وعلى بقائه في منصبه.