غداة نشر مقابلة صحافية طعن فيها بمجمل سياسات الحكومة البريطانية بشأن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي والهجرة، بحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قضايا تجارية وعسكرية، أمس، وسط موجة من الغضب والذهول بالمملكة المتحدة.

وعقد اللقاء بمقر الإقامة الريفي لرئيسة الوزراء، الذي يعود إلى القرن السادس عشر في تشيكرز خارج لندن.

Ad

وقال ترامب لدى وصوله إلى تشيكرز التي تبعد 70 كيلومترا غرب لندن إنه وماي: «لم يسبق لهما أن عززا علاقتهما على نحو أفضل من قبل على الأرجح»، مقارنة بما فعلاه في حفل عشاء الترحيب أمس الأول الذي أقيم قبل نشر المقابلة.

ولاحقاً، أشاد الرئيس بمتانة العلاقات بين واشنطن ولندن، مشددا على «العمل المهم» مع ماي أثناء قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل.

وأضاف بينما كان جالساً إلى جوارها أن «العلاقات متينة جداً».

وعقب المباحثات نفى ترامب خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ماي أن يكون قد وجه انتقادات لها، وقال إن «الكثير مما نشر بالإعلام أخبار ملفقة»، وأنه عرض الاعتذار على رئيسة الوزراء التي رفضت، وتفهمت الأمر.

وأشار ترامب إلى أن محادثاته ركزت على معالجة الملف الإيراني والتأكيد على الحيلولة دون حصولها على سلاح نووي، لافتا إلى أنه شجع ماي على مواصلة الضغط على طهران، مع استعداد واشنطن لإعادة فرض عقوبات اقتصادية عليها بحلول أغسطس المقبل، لإرغامها على قبول 12 مطلبا بشأن برنامجها النووي وأنشطتها في المنطقة.

وجدد ترامب إلقاء اللوم على إدارة سلفه باراك أوباما بشأن ضم روسيا لمنطقة القرم الأوكرانية، رغم معارضة أوروبا وحلف شمال الأطلسي.

من جهتها، شددت ماي على أنها اتفقت مع ترامب، الذي يستعد لعقد قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد غد، على إظهار «القوة والوحدة في مواجهة روسيا».

ولفتت رئيسة الوزراء التي تمر بأزمة سياسية حول خطتها للانسحاب من الاتحاد الأوروبي إلى أن واشنطن ولندن تتفقان على السعي إلى اتفاق تجارة حرة طموح بعد إبرام بريطانيا اتفاقا مع التكتل الأوروبي بشأن «بريكست».

غضب وانتقادات

وأثارت المقابلة التي تضمنت انتقادا قاسياً لماي وعمدة لندن صادق خان بشأن الهجمات الإرهابية وارتباطها بالمهاجرين، ونشرتها صحيفة «ذا صن» اليمنية الشعبية في وقت متأخر ليل الخميس - الجمعة، موجة غضب وذهول في المملكة المتحدة.

وعبّرت شخصيات سياسية بريطانية عن غضب إزاء هجوم ترامب على سياسة الحكومة المتعلقة بـ «بريكست».

وكتب وزير الجامعات سام جياماه على «تويتر»: «أين لباقتك سيدي الرئيس؟». وصوّب نواب آخرون من حزب المحافظين، على الرئيس لـ «تصميمه على إهانة» رئيسة الوزراء التي استقبلته بجولة في بريطانيا.

ووصف حزب العمال المعارض، ترامب، الذي ألمح إلى إمكان تولي وزير الخارجية المستقيل بوريس جونسون رئاسة حكومة بريطانية جيدة، بأنه «وقح جداً».

ولزم «داونينغ ستريت»، مقر الحكومة، الصمت، لكن مساعد وزير الخارجية آلان دنكان قلل من أهمية الجدل، وقال إن ترامب «مثير للجدل، هذا أسلوبه».

وشنت النائبة سارة وولاستون، من حزب المحافظين ورئيسة لجنة الصحة البرلمانية هجوما على الرئيس الأميركي، وقالت إن خطابه «مبطن ومثير للانقسام» بشأن الهجرة، مضيفة «إذا كان تبني نظرة دونالد للعالم ثمنا للاتفاق على كيفية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، فإنه لا يستحق الثمن».

وأضافت مستنكرة أسلوبه: «ماذا علمته والدته؟ إنه ليس بتصرف لائق».

وقالت النائبة العمالية، رئيسة اللجنة البرلمانية للشؤون الداخلية، ايفيت كوبر، إن «تصرف ترامب المسيء يجعلني أتعاطف مع ماي».

وأضافت: «أذكر اندفاعها اليائس لدعوته، وعزوفها المتكرر عن انتقاد حظره للمسلمين أو احتجاز أطفال في أقفاص، ومطاردتها له من أجل اتفاق تجارة سيئ»، داعية رئيسة الوزراء إلى الوقوف بوجه ترامب الذي رأى في المقابلة أن الهجرة «غيّرت نسيج أوروبا» بشكل سلبي.

احتجاجات لندن

وتزامن عقد الاجتماع بين ترامب وماي مع تنظيم تظاهرات مناهضة للرئيس الأميركي في شارع «أوكسفورد» بوسط لندن.

وشارك 64 ألف شخص بالتظاهر في لندن، وهو واحد من أكثر من مئة احتجاج شهدتها بريطانيا خلال زيارة ترامب التي بدأت أمس الأول وتستمر أربعة أيام.

وأقام منظمو الاحتجاجات عددا من الأكشاك لتوزيع الشعارات المناهضة لترامب وسياساته ضد المهاجرين والأقليات العرقية.

في المقابل، نظمت جمعية «الجمهوريون في الخارج» تجمعا مؤيدا لترامب في شارع بجوار ميدان ترافالغار.

من جهته، وصف رئيس بلدية لندن ربط ترامب بين ارتفاع معدلات الجريمة في العاصمة البريطانية والهجرة بـ «الأمر المنافي للعقل».

وقال خان: «أن تلقي مسؤولية الجريمة وهجمات المتشددين على الهجرة من إفريقيا هو في اعتقادي أمر علينا أن ننتقده».

تغير ألماني

من جهة أخرى، رأى وزير الخارجية الألماني السابق زيغمار غابريل أن الرئيس الأميركي يرغب في «تغيير النظام بألمانيا»، وذلك في رده على تصريحات الرئيس الأميركي الأخيرة التي تضمنت نقداً لاذعا لألمانيا بشأن الإنفاق الدفاعي والهجرة.

وقال غابريل: «لا يمكن الاعتماد على أميركا في ظل ترامب. ترامب يعطي الدكتاتور الكوري الشمالي كيم جونج أون ضمانا للبقاء، ويريد تغيير النظام في ألمانيا في الوقت نفسه».

وأضاف: «لا يمكننا تحمّل هذا»، داعياً ألمانيا إلى اتخاذ موقف أقوى تجاه الرئيس الشعبوي الأميركي.

وتابع: «لا يمكن أن يكون لدينا أي أوهام. لا يعرف ترامب سوى القوة. لذلك علينا أن نظهر له أننا أقوياء».