Ad

ليس مستغربا أن يتفوق البنك الوطني سنويا على توقعات المحللين فيما يخص مستويات النمو للأرباح الفصلية سنويا، إذا علمنا أن كل خطوة أو قرار يتخذه البنك يرتكز على دراسات وأبحاث علمية عميقة، فريادة «الوطني» وسمعته العالمية لم تأتيا من باب المصادفة، أو دون تخطيط.

وتصف بنوك عالمية كبرى بنك الكويت الوطني بأنه عبارة عن «آلة ضخمة جدا»، ومجلس الإدارة والإدارة التنفيذية يهتمون بأدق التفاصيل فيها وبكل وحدة من مكوناتها، فيحشد البنك خبرات وكفاءات تضمن عمل هذه الآلة أو المنظومة بتناغم منقطع النظير، فيحصد في نهاية المطاف هذا التميز والتفوق، لما لا والبنك يحمل اسم الكويت.

أحد أركان «الوطني» وحدة الدراسات والأبحاث الاقتصادية، التي كانت من أولى الوحدات في المنطقة وأعرقها، فهي ليست وحدة للدراسات النظرية فحسب، بل متكأ استراتيجي في اتخاذ القرارات بالنسبة للإدارة العليا، كما تعتبر النافذة الأولى والأكثر مصداقية وشفافية للمستثمرين الأجانب، وكل المهتمين بالشأن الاقتصادي الكويتي، فهي من ضمن المراكز الثلاثة الأولى على مستوى الدقة وصحة التوقعات الاقتصادية، وفق تقييم «فوكس إيكونوميكس».

وفيما يلي تفاصيل الحوار مع كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك الكويت الوطني د. سعادة الشامي:

• بداية نود التعرف على دور وحدة الأبحاث والدراسات في البنك الوطني، ودور النصائح والتوصيات التي تقدمها في حسم القرارات، وهل يمكن أن نتعرف على نسب تغطياتكم للقضايا الاقتصادية في الدراسات والأبحاث؟

- وحدة البحوث في بنك الكويت الوطني تعد من أولى الوحدات الاقتصادية والأبحاث في المصارف التجارية بالمنطقة، فقد تم إنشاؤها في أوائل الثمانينيات، لإدراك إدارة البنك في ذلك الوقت للدور المهم الذي تلعبه الأبحاث الاقتصادية في عمل المصرف.

إن نشاط أي مصرف يرتبط ارتباطا عضويا بالوضع الاقتصادي للبلد سواء من ناحية الاقتراض أو الاستثمار، فعلى سبيل المثال إذا توقعت إدارة الأبحاث ارتفاع نسبة النمو في السنة المقبلة، فعندها من المتوقع أن يزيد الطلب على القروض الاستهلاكية والاستثمارية، ووفقا لهذه التوقعات، تتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتتوافق مع هذه الزيادة.

وإذا ارتأت إدارة الأبحاث أن المخاطر تتزايد في قطاع ما أو في اقتصاد إحدى الدول فإن ذلك يعني وجوب اتخاذ سياسة أكثر حذرا لتلافي هذه المخاطر، والأمثلة كثيرة في هذا المجال، وتساعد الدراسات والتقارير، التي تصدر عن وحدة البحوث، الإدارة العليا للبنك في اتخاذ القرارات في ضوء المتغيرات الاقتصادية.

إن وحدة الأبحاث الاقتصادية في بنك الكويت الوطني جزء لا يتجزأ من منظومة البنك، والإدارة تولي الأبحاث الاقتصادية أهمية كبرى، وتثمن الدور الذي تقوم به ليس فقط في خدمة البنك، بل أيضا في خدمة الاقتصاد الكويتي والاقتصادات الأخرى، من خلال الدراسات والأبحاث التي تصدرها، والتي قد لا يكون لها أثر مباشر على عمل البنك، لأنه يصب في نطاق المسؤولية الاجتماعية التي يوليها البنك عناية كبيرة.

أما بالنسبة لتغطيتنا للقضايا الاقتصادية فإنني أستطيع القول إن معظم عملنا يتمحور حول المواضيع الاقتصادية، فقد أصدرنا في العام الماضي 151 تقريرا، ونحو 70 هذا العام.

معايير العمل

• ما المعايير التي تتبعها وحدة الدراسات والأبحاث في "الوطني"؟

- ليس هنالك معايير محددة أو جامدة في عملنا اليومي باستثناء معيار الشفافية والبحث العلمي، الذي يعتمد على مفاهيم وأسس اقتصادية واضحة وعلمية، لكن الاعتماد على علم الاقتصاد وحده وعلى النظريات الاقتصادية ليس كافيا، ويجب أن يستكمل بالاطلاع على مجرى الأمور على أرض الواقع.

لذلك لابد أن نستمع أيضا للعاملين في الحقل الاقتصادي بالقطاعين العام والخاص على السواء، حتى نتمكن من تكوين صورة أوضح عن الوضع الاقتصادي، ولهذا السبب فنحن على تواصل شبه دائم مع جميع المعنيين بالشأن الاقتصادي وتطوراته.

وفي الفترة الأخيرة، ومنذ انضمامي للبنك الوطني في أوائل 2018، اجتمعت بمسؤولين في وزارتي المالية والتخطيط والبنك المركزي وهيئة تشجيع الاستثمار وهيئة أسواق المال وغيرها، ونظمنا كذلك اجتماعات مع ممثلين عن قطاع النفط الذي يعتبر الركن الأساسي للاقتصاد الكويتي.

كما نحرص أيضا على الاستماع لوجهات نظر العاملين في القطاع الخاص والهيئات الدبلوماسية المعتمدة بالكويت، حتى تتكون لدينا فكرة عن تقييمها للوضع الاقتصادي، والمشاكل التي تعترضها، وما إذا كانت هناك نية للاستثمار من قبل رجال الأعمال والشركات التابعة لهم في الكويت.

توقعات وتوصيات

• كيف تصنّف مستوى وحدة الدراسات في البنك الوطني بين المصارف والبنوك العالمية؟ وكم نسب النجاح والتطابق في توقعاتكم وتوصياتكم الداخلية؟

- قد يكون من غير المستحسن من جهتي كمدير لدائرة البحوث أن أصنّف مستوى وحدة البحوث في البنك الوطني مقارنة بوحدات البحوث في المنطقة والعالم، بل أفضل أن أترك ذلك للقراء والخبراء الاقتصاديين، لكن في الوقت نفسه أستطيع أن أقول إن هذه الوحدة من أهم الوحدات الاقتصادية على مستوى المنطقة، كما تضاهي في نشاطاتها الوحدات المماثلة في بعض البنوك العالمية الصغيرة ومتوسطة الحجم.

وبشكل عام، نفتخر بالعمل الذي نقوم به على مدار السنة، ونعتبر أن التقارير والدراسات التي نقوم بها هي على مستوى جيد يساهم ليس فقط في عمل البنك الوطني واتخاذ القرارات، بل أيضا في إغناء النقاش الاقتصادي الدائر بالكويت والمنطقة والكم الكبير من الاتصالات التي نتلقاها من جهات مختلفة هي شاهد على ذلك.

أما بالنسبة لصحة توقعاتنا فإننا كما نعلم أن الاقتصاد ليس علماً دقيقاً، كالفيزياء مثلا، ولكنه علم اجتماع، يعتمد على مفاهيم وأسس ومبادئ اقتصادية ولكن أيضاً تتداخل فيه الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، وهذا يعني أن التنبؤات تخضع لمتغيرات كبيرة وكثيرة، وبالتالي فإن التوقعات تعتمد على فرضيات معينة وتكون عرضة للتغير بين ليلة وضحاها، وفي حال لم تطرأ تغيرات كبيرة جاءت التوقعات قريبة من الواقع.

• ما أبرز إنجازات وحدة الدراسات في البنك الوطني وطموحاتكم؟

- لقد حققت وحدة الأبحاث خلال وجودها عدة إنجازات، إلى أن أصبحت من أهم المراجع الأساسية إن لم نقل المرجع الأساسي للمستثمرين الأجانب والمحليين في الكويت، وإلى حد بعيد في المنطقة، حيث يتم الاعتماد عليها بشكل كبير في اتخاذ القرارات، فتقاريرنا تتصف بالمصادقية والشفافية والمهنية، ويتم توزيعها على آلاف الجهات والأفراد سواء على المستوى المحلي أو الخارجي.

وتغطي دراساتنا معظم المواضيع والشؤون الاقتصادية في الكويت والدول التي للبنك الوطني تواجد فيها، وكذلك الدول الأخرى التي قد يكون لوضعها الاقتصادي وتطوراته تأثير على البنك وأعماله، كما تغطي تقاريرنا مواضيع وسياسات اقتصادية قد تعود بالفائدة على صانعي القرارات الاقتصادية، وهذه خدمة يقدمها البنك إلى المجتمع وتعتبر جزءا من مسؤوليته الاجتماعية.

وفي هذا السياق، أود أن أشير إلى نجاح وحدة البحوث في الحصول على مرتبة عالية في تصنيف مؤسسة "فوكس ايكونومكس" من ناحية صحة توقعات مؤسسات البحوث العالمية، فقد احتل البنك الوطني مرتبة متقدمة للسنة الثالثة على التوالي، وحتى لا أخوض في كثير من التفاصيل سأذكر فقط نتائج العام الماضي، حيث كنا في المراكز الثلاثة الأولى بالنسبة لتوقعاتنا بالكويت ومصر والبحرين فيما يخص الأداء الاقتصادي كله أو بعض القطاعات كالنمو والتضخم والمالية العامة.

ومن الإنجازات التي حققناها، أريد أن أشير إلى مؤشرين اقتصاديين مهمين كان البنك الوطني طورهما في الفترة السابقة، فمؤشر قطاع العقار الذي طورته إدارة البحوث يبين نشاط هذا القطاع المهم وأسعار العقارات المختلفة، ويعتبر مرجعا أساسيا للعديد من الشركات والمؤسسات المهتمة بهذا الموضوع، ويشار إليه في تقارير صندوق النقد الدولي.

وطورت وحدة البحوث أيضا مؤشر الاستهلاك الشخصي الذي يرصد نشاط هذا القطاع الكبير وتغيراته، ونشرنا هذا المؤشر وللمرة الأولى في شهر يونيو، كما نطمح إلى تطوير مؤشرات أخرى في المستقبل تتعلق بالأداء الاقتصادي الكلي، ومن أهدافنا أيضا القيام ببعض الدراسات التحليلية العميقة التي تعالج مواضيع وسياسات اقتصادية مهمة للمنطقة، لما لهذه الدراسات من قيمة مضافة على النقاش الاقتصادي الدائر.

• محلياً، هل تعانون من ندرة في الأرقام الدقيقة اقتصادياً؟

- يمكن القول إن البيانات الاقتصادية الأساسية متوفرة في الكويت، ونثمن بشدة الجهود التي تبذلها الجهات الحكومية في هذا المجال، فنحن نتلقى معلومات مهمة من بنك الكويت المركزي ووزارتي المالية والتخطيط، والتي بدأت بدورها منذ فترة إصدار تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل ربع سنوي وهذا أمر مشجع، ونرجو أن تغطي البيانات قطاعات أوسع من الاقتصاد الكويتي، وتصدر بأوقات محددة مما يسهل عملية البحث الاقتصادي.

سعادة الشامي في سطور

التحق د. سعادة الشامي بالبنك الوطني في أوائل عام 2018، بعد مسيرة مهنية طويلة بدأت بتدريس مادة الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت، لينتقل بعدها إلى صندوق النقد الدولي في واشنطن بالولايات المتحدة، حيث تسلم مهام عديدة، وعمل على عدة بلدان في آسيا وأوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط. وقد تدرج في المسؤوليات حتى أصبح مساعد مدير في دائرة الشرق الأوسط ووسط آسيا.

وخلال وجوده في صندوق النقد الدولي، تولى د. الشامي مهام مدير مركز المساعدة الفنية للشرق الأوسط في بيروت لفترة خمس سنوات. وبعد استقالته من الصندوق تسلم د. الشامي منصب أمين عام هيئة الأسواق المالية اللبنانية لأكثر من أربع سنوات قبل مجيئه إلى الكويت.

للدكتور الشامي عدد من الدراسات والأبحاث المتعددة في مجالات علمية متخصصة، وحائز شهادة الدكتوراه بالاقتصاد من جامعة ماكماستر في كندا، وماجستير وإجازة في الاقتصاد من جامعة أوتاوا.

مستقبل الاقتصاد الكويتي

• كيف ترى مستقبل الاقتصاد الكويتي في ضوء دراساتكم وتحليلاتكم المستمرة والدائمة؟

- الكويت تتمتع بصفات ومزايا مهمة تسمح لها أن تواجه أي صعوبات في المستقبل، دون الحاجة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ومؤلمة، كما هي الحال في بعض البلدان.

تتمتع الكويت بثروة نفطية هائلة، وكلفة متدنية لاستخراج النفط، مقارنة بالدول النفطية الأخرى. أضف إلى ذلك موقعها الجغرافي الاستراتيجي. كما تمتلك الكويت ثروة مالية كبيرة في صندوق الأجيال القادمة والاحتياطي العام. ويتمتع شعبها بروح المبادرة، التي تعود إلى عقود خلت، ما يساعدها في مجال الأعمال والتجارة.

الكويت كانت من أولى الدول التي أنشأت صندوقاً سيادياً، بفضل بُعد النظر والرؤية المستقبلية للمسؤولين الكويتيين، الذين ارتأوا تخصيص جزء من المدخول النفطي وغير النفطي للأجيال القادمة، لتحقيق نوع من المساواة بين الأجيال، ولتوفر لهم إمكانيات كبيرة في حال نضوب النفط في المستقبل، أو في حال هبوط أسعاره بشكل حاد، ما قد يؤدي إلى مشاكل اقتصادية قد تعوق النمو، وتخفض مستوى المعيشة.

• كيف ترون مستقبل أسعار النفط؟ وأين يتجه سعره؟

- قبل الإجابة عن هذا السؤال، دعني أقول إن التنبؤ بأسعار النفط عملية خطرة، وقد علَّمتنا التجارب السابقة ذلك، لأن أكثر التنبؤات باءت بالفشل. لكن بناء على الظروف والمعطيات الحالية، فإني أعتقد أن أسعار النفط ستبقى بحدودها الحالية هذا العام، وقد ترتفع إذا لم تقرّ الدول ذات القدرة على الإنتاج التعويض عن نقص النفط، بسبب انخفاض إنتاج فنزويلا وليبيا أخيرا، واحتمال تطبيق العقوبات الأميركية على إيران، ومحاولات الولايات المتحدة الضغط على الدول المستوردة لتقطع استيرادها من إيران.

أما بالنسبة للفترة المقبلة، فمن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط، وخاصة في الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت سينخفض الطلب، نظراً للانخفاض المرتقب في نسب النمو ابتداءً من السنة المقبلة. سينعكس ذلك بالطبع على أسعار النفط، التي من المتوقع أن تنخفض في السنوات المقبلة، لكن أُعيد وأكرر بأن الخبرة علَّمتنا أن التنبؤ بأسعار النفط، حتى من قِبل أهم خبراء النفط، لم تكن في أكثر الأحيان موفقة، لتداخل عدة عوامل اقتصادية وسياسية وأمنية في تحديد هذه الأسعار.

التوتر الجيوسياسي

• جيوسياسياً، هل ترى توترات المنطقة مستمرة، ومستمرة كذلك بالتأثير سلباً على الاقتصاد أم ماضية نحو الهدوء؟

- إن التوتر الجيوسياسي يؤثر في جميع الأحوال على الأداء الاقتصادي، ليس في هذه المنطقة وحسب، بل في جميع دول العالم. لكن يجب ألا يؤثر هذا التوتر على عمليات الإصلاح الاقتصادي التي يجب أن تستمر. بمعنى آخر، باستطاعتنا التحكم بالسياسة الاقتصادية، وعلينا العمل على تحسين الأداء الاقتصادي، والقيام بالإصلاحات الضرورية، بغض النظر عن الأوضاع السياسية والأمنية التي هي خارج إرادتنا ولا نستطيع التحكم فيها.

• ما أبرز المؤثرات حالياً على الوضع الاقتصادي سلباً؟ وما التوصيات نحو تجاوزها؟

- نظراً لاعتماد الاقتصاد الكويتي بشكل أساسي على قطاع النفط، فإن أي انخفاض في سعر النفط سيكون له تأثير سلبي على المالية العامة والقطاع الخارجي، كما يؤثر انخفاض سعر النفط على ثقة المستهلك والمستثمر، ما يؤدي إلى انخفاض نسبة النمو في القطاع غير النفطي. كذلك أي تطورات جيوسياسية، وإن لم تكن الكويت طرفاً فيها، قد تؤثر على المنطقة بشكل عام، وعلى الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر.

• كيف تقيِّم وضع بورصة الكويت؟ وكيف ترى مستقبلها؟

- قامت بورصة الكويت وهيئة أسواق المال بجهود كبيرة في الفترة الأخيرة، لتصبح البورصة جزءاً من مؤشر "فوتسي راسل"، ووضعت على قائمة المراقبة على مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة.

ومن أهم هذه التغيرات إعادة هيكلة البورصة، وتقسيمها إلى السوق الأولي والسوق الأساسي وسوق المزايدات، ولكل من هذه الأسواق معاييرها ومتطلباتها، وكذلك أعدت وطورت هيئة الأسواق الأنظمة المتعلقة بتنظيم أسواق رأس المال، والتي تتماشى مع أفضل الأنظمة العالمية، وكذلك انضمام الكويت إلى المنظمة الدولية لهيئات الأوراق ساهم في زيادة ثقة المجتمع الدولي بالأسواق المالية الكويتية.

ونرحب بالجهود المكثفة التي تبذل لزيادة السيولة وإدراج عدد أكبر من الشركات في البورصة، وقد ساهم الوطني للاستثمار في عملية الاكتتاب الأخيرة في شركة المتكاملة القابضة الكويتية، والذي فاق 230 في المئة من الحجم المطلوب، وتستعد هذه الشركة للإدراج بالسوق الأول في بورصة الكويت بالأسابيع المقبلة. ويعمل الوطني للاستثمار مع شركات أخرى لتجهيزها للإدراج في البورصة. ومن المتوقع أن يؤدي انضمام الكويت إلى فوتسي راسل وإم إس سي آي إلى دخول نحو مليارَي دولار على في العامين المقبلين، وابتداءً من سبتمبر المقبل.

إن تدفقات مالية كثيرة إلى البورصة سيكون لها أثر إيجابي على نشاط القطاع الخاص وعلى الاقتصاد بشكل عام. وقد بدأت بالفعل معالم الانتعاش في البورصة بعد تقرير "إم إس سي آي"، حيث زادت فيه التداولات بشكل ملحوظ، وهي مرشحة للازدياد في النصف الثاني من العام، بعد الانضمام رسمياً إلى مؤشر فوتسي. وباختصار، نحن ننظر بشكل إيجابي إلى هذه التطورات، ونتمنى أن تنضم الكويت فعلياً في عام 2019 إلى مؤشر "إم إس سي آي"، ما سيزيد من ثقة المستثمر في الكويت. وقد أشارت دراسة حديثة لـ"سيتي بنك" إلى أن بورصة الكويت ضمن أكثر الأسواق الناشئة جاذبية للاستثمار، وهذا مؤشر جيد سيساهم في تنشيط الحركة في أسواق رأس المال، وبالتالي في الاقتصاد الكويتي.

الوضع الاقتصادي في الكويت

• كيف تقيِّم الوضع الاقتصادي الحالي في الكويت هذا العام؟ وهل النمو الضعيف في الائتمان يتماشى مع هذه التوقعات؟

- سجلت الكويت نسبة نمو بواقع 3.3 في المئة بالقطاع غير النفطي في عام 2017، ونتوقع أن ينمو هذا في القطاع بنحو 3.5 في المئة هذا العام. ومع ارتفاع الإنتاج النفطي المرتقب بنحو 85 ألفا يوميا، بعد قرار "أوبك" بزيادة الإنتاج بمليون برميل يومياً، فإن هذا سيرفع مستوى النمو العام، الذي قد يرتفع إلى 2.5 في المئة.

وفي الوقت نفسه، فإن نسبة التضخم ستبقى متدنية. فقد ارتفعت الأسعار 0.4 في المئة فقط في مايو، ونتوقع أن يكون مستوى التضخم 1 في المئة في 2018. أما بالنسبة لعام 2019، فإننا نتوقع أن يبقى التضخم متدنياً نسبياً، لكنه قد يبقى عند حدود 2.5 في المئة.

ونظراً لارتفاع سعر النفط، فإن الرصيد المالي سيتحسن، ونتوقع أن يصل العجز إلى حوالي 2.0 مليار دينار، أي ما يساوي 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018.

ومن المرتقب أن يتحسن الميزان التجاري هذا العام، وذلك يعود بشكل أساسي إلى ارتفاع سعر النفط، ليسجل فائضاً بنحو 7 في المئة من الناتج في الربع الأول.

ومن التطورات الإيجابية التي نتجت عن ارتفاع قيمة الصادرات النفطية، بلغ مستوى الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي رقماً قياسياً عند 10.2 مليارات دينار، وكذلك ستزداد التحويلات إلى صندوق الأجيال القادمة، نتيجة ارتفاع المداخيل الحكومية المتأتية بشكل أساسي أيضاً من تعافي أسعار النفط.

أهم أسواق «الوطني»

قال الشامي عن الأسواق التي تحظى بأهمية قصوى وتراتيبها من الأعلى للأدنى:

بحكم وجودنا في الكويت، ولأن أكثر نشاطنا يتركز على الكويت فمن الطبيعي أن نغطي اقتصادها بشكل مفصّل وعميق، لكن كما تعلم فإن بنك الكويت الوطني له وجود إقليمي وعالمي واسع، وتحظى دول مجلس التعاون الخليجي بأهمية كبرى في عملنا، وإن كان التركيز على دولة ما يتغير بين الحين والآخر حسب الظروف والتطورات التي تشهدها الدول الأعضاء، لكن في معظم الأحيان يركز عملنا أكثر على السعودية والإمارات، نظرا لأهمية وتأثير اقتصاديهما على المنطقة.

أما بالنسبة للدول الأخرى خارج مجلس التعاون الخليجي فنحن نهتم بمصر بشكل خاص، لاسيما في ضوء وجودنا الكبير هناك والتطورات الاقتصادية المهمة التي تمر بها مصر، لكن بالطبع نهتم أيضا بما يجري في العراق والأردن ولبنان وتركيا على صعيد المنطقة.

أما خارج المنطقة فنحن نغطي الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك الصين واليابان، لما لهذه الدول من أهمية في الاقتصاد العالمي وتأثيرها على اقتصادات الدول، سواء كانت ناشئة أو فقيرة، فالعالم اليوم مرتبط بشكل أكبر مع العولمة والتجارة الخارجية.

آثار الحروب التجارية

عن الحروب التجارية وتأثيرها على الكويت والخليج بشكل عام، اعتبر الشامي إن التطورات التي تعتري التبادل التجاري العالمي لا تزال تشغل المسؤولين في الدول المتقدمة والدول الناشئة على حد سواء. لقد بدأت الولايات المتحدة بتنفيذ إجراءاتها المتعلقة برفع الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية منذ 6 يوليو، والتي ردت عليها الصين بالمثل. بالإضافة إلى ذلك، قرر الاتحاد الأوروبي فرض رسوم على 300 مليار دولار من الواردات الأميركية إذا نفذ الرئيس الأميركي ترامب تهديداته بفرض رسوم عالية على استيراد السيارات الأوروبية، ما يضر بألمانيا بشكل خاص. هذا التصعيد قد يتحول إلى حرب تجارية مفتوحة إذا لم تتدارك الدول المعنية وترجع إلى رشدها في الوقت القريب.

أما بالنسبة للمنطقة، فأعتقد أن تأثير هذه التوترات سيكون محدوداً، لعدة أسباب؛ إن الميزان التجاري في دول الخليج مع الشركاء التجاريين في وضع سالب، ومعظم دول المنطقة هي دول مستوردة، لهذا لن يكون هناك أي احتكاك تجاري في هذا المجال. كذلك، فإن تأثير الأزمة التجارية على تقلبات العملة وعلى دين بعض الدول لن يكون له أثر يُذكر، لأن عملات دول الخليج مرتبطة بالدولار، لكن إذا تطورت هذه التوترات إلى حرب تجارية مفتوحة، فإن هذا سيؤثر على نسبة النمو في الاقتصاد العالمي، وبالتالي سيخفض الطلب على النفط، ما سينعكس على الأسعار، وبالتالي على الأداء الاقتصادي لهذه الدول.