في تقديمه كتاب «أحاديث الأزمنة»، أوضح د. ابراهيم بيضون: «لم يكن سهـــــــلاً انتـــقــــــــــــاء أبحــــــاث هذا الكتــــاب، لا سيما أنّ معظمها جديد في موضوعه ولم يُطرق سابقاً، ومنها على سبيل المثال: «المؤثرات الإسلامية في كليلة ودمنة- مطابقات مع نهج البلاغة»، أو «تجلّيات الحنيفية في مكة قبل الإسلام»، أو «تجارة الحجاز في صدر الإسلام»، أو «فتح القسطنطينية وسقوط غرناطة، إشكالية المفارقة»، إلى غير ذلك من أطروحات غير مسبوقة».

أضاف: «أظن أن نمطاً من الكتابة التاريخية ربما وجده القارئ غير مألوف في هذا الكتاب، ولكنني، ومنذ زمن أخوض التجربة الصعبة، فإن لم يكن الموضوع جديداً، لا أرى ما يستحقّ عناء الكتابة، عدا ذلك فإن التجربة تحقق غايتها، حين تكتمل أدواتها من ثقافة ولغة ونقد وتحليل، وتلتئم جميعاً في منهج يمسك زمام الموضوع من ابتدائه إلى منتهاه».

Ad

«مقام ومقال»

كــــــــــان آخــــــــر كتابيــــــن أصدرهمــــا د. بيضون منذ سنوات خمس، وثمة ثالث صدر في العام الماضي بعنوان «مقام ومقال»، لا يشبه أسلافه في منهاجه ونصّه. حوله قال المؤلف: «الكتاب أقرب إلى الأدب، وهو إطراء مجاني، قد يثير بعض غروري، ولكني، حقيقة، في موقع آخر. فلعقود كان التأريخ في أولويات اهتمامي، وإن ظلّ الأدب في صميمه. والكتاب موجّه في الأساس إلى صديق غادر باكراً أعني به جوزف حرب، كبير شعراء زمانه، كما الأهداء، الحافز إلى صدوره، وهو أقلّ ما يليق بالصديق الراحل... والمقالة الأولى مرثية حملت عنواناً موائماً: «حزن كثير وشيء من الذكريات».

مؤرخ وباحث

د. ابراهيم بيضون، أستاذ ومؤرخ في التاريخ الإسلامي، وُلد في بنت جبيل بجنوب لبنان (مايو 1941). حائز دكتوراه حلقة ثالثة في جامعة غرونوبل في فرنسا (1971) حول أطروحته «العراق في العهد المرواني (النزعة إلى التمرد)»، ودكتوراه دولة في جامعة القديس يوسف في بيروت حول أطروحته «الحجاز والدولة الإسلامية، دراسة في إشكالية العلاقة مع السلطة المركزية في القرن الأول الهجري» (1981).

تولّى مناصب علمية من بينها: رئيس قسم التاريخ في الجامعة اللبنانية، وأمين سر الجمعية اللبنانية للدراسات والبحوث التاريخية سابقاً، وأمين عام اتحاد الكتاب اللبنانين سابقاً، ورئيس لجنة الدكتوراه (الدراسات التاريخية) في كلية الآداب والعلوم الإنسانية- الجامعة اللبنانية سابقاً، ونائب رئيس اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة (الأونيسكو) سابقاً...

من أبرز مؤلفاته: «تاريخ العرب السياسي، الأنصار والرسول، ابراهيم بن الأشتر، مؤتمر الجابية، عبد الله بن سبأ، الدولة الأموية والمعارضة، الإمام علي، الصراع على الشام، الأمراء الأمويون الشعراء في الأندلس، الفاطميون، تاريخ بلاد الشام في العصور الإسلامية، الدولة العربية في اسبانيا»...

فرادة وعمق معرفة

قال ناشر جريدة «السفير» اللبنانية طلال سلمان عن د. ابراهيم بيضون: «بقدر ما نختلف في لبنان على التاريخ فإننا نتفق على هذا المؤرخ بالذات ومعه، ليس لأنه صديقنا بل لأنه كتب بعقله كما بقلبه بعلمه ودراساته، كما بوعيه ومعرفته بناسه في أرضهم».

أما د. أنطوان سيف (أمين المؤتمر الوطني في الحركة الثقافية- أنطلياس) فاعتبر أن «السيرة الأكاديمية لإبراهيم بيضون نأت بنفسها عن سير عدة تداخلها، وكثيرها اشترطها وقعد ركائزها ووجّه منطلقاتها ومسالكها»...

أضاف: «امتطى أحلاماً كثيرة قبل أن يصل إلى بوابة التاريخ التي ولجها تأليفاً في أواسط العقد الرابع... وإسلامه وتشيّعه وعروبته ومقاومته، فيها الكثير من الفرادة الشخصية على العاصية، شخصية أبولونية، يشاهد العالم ويشهد لمآسيه من غير أن يكون منخرطاً فعلاً فيه».