الزخم الإعلاني وانجراف الناس فيما يشبه الهوس بالتغيير لأجل التغيير أذابا الفوارق بين الموضة والحاجة الفعلية للتغيير، والقصد أن الموضة تقدم لنا الجديد والمبهر في العديد من السلع المعمرة أو سريعة الذوبان، ففي حين يبدو التغيير محببا في الملابس مثلاً فإنه يبدو مقيتا في السيارات، لأنه في هذه الحالة يعبر عن حالة مرضية أكثر منها رغبة في التغيير. الحاجة إلى الشيء شيء والحاجة إلى تغييره شيء آخر، مثلاً لدي سرير أو طقم أثاث أو طاولة طعام تخيلوا أن يصاب أحد بحمى الموضة، ويقوم كل سنة أو أقل بتغيير سريره أو أثاث منزله بالكامل، القاعدة البسيطة التي اعتمادها هي طالما أن الشيء يعمل بكفاءة عالية ويؤدي المطلوب منه كما أطمح فلا حاجة إلى تغييره، بالمناسبة حتى الهواتف الذكية ليس مطلوبا استهلاكها مثل القمصان طالما هي تعمل والفرق بينها وبين الجديد لا يزيد على زيادة ملميتر في مساحة الشاشة أو نقص قطرة من وزن الهاتف السابق.
الجميل والممتع حقا هو ما يحصل هذه الأيام من عودة إجبارية للقديم، لأن التطاحن الاستهلاكي بين الشركات انحرف عن الحاجة الفعلية، وانشغل في إشباع هوس الناس للتغيير ولو كان بالألوان، حتى بعض العلامات التجارية الشهيرة عادت لأثوابها القديمة التي ارتبطت بذكريات الناس الجميلة وجمعاتها التي تحولت إلى "قروبات" إلكترونية.كم هي جميلة هذه الهزيمة النكراء لعالم الموضة المهووسة والعودة المظفرة لملابس زمن الأبيض والأسود، وأول أيام الملون، رغم يقيني أن الناس غير الناس والروح غير الروح، ولكن هذا الدرس يجب أن يبدأ بالإنسان أولاً وشركات بيع الهوس ثانياً، وهو أنه يجب التوقف عند نقطة معينة من الاستهلاك والإقبال على النافع أكثر من اللامع.
مقالات
الأغلبية الصامتة: هزيمة الموضة
19-07-2018