صيدا اللبنانية تفتتح حفلاتها الصيفية وتستعد لمهرجاناتها

لأن قلعة صيدا ترمز إلى الصمود، إلى التاريخ المجيد الذي سطّر أحرف المقاومة بدماء أبنائها، لا سيما مقاومتها احتلال الإسكندر المقدوني، إذ عندما رأى أهلها أن المقاومة لا تجدي نفعاً فضلوا الموت على السبي والأسر، فأغلقوا مدينتهم وأحرقوا مراكبهم واشعلوا النيران في المدينة واستسلموا للموت حرقاً. ويقال إن أكثر من 40 ألف شخص هلكوا في هذا الحريق الهائل.

هذا التاريخ بالذات تشربه الفنان حسن عبد الجواد منذ طفولته وتأثر به لدرجة أنه عندما كبر رغب في تمجيد الرمز الذي تمثله قلعة صيدا، وحرص على تقديم حفلاته على مسرح شيّد خصوصاً في جوارها، فأحيا حفلة السنة الماضية مع فرقته الموسيقية، فيما يستعد هذا العام لإحياء حفلة برفقة الأوركسترا الوطنية في المعهد الوطني للموسيقى الكونسرفتوار بقيادة المايسترو أندريه الحاج، يقدم خلالها مؤلفات موسيقية جديدة وأخرى قدمها في حفلة السنة الماضية، موزعة بين شرقي وغربي.

من المتوقع أن يحضر الحفلة نحو 1200 شخص للاستماع إلى مقطوعة The Orchesrea من تأليف عبد الجواد، واختارها منظمو الحفلة عنواناً لهذا الحدث الفني الأول من نوعه في صيدا.

دعم المواهب الشابة

خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في صيدا للإعلان عن الحفلة، شدّد المايسترو أندريه الحاج على ضرورة احتضان المواهب الشابة وتشجيعها ودعمها سواء حسن عبد الجواد أو غيره، لافتاً إلى أن الحفلة والموسيقى تشبهان إلى حد كبير المكان الذي شيّد فيه المسرح قرب قلعة صيدا البحرية وهو مكان أثري جميل.

بعدما أثنى على موهبة حسن عبد الجواد أكّد أن الطريق الذي يسلكه الفنان الشاب هو الأصعب إذ يتطلب تنوعاً دائماً، مشدداً على ضرورة دعم المواهب الشابة وتأمين حاضنة لازمة لها».

بدوره أكد رئيس بلدية صيدا محمد السعودي أن الحفلة هذه السنة تتميز بحضور المايسترو أندريه الحاج الذي يعد قيمة مضافة، وأنها تنظم للمرة الثالثة ولا تتعارض مع قيم المدينة وأهلها، غامزاً من قناة بعض المتطرفين الذين احتجوا في السنة الماضية على إقامة حفلات موسيقية في صيدا، وواصفاً موسيقى حسن عبد الجواد بالمرهفة والراقية.

وأوضح السعودي أن الحفلة تكتسب أهمية تاريخية وحضارية عالية لأنها تُقام إلى جانب القلعة البحرية التاريخية، وأن طموح البلدية أن تكون قلعة صيدا البحرية مسرحاً لنشاطات ثقافية وفنية على مدار العام، مشيراً إلى تنسيق هذا الأمر مع وزارة الثقافة التي تشرف على الأماكن الأثرية والسياحية.

أما حسن عبد الجواد فاعتبر أن «الرسالة الأساسية هي لغة الموسيقى وهي عالمية ويفهمها الجميع ونحن نشبه بعضناً. أما الرسالة الثانية، فهي أننا نقدم موسيقى جديدة لمدينة صيدا ونرى تجاوباً، ما يعطي ثقة لأي موهبة نريدها أن تنطلق. وفي النهاية، الموسيقى لغة سلام وهدفنا تعزيز هكذا نشاطات تنعكس إيجاباً على المدينة». وتوجّه بالشكر إلى كل من أسهم في دعم الحفلة الموسيقية، كذلك وزارة الثقافة ومديرية الآثار تحديداً.

مرحلة جديدة

أحيا حسن عبد الجواد خمس حفلات في مدينته صيدا التي ترعرع بين أحيائها واستلهم من بحرها وطبيعتها موسيقاه، وهو فخور اليوم بتحقيق حلمه أن تعزف موسيقاه أوركسترا، ما يشجعه على المضي قدماً في فنه، لا سيما أن صيدا احتضنت موهبته وأقبل أبناؤها على حضور حفلاته التي حققت نجاحاً باهراً.

مع هذه الحفلة، ينطلق الفنان الشاب إلى مرحلة جديدة في موسيقاه، وهي تأليف موسيقى لأوركسترا، ما يضعه إزاء تحدٍ جديد وهو الحفاظ على مستوى عال من الأداء، ويأمل بأن يتخطى حدود مدينته وأن يقدم حفلاته في المناطق اللبنانية كافة.

يذكر أن حسن عبد الجواد تشرّب حب الموسيقى من والده طبيب العيون الدكتور علي عبد الجواد، وتعلم منذ طفولته المبكرة العزف على البيانو وبرع فيه عازفاً ومؤلفاً موسيقياً. وغالباً ما رافق الأب ابنه في حفلاته عزفاً على الغيتار وشقيقه عزفاً على الدرامز.

استعداداً لهذا الحدث الموسيقي زار الموسيقي عبد الجواد والمايسترو أندريه الحاج والدكتور علي عبد الجواد فعاليات المدينة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ووجهوا إليهم دعوات لحضور الحفلة، مستهلين جولتهم بزيارة النائب بهية الحريري في دارتها في مجدليون التي أشادت بتعاون المايسترو الحاج مع المبدع حسن عبد الجواد، في هذا الحدث الفني والثقافي المميز، وهنأت الشاب حسن عبد الجواد على تميزه في مجال التأليف الموسيقي.

بعد ذلك زار الوفد الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد الذي أثنى على هذا النشاط الفني في المدينة آملاً من الموسيقيين الزائرين الاستمرار بهذه العطاءات الفنية التي تنعش الحركة الثقافية، وتعكس الصورة الحضارية لمدينة صيدا. كذلك زار الوفد غرفة التجارة والصناعة في صيدا والجنوب، وفعاليات المدينة...