أرجوحة: سور الكويت العظيم (2)
لم تنته الدروس العظيمة التي قدمها سمو الأمير في زيارته الأخيرة إلى التنين الصيني، لتقدم للعالم كله نموذجاً للقائد الحكيم القادر على تحويل الدفة وإنقاذ سفينة الوطن وتأمينها من الأعاصير والمخاطر والقراصنة المحتملين، ويجب أن ندرك جميعاً أن هذه الدروس ليست للتفاخر والتغني والتطبيل والفرحة، إنما الهدف الأساسي من استعراضها هو التعلم واستقاء الحكمة من قائد الإنسانية وأمير السلام، فلقد كانت لنا العديد من الدروس والعبر التي يجب ألا تمر مرور الكرام؛ بل يجب أن تكون لنا درساً نتعلمه ونعلمه للأجيال القادمة على كيفية القيادة الحكيمة، وتغليب مصلحة الوطن، والإصرار على الرؤية الوطنية، وتحقيق الأهداف الوطنية بكل قوة وحكمة وثبات. نعم يا سادة فمع تولي سمو أمير البلاد الحكم، وطرح سموه رؤيته للكويت كمركز تجاري ومالي عالمي، بدأت أحلامنا معه، وحلمنا بالكويت كمنطقة تجارية محورية نظراً لدورها التجاري قديماً، ولخبرة أهلها في أمور التجارة، ولموقعها المتميز، ومع مرور السنوات تم حشد الطاقات والميزانيات وتذليل العقبات أمام الحكومات المتوالية؛ لكنها للأسف لم تقدم جديداً على مسار التنمية المستهدفة وفقاً للخطة التنموية الكويتية 2035، وأنا هنا لا ألقي باللوم على الحكومة بقدر ما ألقيه على كل الفئات في المجتمع الكويتي، فماذا قدمنا خلال هذه السنوات؟! وهذا السؤال ليس من السهولة الإجابة عنه، وأعتقد أنه يحتاج الى مقال خاص نستعرض فيه الإجابة بكل شفافية وصدق ووضوح، ولكني أعود إلى خطة التنمية الكويتية وأحلام سمو الأمير بتحويل الكويت إلى مركز تجاري ومالي عالمي، حيث وصل بنا الأمر إلى قولنا باستحالة تحقيق هذه الرؤية مع الخطوات المتعثرة والمتباطئة من الأجهزة المعنية بتنفيذ هذه الرؤية، وكثيراً ما كتبنا عن الحلم الذي يتبخر والرؤية التي تذهب أدراج الرياح، لأننا نسمع ضجيجاً ولا نرى طحيناً، ونرى كل دول الجوار تسابق الزمن ما بين استضافة «إكسبو»، واستضافة «كأس العالم»، ومشروعات تنموية كبرى عملاقة «نيوم»، وغيرها من الخطوات الجادة نحو المستقبل، وقد جلسنا هنا في الكويت نتحسر ونمصمص الشفاه ولا نرى أي جديد، ولا نقدم أي جديد.
هنا كان الدرس والحكمة من إصرار سمو أمير البلاد وثباته على رؤيته الوطنية، ففي الوقت الذي تسرب فيه الأمل من بين أيدينا كان سمو الأمير حاضراً بجيوش الأمل والإصرار على الرؤية الوطنية من أجل الكويت العظيمة بقيادته الحكيمة، قبل ساعات من هذه الزيارة كنا نتحدث عن الركود وعن حاجة الكويت إلى تقديم الجديد، فكان سيدي الأمير كعهدنا به قادراً على تقديم الجديد وتحويل الدفة، وتحقيق الأمن والطمأنينة لشعبه الحبيب، فمن منا كان يتوقع ما حدث، ومن منا كان لديه هذه الرؤية في تحويل الدفة، ومن منا كان لديه الفكر في توفير هذا التمويل الاستثماري الكبير من التنين الصيني، هذه كلها دروس مستفادة على مستوى السياسة والاقتصاد والإدارة والقيادة الفعالة، يجب أن نتوقف عندها بالدرس والتحليل لنتعلم منها ونعلمها لأجيالنا القادمة.فالكويت في زيارة واحدة استطاعت تحقيق قفزة تجارية واقتصادية عملاقة بالشراكة مع إحدى القوى الاقتصادية العالمية، وأثبتت للعالم أنها لا تجري في فلك أحد، وإنما تجري في فلك مصلحتها ومصلحة شعبها، وأنها قادرة على تحقيق الحياد الإيجابي والوقوف على مسافة متساوية في ظل الصراعات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وأنها قادرة على تحقيق رؤاها المستقبلية وخططها التنموية في ظل القيادة الحكيمة لزعيم الإنسانية وأمير السلام الأب والحكيم والمعلم الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه وسدد خطاه.