الأنظار معلقة اليوم في العراق على حدثين مترابطين، الأول، مدى التجاوب مع التظاهرات الموحدة التي دعي اليها في محافظات الجنوب التي تسكنها أغلبية شيعية، والثاني خطبة المرجعية الشيعية العليا بزعامة السيد علي السيستاني، بعد أسبوع من دعمها المتظاهرين ودعوتها الحكومة الى تلبية مطالبهم. ويتوقع المراقبون العراقيون أن تخرج تظاهرات قوية، رغم القبضة الأمنية التي اشتدت بعد اعتداء قسم من المتظاهرين على مؤسسات الدولة، وتهديدهم معبر سفوان مع الكويت وحقول نفط أساسية في البصرة، وكذلك شركات أجنبية تعمل في قطاع النفط والغاز.
وتبدو الحكومة العراقية بزعامة حيدر العبادي، وهي حكومة تصريف أعمال، بعد انتهاء ولاية البرلمان إثر الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو الماضي، أضعف من أن تنهي الاحتجاجات المطلبية التي حاول أكثر من طرف سياسي استغلالها لمصلحته، في توقيت حساس، بينما تشهد البلاد مفاوضات سياسية محمومة لتشكيل ما يعرف في العراق بـ "الكتلة الأكبر" المخولة تسمية رئيس جديد للحكومة.
الصدر
وفي موقف فرض نفسه على الساحة السياسية، أكد الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، أمس، أنه على الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات الحالية تعليق كل الحوارات لحين "تلبية مطالب المتظاهرين الحقة"، مشددا على ضرورة "تشكيل خلية عمل جادة مع الحكومة، بالتنسيق مع المتظاهرين، من أجل تنفيذها".وكان الصدر قد حث في وقت سابق، خلال استقباله بمنزله في منطقة الحنانة بمحافظة النجف الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالعراق، يان كوبيتش، الأمم المتحدة على "تكثيف جهودها من أجل دعم العراق واستقراره". وتم وفق مكتب الصدر، مناقشة موضوع تشكيل حكومة جديدة لـ "تسرع بتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين، وتأمين العيش الحر الكريم لهم بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم".خلية أزمة و«منزل معصوم»
يأتي ذلك، غداة أول اجتماع من نوعه لخلية الأزمة الخدمية والأمنية التي شكلها العبادي، الذي شدد خلال الاجتماع على أن "الأمن يصب في مصلحة الخدمات، والعكس صحيح".وكان رؤساء الكتل السياسية في العراق قد حضروا اجتماعا لبحث تداعيات التظاهرات الأخيرة، فضلا عن نتائج العد والفرز اليدوي وتشكيل الحكومة المقبلة.ومن بين الحضور نوري المالكي، وأسامة النجيفي، وعمار الحكيم، وضياء الأسدي، ومحمد الكربولي، وعبدالكريم الأنصاري، نيابة عن هادي العامري، وكاظم الشمري عن ائتلاف الوطنية.وقال نائب رئيس الجمهورية رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، إن الاجتماع شدد على أهمية إنهاء العد والفرز لنتائج الانتخابات، والمصادقة على النتائج، والمضي في الاستحقاقات من انتخاب رئيس جديد للجمهورية الى تشكيل حكومة.وأوضح أنه تم "تأكيد ضرورة العمل بين القوى السياسية لوضع برنامج عمل للحكومة المقبلة".ورأى مراقبون أن دعوة الصدر الى تعليق الحوارات هي رد فعل مباشر على اجتماع منزل معصوم، الذي عزز احتمال العودة الى المحاصصة، والتخلي عن حكومة تكنوقراط يدعو الى تشكيلها.النجيفي
وأعلن نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي، أمس، دعمه لاختيار رئيس وزراء عراقي جديد يحقق أفضل العلاقات مع دول الجوار، ومنفتح على المجتمع الدولي، ويخدم مصالح العراقيين ويبعدهم عن الأزمات. وقال النجيفي، خلال استقباله نائب السفير الأميركي في العراق جوي هود، إن "التظاهرات ينبغي ألا تعيق المفاوضات البينية بين الكتل السياسية للإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، والاتفاق على برنامج حكومي يستجيب للتحديات ويحقق تطلعات الشعب".الديوانية
وبينما كشفت المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق، أمس، عن مقتل 12 وإصابة 200 متظاهر واعتقال 540 آخرين في عموم المحافظات منذ انطلاق التظاهرات قبل أسابيع، مؤكدة استخدام القوات الأمنية "العنف المفرط" مع المتظاهرين، حذّر النائب عن محافظة الديوانية علي البديري، أمس، من انقطاع مفاجئ للماء عن المحافظة بشكل كامل دون معرفة الأسباب، محذرا من فتنة "كبيرة" يتم التحضير لها من جهات خارجية وداخلية. وقال البديري إنه "حين الاتصال بالمسؤولين جاء الجواب بأن القطع من المصدر في محافظة بابل"، معتبرا أن "ما يجري هي أحداث مقصودة الغرض منها التأجيج والتصعيد والتخريب".وأشار الى أن "متظاهري الديوانية أمهلوا الحكومة يوما واحداً، وربما غداً سيقتحمون دوائر الري، ثم نشاهد هذا الإجراء بالقطع الكامل للمياه عن المشاريع الكبرى للإسالة، بعد أن كان منقطعا عن المشاريع الصغرى، أما في القرى فإن هناك شللا كاملا بتجهيز المياه وبنسبة 100 في المئة".ولفت الى أن "هناك تراجعا بالكهرباء، بعد قطع إيران للطاقة الكهربائية وطرد شركات الخصخصة من أكثر المحافظات، أما المياه فهناك شحا كبيرا فيها، بعد تقليل تركيا حصة العراق المائية"، معتبرا أن "هناك أياد خفية داخلية وخارجية تسعى إلى استفزاز الشعب وتحريك الشارع، بغية إجباره على الخروج، ثم يتم اتهامه بأنه مندسين أو بعثيين، بغية خلق فوضى وصراع بين أبناء الشعب الواحد".الأنبار
في المقابل، ذكر ناشطون في محافظة الأنبار، أنهم يستعدون لإطلاق تظاهرات في المحافظة على غرار الاحتجاجات الجارية في المحافظات المجاورة. وتحدث الناشطون أن "التظاهرات قد تنطلق خلال الأسبوع المقبل، لكنهم أكدوا وجود مصاعب في ذلك، حيث حشدت القوات الأمنية وقوات من الحشد الشعبي في المحافظة".وأضافوا أن "المطالب التي سيرفعونها تتعلق بالخدمات والتدهور الذي تُعانيه مؤسسات الدولة العراقية، إضافة إلى مطالب أخرى تتعلق بعودة النازحين، وإطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المختطفين من أبناء المحافظة".طلبات توظيف وكهرباء
وبينما قالت مصادر حكومية في محافظة البصرة، أمس، إن المتقدمين للحصول على الوظائف في تزايد مستمر بعد تقديم 60 ألف متقدم، أعلنت وزارة الكهرباء، تحقيقها أعلى إنتاج للطاقة "منذ تأسيسها"، مبينة أن ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية في مناطق مشروع الخدمة والجباية بالعاصمة بغداد بلغت 20 ساعة يوميا.العمليات المشتركة
ونفت قيادة العمليات المشتركة، أمس، تكليف الفريق عبدالامير رشيد يارالله بمنصب قائد فرض الأمن بالوسط والجنوب، وأضافت انه "لا وجود لهذا التكليف ولا المنصب إلا في العقول الخاوية للحاقدين على قواتنا الأمنية".«الخارجية» الأميركية
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت، مساء أمس الأول، أن واشنطن "تدعم حق الناس في الاحتجاج سلميا، وتتفهم الاستياء من انقطاع الكهرباء والوقود، كما نؤيد حق الحكومة العراقية في الحفاظ على أمن الممتلكات الخاصة والعامة".