«خنجر إسرائيل» والكومنولث الطائفي!
حتى الآن، ورغم كل ما حصل؛ فإن هناك من لا يزال يخيط بـ "مسلة" بشار الأسد، ويشكك في أنّ هناك مؤامرة لتمزيق سورية وتقسيمها طائفياً وأيضاً إثنياً، رغم أن عمليات التوزيع الديموغرافي بقيت مستمرة منذ بدايات الأعوام السبعة الماضية، وآخرها "ترحيل" أهل بلدتي الفوعة وكفريا "الشيعيتين" في إدلب، ونقلهم إلى مدينة حلب التي بدورها كانت شملتها عمليات التفريغ الديموغرافي هذه في فترة سابقة ليست بعيدة.لم يوضح هذا النظام البائس ولا الروس ولا الإيرانيون أسباب ودوافع عمليات التوزيع والتفريغ الديموغرافي على أسس طائفية ومذهبية، لكن المعروف أن بشار الأسد كان قد أعلن باكراً وبدون أي إيضاحات أنه يريد "سورية المفيدة"، أي أنه يريد -حسب تقدير الذين يعرفون أوضاع هذا البلد العربي عن قرب- دولة تحالف طائفي، بعد تحويل أتباع المذهب السني الأكثرية إلى أقلية، وعلى غرار ما تم بالفعل، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو سبعة ملايين من أبناء هذه الطائفة قد أصبحوا خارج بلدهم غالبيتهم في تركيا والأردن ولبنان، وبعضهم في مصر والعراق، وبقيتهم الذين ركبوا بحور الظلمات وأصبحوا لاجئين في العديد من الدول الأوروبية وباقي دول العالم.وهنا، عند هذه "النقطة" الحساسة، فإنّ ما يوضح أن هذه المؤامرة التي يجري تطبيقها الآن في سورية قد أصبحت واضحة كل الوضوح، إلا لمتحيز أو أعمى بصر وبصيرة، أن الكاتب الهندي "ر.ك.كارانجيا" كان قد أصدر كتاباً في عام 1957 تحت عنوان "خنجر إسرائيل"، قدَّم له الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كشف فيه استناداً إلى لقاء مع وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه دايان أن إسرائيل تعمل فعلاً لإذكاء الخلافات الطائفية بين العرب، وتمزيق الوطن العربي على أسس مذهبية وإنشاء دويلات طائفية (دينية) في هذه المنطقة الشرق أوسطية كلها؛ يكون للدولة الصهيونية فيها مكانة بريطانيا العظمى في الـ"كومنولث" البريطاني!
ولذلك، فإنه لا يمكن إلاّ أن تكون عمليات التفريغ الديموغرافي والمناقلات، التي كانت بدأت في سورية مبكراً ولا تزال متواصلة، في هذا الإطار. ثم، إن المؤكد أن إجبار نحو سبعة ملايين من أبناء طائفة معينة على مغادرة بلدهم وإحلال "مستوردين" من أفغانستان وإيران وباكستان ومن دول أخرى محلهم هو الترجمة العملية لمشروع الـ "كومنولث" الطائفي الآنف الذكر، الذي تحدث عنه "كارانجيا" في كتابه "خنجر إسرائيل"!وعليه، فإنه لا يوجد أي سبب آخر غير هذا السبب لإفراغ بلدتي الفوعة وكفريا من أهلهما الشيعة، والواضح أن منطقة إدلب التي أصبحت مستودعاً كبيراً للذين تم ترحيلهم من مناطقهم لتكون هناك "سورية المفيدة" قد جاء دورها، وأنّ هناك مذبحة مقبلة لاستكمال عمليات التفريغ هذه التي شملت أهل بلدتي الفوعة وكفريا لإبعادهم مؤقتاً عن ميدان هذه الحرب أو هذه المعركة الجديدة.مع ضرورة الإشارة إلى أنه لا وجود فعلياً لأبناء هذه الطائفة الوطنية والقومية الكريمة في غير هاتين البلدتين السوريتين!