يتوجه الباكستانيون الاربعاء المقبل الى مراكز الاقتراع لانتخابات تشريعية تجرى في اجواء من التوتر الشديد الناجم عن اعتداءات دموية واتهامات بتدخل للجيش يمكن ان يؤثر على شرعية التصويت.وانتخابات الخامس والعشرين من يوليو ليست سوى ثاني انتقال ديمقراطي للسلطة من حكومة مدنية الى اخرى في هذا البلد الذي يزخر تاريخه بالانقلابات العسكرية والاغتيالات السياسية.
لكن قبل اسبوع من التصويت، تبدو مقومات انتقال هادئ بعيدة، ويعبر بعض المراقبين عن قلقهم علنا من محاولات التلاعب «الفاضحة» وحتى من خطر اضطرابات جديدة في هذا البلد الذي يمتلك سلاحا ذريا.وأدت سلسلة الاعتداءات التي استهدفت مهرجانات انتخابية في منتصف يوليو واسفرت عن سقوط 175 قتيلا الى تفاقم التوتر، ويمكن ان تؤثر هذه الهجمات على نسبة المشاركة مع أن الوضع الأمني افضل مما كان عليه منذ سنوات.ودعي نحو 106 ملايين باكستاني، بينهم نحو 20 مليوناً يصوتون للمرة الأولى، إلى اختيار سلطة خلفا لحزب «الرابطة الاسلامية الباكستانية- جناح نواز» الذي يحكم البلاد منذ 2013 ويأمل في الفوز بولاية جديدة بقيادة شهباز شريف.وأكبر خصم له في الانتخابات هو حركة الانصاف الباكستانية التي يقودها بطل الكريكيت السابق عمران خان، الذي اشتهر في الغرب بمغامراته العاطفية في الماضي، والذي يقدم نفسه في بلده على انه مسلم محافظ يقترب في بعض الاحيان من بعض الافكار المتطرفة.ويبدو شريف وخان الاوفر حظا للفوز في الاقتراع، لكن حزبا ثالثا هو حزب الشعب الباكستاني الذي يقوده بيلاوال بوتو زرداري نجل رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو التي اغتيلت، يمكن ان يدعى الى تشكيل تحالف مع الفائز في الانتخابات.شهدت الحملة الانتخابية القصيرة التي انتهت وسادها توتر شديد، بمواجهة بين اهم طرفين يفترض انهما لا يشاركان فيها وهما رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي اقيل بتهمة الفساد قبل عام ومنع من الترشح، والجيش الباكستاني الذي يتمتع بنفوذ كبير.ويتهم شريف القوات المسلحة والقضاء الباكستانيين بأنهما فعلا ما بوسعهما لإلحاق الضرر بحزبه بما في ذلك عبر اجبار مرشحيه على تغيير ولاءاتهم وخصوصا في معقله البنجاب، الولاية الأساسية في الاقتراع.وبلغت المجابهة أوجها في بداية يوليو مع صدور حكم عليه بالسجن عشر سنوات، بينما كان في لندن، ثم عودته الى باكستان بعد اسبوع ليسلم نفسه الى القضاء الذي اوقفه.لكن شريف ليس الهدف الوحيد للجيش، اذ ان عددا كبيرا من وسائل الاعلام الباكستانية والناشطين اشتكوا في الاشهر الاخيرة من عمليات خطف وفرض رقابة وتهديدات.وهدفت هذه الضغوط التي شبهها البعض بـ«انقلاب هادئ» الى التأثير على تغطيتهم لبعض القضايا والأحزاب قبل الانتخابات، على حد قول هؤلاء.وعبر بوتو، في منتصف يوليو، عن استيائه من ان كل الاحزاب «لا تعامل على قدم المساواة» بعد عرقلة حملات عدد من مرشحي حزبه.في المقابل يبدو ان عمران خان يلقى معاملة افضل ويسمح له بالحديث بحرية عن مشروعه «دولة الرفاه الاسلامية» في كل البلاد. وتبدو فرص توليه قيادة البلاد اليوم افضل من اي وقت مضى.اما العسكريون الذين حكموا باكستان لحوالي نصف تاريخها، فيؤكدون انهم لا يلعبون «أي دور مباشر» في الانتخابات، ولكنهم سيضمنون الامن في يوم الاقتراع الذي سينشر فيها نحو 370 الف جندي في جميع انحاء البلاد.لكن المفوضية الباكستانية لحقوق الانسان، الهيئة العامة المستقلة، قالت انها «تشعر بقلق عميق ازاء ما تراه من محاولات فاضحة وعدوانية وشائنة للتلاعب بنتيجة الانتخابات».وأضافت: «باتت هناك أسس متينة للتشكيك في شرعيتها مع انعكاسات مقلقة على انتقال باكستان الى ديمقراطية حقيقية».ورأى الدبلوماسي الباكستاني السابق حسين حقاني أنه «أيا تكن النتيجة، فلن تؤدي الانتخابات إلا إلى زيادة عدم الاستقرار في باكستان». مضيفاً: «ستكون انتخابات بلا رابح».لكن البلاد اذا نجت من مرحلة اضطرابات جديدة، فستواجه تحديات ملحة عديدة.وأكبر هذه التحديات الاقتصاد، إذ سيكون على الحكومة المقبلة التحرك بسرعة كبيرة إذا كانت تريد القضاء على خطر أزمة في ميزان المدفوعات، وتجنب الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، كما يرى المحللون.وفي الأمدين القصير والمتوسط، سيكون عليها ايضا معالجة المشاكل المرتبطة بالزيادة الكبيرة في عدد السكان، يضاف اليها تراجع مخزون المياه المتوفرة، وعواقب التغيرات المناخية. كما سيتعين عليها مكافحة مشاكل التطرف، رغم التحسن الامني الذي سجل في السنوات الاخيرة.
دوليات
باكستان: توتر عشية انتخابات تشريعية مهمة
20-07-2018