تحولت قضية الشهادات المزورة إلى أزمة تكاد تعصف بسمعة الكوادر الوطنية في البلاد وتفتح أبواب الشك وعدم الثقة بالعاملين في قطاعات الدولة المختلفة، لاسيما أن بعض الجهات بدأت تشرع أبواب التحقيق مع موظفيها الحاصلين على شهادات علمية وهم على رأس عملهم.

ومن المرجح، بل من المؤكد، أن هذه القضية لن تقف عند تلك الحدود التي وصلت إليها، بل إن الأيام المقبلة حبلى بمفاجآت من العيار الثقيل، وستتمخض عن كشف أسماء تتولى مناصب في الدولة.

Ad

وفي هذا السياق، قال عضو هيئة التدريس في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب د. محمد الوطيان إن أزمة تزوير الشهادات لم تكن مفاجئة بالنسبة له، و»سبق أن تقدمت ببلاغات للتحقيق مع بعض الأساتذة من حملة الدكتوراه التي «لم يعرف لها أصل»، فضلاً عن سرقة البحوث العلمية للزملاء.

وأكد الوطيان لـ»الجريدة» أن هذا الأمر ينعكس سلبا على تعامل الطالب مع عضو هيئة التدريس المشكوك في شهادته العلمية، مبيناً أن الرقم الذي تحدث عنه وزير التربية والتعليم العالي د.حامد العازمي امس الاول وهو ما يقارب 50 شهادة مزورة يشكل أمرا خطيرا، وإن كانت بعض المصادر رفعت هذا الرقم إلى مئات الشهادات «المضروبة».

ولفت إلى أن «هذا الأمر اخذ منحى خطيراً جداً، إذ إن بعض المتهمين في عمليات التزوير يشغلون مناصب عليا وقيادية في الدولة، حيث يتحكمون ويديرون البلد، بالإضافة الى أن اعضاء هيئة التدريس مؤتمنون على مستقبل ابنائنا وتعليمهم».

وأضاف أنه «بالرغم من ضخامة حجم القضية وتأثيرها على البلد، فإننا لم نفقد الثقة بالكوادر الكويتية، سواء في قطاع التعليم او اي مكان اخر»، لافتاً إلى ان «تلك القلة لن تؤثر ولن تهز الصورة الحسنة عن العنصر الكويتي».

ورأى أن «وزارة التعليم العالي بكشفها هذه القضية لم تُخلِ مسؤوليتها، بل وجب عليها ان تستمر بصورة جدية في التحقيق ومحاسبة كل من له صلة بهذا الأمر من قريب او بعيد».

تخصصات صعبة التزوير

من جهته، قال د. عبدالعزيز الجدعان، صيدلي بوزارة الصحة، إنه «بالرغم من كبر حجم القضية وتأثيرها على المجتمع، فإن القطاع الطبي، وتحديدا الكوادر الكويتية، لم تتأثر، فهي تتمتع بتأهيل ممتاز وعال».

وأضاف الجدعان ان «التخصصات العلمية يصعب ويندر تزوير شهاداتها نظرا الى ان المزور لن يستطيع العمل في تلك التخصصات التي تتطلب معرفة وخبرات يكتسبها خلال فترة الدراسة والفترات الميدانية».

تعاطٍ سلبي

من جانبه، قال الاعلامي بلال سعد، ان هذه القضية لها تأثير كبير على المجتمع الكويتي خصوصا مع تزايد اعداد الشهادات العليا المنتشرة في البلد، موضحاً أن «تعاطي الحكومة مع تلك القضية سلبي، خصوصا أنها ليست وليدة اليوم، بل من فترة طويلة، حيث تم الحديث عنها أكثر من مرة».

ولفت سعد إلى أن فضيحة تزوير الشهادات فَسّرت بشكل مباشر اسباب تراجع الاداء، سواء على المستوى التعليمي أو الطبي، وكذلك قطاعات كثيرة اخرى» مشيرا الى ان «قضية بهذا الحجم حتما ستخلق رد فعل سلبياً لدى المواطن وتجعله يشك اولا في تصرف الجهات الحكومية حيال القضية، وثانيا في الكوادر الكويتية، خصوصا أن التقارير الإعلامية تتحدث عن آلاف الشهادات المزورة والتي من المحتمل ان يكون أصحابها من شاغلي القطاعات المهمة مثل التعليم والطب والمحاماة».

وأوضح ان القضية في حقيقتها اكبر من ان تعالج برد فعل او عبر الاكتفاء بتحويل المزورين إلى الجهات القانونية، بل ان المسألة تحتاج الى علاج جذري تتضافر فيه جهود اجهزة الدولة».