اكتشف التابوت الحجري الأسود مصادفة صاحب بناية في منطقة «سيدي جابر» بمدينة الإسكندرية قبل نحو ثلاثة أسابيع، ذلك أثناء عملية هدم وإعادة إنشاء البناية وأبلغ السلطات المعنية التي بدأت في تحري الأمر. ومنذ ذلك الوقت، ظلّ الاكتشاف لغزاً كبيراً أثار شهية المهووسين بالآثار الفرعونية، لإطلاق تكهنات كثيرة بشأن التابوت الذي يعد الأضخم حجماً مقارنة بالتوابيت الأثرية التي سبق اكتشافها تاريخياً في المدينة الساحلية.التابوت اللغز، دفع البعض إلى نسج قصص وحكايات وهمية عدة حوله نشرتها صحف ومواقع عالمية كبرى، لكن أغربها يدور حول أن فتح المقبرة سيؤدي إلى عصر من الظلمات ينتظر العالم لمدة ألف سنة، بسبب ما وصفوه بـ{لعنة الفراعنة» التي تصيب كل من يعبث بالآثار المصرية، وهو اعتقاد لا سند علمياً له، روَّجت له أفلام غربية تناولت تاريخ القدماء المصريين.
أبرز الصحف والمواقع التي تناولت قصة التابوت «ياهو نيوز»، و{ساينس أليرت»، وصحيفة «ديلي إكسبريس» البريطانية، وأشارت إلى اكتشاف «أضخم ما يمكن العثور عليه في الإسكندرية»، في وقت رجحت صحيفة التليغراف البريطانية، أن تكون المقبرة التي اكتُشف في داخلها التابوت لأحد النبلاء وليس لملك، «لكن اكتشافها يمنح الأمل لخبراء الآثار والتاريخ الذين يعتقدون أن مقبرة الإسكندر الأكبر ربما يتمّ اكتشافها ذات يوم في مدينة الإسكندرية الحديثة التي بنيت فوق المدينة القديمة التي أسسها الإسكندر».وزير الآثار المصري السابق، صاحب الصيت العالمي كأحد أبرز علماء الآثار المصريين، زاهي حواس، تلامس مع الفكرة نفسها في تصريح للصحيفة ذاتها: «المقبرة ينبغي أنها تعود إلى شخصية مهمة، إنه تابوت مصنوع من الغرانيت، وأن يأتي شخص بالغرانيت من أسوان (مدينة أثرية تقع في أقصى جنوب مصر) يعني أنه كان ثرياً».ولفت حواس إلى أن «الجميع يبحثون عن قبر الإسكندر الأكبر، ونحن واثقون من أنه دفن في الإسكندرية، واكتشاف هذا التابوت يُعزِّز فكرة أنه في يوم ما عندما يهدمون فيلا أو منزلاً يمكنهم العثور على مقبرة الإسكندر».في حين وصفت صحيفة «إكسبريس» البريطانية الاكتشاف بأنه «مشؤوم»، لافتة إلى أن فريق البحث المصري، مُعرّض إلى خطر كبير إذا فتح «التابوت الغامض»، وأضافت: «يجب اتخاذ استعدادات مكثفة لتأمين الموقع قبل فتح التابوت، إذ يصعُب نقله إلى المتحف وفتحه هناك».ولم تبتعد الصحيفة عن الفرضية ذاتها التي ذهب إليها آخرون: «هذا التابوت ربما يمنح العلماء شيئاً من الأمل لكشف مكان مقبرة الإسكندر الأكبر الذي لا يعلم أحد حتى الآن أين دُفن».في المقابل، قطعت وزارة الآثار المصرية الطريق أخيراً إزاء هذا السيل من الإشاعات والتكهنات، بعد فتح التابوت وكشف محتوياته، إذ قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري، إن التابوت الذي يعتقد أنه يعود إلى العصر البطلمي ويزن نحو 30 طناً، ليس للإسكندر الأكبر أو أحد الأباطرة سواء الملوك البطالمة أو الأباطرة الرومان، نظراً إلى عدم وجود نقوش على التابوت، ولا «خرطوش» يحمل اسم صاحب الدفنة، كما أن هذه الدفنة فقيرة جداً.وتابع وزيري في تصريحات إعلامية: «عثرنا على عظام ثلاثة أشخاص فيما يشبه دفنة عائلية، وللأسف المومياوات التي كانت داخل التابوت تحللت ولم يتبق منها سوى الهياكل العظمية نظراً إلى تسرب مياه الصرف الصحي إلى داخل التابوت من خلال فتحة صغيرة»، مرجحاً أن تكون الهياكل العظمية لشخصيات عسكرية لأن إحدى الجماجم تظهر فيها آثار إصابة بسهم في الرأس، وربما قُتلوا أثناء مشاركتهم في إحدى الحروب، لافتاً إلى أن الخطوة التالية ستكون نقل محتويات التابوت إلى معامل وزارة الآثار لفحصها ودراستها.
أحد أضخم التوابيت
بحسب بيان لوزارة الآثار المصرية، فإن التابوت «يعد أحد أضخم التوابيت، المكتشفة في الإسكندرية، يبلغ ارتفاعه 1.85 متر، وطوله 2.75 متر وعرضه 1.65 متر. كذلك عثرت الجهات المختصة داخل المقبرة على رأس تمثال لرجل مصنوع من المرمر، يبلغ ارتفاعه 40 سنتيمتراً، ويُرجح أنه يخصّ صاحب المقبرة».