مهام الكاتب قديماً!
![د.نجم عبدالكريم](https://www.aljarida.com/uploads/authors/23_1682354851.jpg)
وكان من الطبيعي في مرحلة الازدهار الثقافي وتنوع التأليف، وخصوصاً في القرون الهجرية الثالث والرابع والخامس، أن تكثر الكتب ذات الطابع التوجيهي في اللغة والشعر والكتابة والخطابة والنقد والبلاغة، وأن يُعنى المؤلفون بإيضاح معالم الطريق وبيان الأدوات الضرورية للمتخصصين في مهن التعبير في مختلف الفنون الأدبية.***• ومن أوائل من عنوا بهذا الاتجاه في كتبهم، ووضعوا له منهاجاً التزموه في معظم ما كتبوا، ابن قتيبة، وتحديداً في أدب الكاتب، فإلى جانب أنه رائد في هذا الميدان، وفي تصوير المعارف التي كانت تعد ضرورية للأدباء وكُتاب الدواوين، في بيان ما لابس مرحلة الترجمة في العصر العباسي من إقبال على العلوم المستحدثة المنقولة من الثقافات الأخرى، وما كان لذلك من أثر على الأسس الثقافية الإسلامية، حيث كان لابن قتيبة موقف من هذه الثقافات المترجمة من اليونانية والفارسية والهندية، فتصدى لها بعد أن لاحظ إقبال العرب عليها لأنها جديدة عليهم، ولكل جديد لذة، فشغف بها الناس، فكان طبيعياً أن يثير هذا الإقبال والشغف غيرة علماء الثقافة العربية الإسلامية وفي مقدمتهم ابن قتيبة.ورغم أن هذا الرجل كان على معرفة باللغة الفارسية، قراءة وكتابة، وأفاد منها كثيراً، فإنه كان حريصاً أشد الحرص على أن تأخذ الثقافة الإسلامية المكان الأول من الاهتمام، وألا تطغى الفلسفة والمنطق والفلك فتشغل الناس عن ثقافتهم الإسلامية، لهذا نجده في أدب الكاتب قدم لقارئه كل المعلومات التي تجعله يقف على قدميه في مهنة الكتابة لخدمة دينه الإسلامي... فابن قتيبة كان من علماء الدين قبل أن يكون من الكُتّاب.