مع تصاعد الضغوط الأميركية على طهران، ارتفع سقف الحرب الكلامية بين مسؤولي البلدين، ليصل الى حد تبادل التهديدات بالحرب.

وبعد تصريحات نارية وجهها الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى نظيره الأميركي دونالد ترامب، حذره فيها من "اللعب بالنار"، وتوعد واشنطن بـ "أم المعارك"، لوّح الرئيس الأميركي بردّ تاريخي على أي تهديدات جديدة تصدر من طهران ضد أميركا.

Ad

وفي رسالة مباشرة إلى روحاني، كتب ترامب مساء أمس الأول في "تغريدة" على "تويتر": "إياك وتهديد الولايات المتحدة مجدداً، وإلا فإنك ستواجه تداعيات لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ".

وتابع ترامب رده الذي كتبه بالكامل بالأحرف الكبيرة: "لم نعد دولة يمكن أن تسكت عن تصريحاتك المختلة حول العنف والقتل، كن حذراً".

وأثارت هذه الحرب الكلامية التي تأتي قبل أسبوع من دخول العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران حيز التنفيذ في أغسطس المقبل، ردود فعل متناقضة بين من اعتبر أنها مماثلة للمواجهة الكلامية بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، التي تحولت لاحقا الى قمة تاريخية وتقارب غير مسبوق بين البلدين، وبين من اعتبر أن طهران ليست بوارد تقديم أي تنازل، وأن المواجهة الكلامية التي تراكم التوتر قد تتحول الى أفعال حربية.

دخان عراقي يعطل 3 مدن إيرانية

تعطلت أمس الدوائر والمؤسسات الحكومية في مدن حميدية وسوسنكرد وهويزة التابعة لمحافظة خوزستان جنوب غربي إيران، بسبب الدخان الكثيف الناجم عن احتراق مساحات شاسعة من هور العراق العظيم.

يذكر أن الحرائق اشتعلت في هور العظيم في الجانب العراقي قبل ستة عشر يوما، والتهمت النيران مساحات شاسعة تقدر بـ16 ألف هكتار، ومازالت مشتعلة مسببة تصاعداً كثيفاً للدخان.

وبعد الكشف عن حملة أميركية الكترونية في إطار "القوة الناعمة" على طهران، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في كلمة أمام الجالية الإيرانية في كاليفورنيا، أن "واشنطن لا تخشى فرض عقوبات على كبار قادة النظام الايراني، وهي لن تقف عند لاريجاني"، في إشارة إلى العقوبات التي فرضتها واشنطن على صادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية، المتهم بانتهاك حقوق الإنسان، ملوحاً بعقوبات قد تفرضها لاحقا على شخصيات أعلى شأناً.

ووجه وزير الخارجية انتقادا للقادة الإيرانيين وشبههم بـ "المافيا"، وتعهد بدعم الإيرانيين غير الراضين عن حكومتهم.

ووصف بومبيو الرئيس الإيراني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف بأنهما "مجرد واجهة براقة لبراعة آيات الله في الاحتيال الدولي". واعتبر أن "ما يدير إيران أشبه بالمافيا منه بحكومة"، مشيراً إلى ما وصفه بأنه "ثراء فاحش وفساد بين زعماء إيران".

وتابع: "يجب على القادة الايرانيين، ولاسيما أولئك الموجودين على رأس الحرس الثوري وفيلق القدس، المكلف العمليات الخارجية، أن يدفعوا غاليا ثمن قراراتهم".

ودعا المجتمع الدولي إلى المشاركة في حملة ضغط على طهران. وأضاف أن الولايات المتحدة تأمل أن تخفض كل دول العالم وارداتها من النفط الإيراني إلى "أقرب نقطة ممكنة من الصفر" بحلول الرابع من نوفمبر المقبل، محذرا من أنه في حال لم يحصل ذلك، فإن الدول تعرّض نفسها لعقوبات أميركية.

الوزير الذي لقي تصفيقا حارا من الحاضرين أكد على مسامعهم دعم إدارة ترامب للمحتجين الذين يتظاهرون في إيران.

وعلّق على الاحتجاجات التي خرجت أخيراً مع انهيار سعر صرف الريال مقابل الدولار، بالقول إن "الشعب الإيراني الأبيّ لا يسكت عن انتهاكات حكومته"، معتبرا أن نظام الجمهورية الإسلامية "كابوس على الشعب الإيراني".

وأعلن بومبيو تعزيز حملة الدعاية الأميركية المناهضة للنظام، مشيرا إلى أن الحملة تقوم على إطلاق قناة متعددة الوسائط، تلفزيون، إذاعة، صحافة رقمية ومواقع تواصل اجتماعي، باللغة الفارسية تبث على مدار الساعة، "لكي يعرف الإيرانيون العاديون داخل البلاد وفي العالم أجمع أن أميركا تقف إلى جانبهم".

واعتبر الوزير الذي لطالما اتُّهم بالترويج لفكرة ضرورة تغيير النظام في إيران، أن ما تريده بلاده هو أن "يغير النظام سلوكه بصورة كبيرة، سواء في داخل البلاد أو على الساحة الدولية"، رافضا التمييز بين جناح متشدد وآخر معتدل في النظام الإيراني.

وتعد تصريحات بومبيو الأحدث في الحملة التي أطلقتها واشنطن بهدف إثارة الاضطرابات في إيران والضغط على حكومتها لتقديم تنازلات ببرنامجها النووي، ووقف دعمها لجماعات مسلحة في المنطقة.

وتأتي تهديدات الوزير الأميركي بعد نحو شهرين ونصف الشهر من انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق الدولي بشأن برنامج طهران النووي، وإعلانها إعادة فرض عقوبات على إيران.

حرب نفسية

في المقابل، وصف رئيس قوات "الباسيج" التابعة لـ "الحرس الثوري"، العميد غلام حسين غيب برور، ما قاله ترامب بـ "حرب نفسية" وتعهد بمقاومتها، مضيفا أنه "مخطئ بالتصرف ضد إيران".

وقال برور: "لن نتخلى أبدا عن معتقداتنا الثورية. سنقاوم ضغوط الأعداء. أميركا لا ترغب في ما هو أقل من تدمير إيران، لكن ترامب لا يمكنه أن يمس إيران بشيء". واستنكرت "الخارجية" الإيرانية تصريحات بومبيو، ووصفتها بأنها "سخيفة وتافهة، وتعد تدخلا في الشؤون الإيرانية، وتصب في خانة السياسات القديمة الرامية إلى زعزعة الاستقرار والأمن وتدمير المنطقة".

واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية، بهرام قاسمي، أن تصريحات مومبيو "مؤشر على العجز غير المحدود الذي تعانيه الإدارة الأميركية في ظل الظروف التي تلت انسحابها غير الشرعي من الاتفاق النووي، وعدم بلوغها أهدافها المأمولة من الخطوة المنفردة".

وتحدث عن "الخداع الأميركي" بالقول: "واشنطن تتظاهر بالمودة تجاه الشعب الإيراني، وفي الوقت نفسه تدرج الرعايا الإيرانيين على قائمة الدول التي يحظر عليها دخول الولايات المتحدة".

في غضون ذلك، تباينت ردود الفعل الدولية حول الحرب الكلامية الإيرانية ـ الأميركية، إذ اعتبر متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أن تهديدات الحرب "لا تفيد أبداً"، في حين أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ "موقف ترامب الصارم" ضد "عدائية النظام الإيراني، العدو الرئيس لإسرائيل".