الأفغان يستبدلون الأفيون... بالورد
في واحدة من أكثر مناطق أفغانستان اضطراباً وإنتاجاً للمخدرات، باتت المساحات المزروعة بالورد تزاحم مزارع الأفيون، وتحقق نجاحاً في إنتاج العطور يقرع أبواب أوروبا.في صباح كل يوم، يسلك محمد وأقرانه طريقاً يتمايل على جنبيه زهر الأفيون، قاصداً مزرعته، حيث يقطف الورد ويجمعه في حقيبة كبيرة.وينبغي إتمام هذه المهمة في الصباح الباكر، قبل استواء الشمس في وسط السماء، في هذه المنطقة الجبلية الواقعة في نانغارهار شرق البلاد، إحدى أكثر المناطق اضطراباً في أفغانستان.
كانت هذه المنطقة الجبلية المحاذية للحدود مع باكستان، معقلاً للمقاتلين الإسلاميين المتشددين، وفيها لجأ أسامة بن لادن وجمع من محاربيه.وفي هذه المسالك الوعرة النائية، يصدف أحياناً أن تمر سيارة دفع رباعي، ودراجات نارية لمقاتلين من حركة طالبان، بعدما استعادت المنطقة من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.وفي هذه الظروف المضطربة، ومع توالي الأحداث العاصفة بهذه المنطقة وسائر مناطق أفغانستان، تعيش نانغارهار بين والورد والأفيون، على وقع صوت الرصاص وعمليات "طالبان".في العام الماضي، بلغت زراعة الأفيون رقماً قياسياً في أفغانستان، إذ صُدّر 9 آلاف طن من الأفيون، وتعد ولاية نانغارهار سادس الولايات تصديراً له. لكن محمد اختار أن يتحوّل إلى زراعة أخرى، وانضم إلى مشروع أسسته جمعية أفغانية تدعمها منظمة ألمانية، أطلق في عام 2007 لدعم زراعة الورد.ويقول: "الألمان يقدمون لنا الشتلات والأدوات، ولأن السنة الأولى خلت من الحصاد، فقد دفعوا لنا المال أيضاً".ويضيف: "أما الآن، فلديّ 600 نبتة، وأحصد سنوياً 1200 كيلوغرام من بتلات الورد".في قرية عمر قلعة، تحوّل المدرس شاه زمان إلى زراعة الورد أيضاً، ويقول: "من قبل، كان الناس يزرعون الأفيون، لكن هذا حرام، أفضّل أن أزرع الورد".ويقول خان آغا، الذي انضم إلى هذه الزراعة أيضاً في قرية دار النور "إنها لا تتطلب سقاية ولا سماداً ولا رعاية"، بخلاف الأفيون.ويعمل في هذه الزراعة 3 آلاف مزارع مع عائلاتهم، بعد ذلك يجمع المحصول منهم جميعاً، وينقل إلى جلال آباد عاصمة الولاية.وهناك يستخرج منه الرحيق اللازم لصناعة العطور الفاخرة. ويطلق على هذا النوع من الورد اسم "الوردة الدمشقية"، وقد استورده الألمان من بلغاريا لإطلاق هذا المشروع.ويُستخرج من المحصول أيضاً زيت باهظ الثمن، فالحصول على لتر واحد منه يتطلّب 6 آلاف كيلوغرام من البتلات. وتباع الزجاجة الصغيرة التي تحتوي على خمسة ملليلترات منه بـ 40 دولاراً في كابول، أما في أوروبا فإن سعر الملليلتر الواحد قد يصل إلى 30 دولاراً.