أثار الإعلان عن نية الاندماج بين بيت التمويل الكويتي (بيتك) والبنك الأهلي المتحد في البحرين كثيراً من الجدل، وبعض منه يفتقر إلى المهنية وعدم الدقة في الطرح والتحليل، وهذا متوقع؛ نظراً إلى أهمية وحجم المصرفين المعنيين، والحجم المتوقع للمصرف الناتج عن عملية الاندماج.فكما أشار محافظ البنك المركزي السابق، الشيخ سالم العبدالعزيز، فإن الدعوة إلى اندماج المصارف -لما لذلك من منافع- ليست بجديدة. فالمنافع المترتبة على الاندماج واضحة في خلق كيان مصرفي أكبر، من المفترض أن يكون أكثر كفاءة، وأكثر تصدياً للصدمات المالية والمخاطر، وأكثر ربحية، وأكثر قدرة على المنافسة، وأكثر انتشاراً وخدمة للاقتصاد الوطني.
إن ما قام به مجلس الإدارة في المصرفين من الاتفاق على دراسة الدمج بينهما صحيح، ويصب في مصلحة المساهمين، فالمفترض على المساهمين محاسبتهم، إن لم يقوموا بهذه الخطوة، وليس العكس. ومن واجب مجلس الإدارة العمل على تعظيم القيمة للمساهمين، والبحث في جميع الفرص التي تعزز ذلك.وهذا ما فعله بنك الكويت الوطني، عندما سنحت له الفرصة، حين استحوذ على حصة مسيطرة على بنك بوبيان، ونحن نرى اليوم أثر ذلك على النتائج المتميزة لـ "بوبيان"، ونمو حصته في السوق وقدرته على المنافسة. لن أدخل في تفاصيل المنافع المترتبة على الاندماج بين "بيتك" و"الأهلي المتحد"، فهذا ما سيقوم بها المستشارون المعنيون المعيّنون لدراسة مقترح الدمج، وأنا متأكد من أن الجهات الرقابية المصرفية في البلدين (البحرين والكويت) ستقوم بواجبها في التأكد من سلامة الاندماج، فبنك الكويت المركزي من أكثر البنوك المركزية الخليجية مهنية، ولا يقل عنه في ذلك نظيره البحريني، وهما حريصان كل الحرص على سلامة القطاع المصرفي والاقتصاد الوطني، وهذا هو دورهما الأساس.أما هيئة أسواق المال فلا تقل أهمية دورها في التأكد من سلامة إجراءات الدمج والحفاظ على حقوق المساهمين جميعاً. ومما لا شك فيه هو أثر حجم المصرف الناتج عن الاندماج على المنافسة بين المصارف في الكويت والبحرين، وهنا يأتي دور جهاز حماية المنافسة والبنك المركزي لبيان هذا الأثر. وعادة ينتج عن الدمج تقليل للمصاريف، وحتماً هذا يمثل اهتماماً وهاجساً للعاملين حالياً في المصرفين، لذا يجب ألا يغيب عن بال الإدارة العليا في المصرفين طمأنتهم حول حقوقهم ومستقبلهم الوظيفي والفرص الوظيفية التي سيخلقها الكيان الجديد. إن نجاح هذا الاندماج له إيجابيات كثيرة على الاقتصاد الوطني في كلا البلدين، خاصة أننا مقبلون على مشاريع عملاقة تتطلب قدرة تمويلية أكبر وتركزاً ائتمانياً أوسع، ومن المفترض أن يعظم القيمة لمساهمي المصرفين -ومنهم جهات حكومية وشبه حكومية، مثل التأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد البحريني- الذين عليهم دور كبير في إنجاح هذا الاندماج.وربما دفع هذا الاندماج إلى المزيد من الاندماجات وعمليات الاستحواذ بين البنوك المحلية، مع بعضها أو مع بنوك دول المنطقة. ولكي ينجح الاندماج يجب أن تتم العملية بشفافية واضحة تبين المنافع والمخاطر بكل مهنية للجميع، والبعد عن التسريبات، بعيداً عن التدخل السياسي والشك في النوايا، وأن يقوم كل بدوره المطلوب منه، بدءا من مجالس الإدارات والجهات الرقابية والمساهمين جميعا.* اقتصادي كويتي، الرئيس الأسبق لاتحاد مصارف الكويت
مقالات
«بيتك» و«الأهلي المتحد»
25-07-2018