جمعت ندوة «الدور الثقافي للصالونات الأدبية» التي عُقدت أخيراً في نادي القصة، أصحاب صالونات أدبية ما زالوا حريصين على إقامتها بانتظام، من بينها «تغريد فياض الثقافي اللبناني في القاهرة، والقرضا الثقافي، وبدائل، والناقد الراحل عبد المنعم تليمة، والأديب محمد جبريل».

أكد أصحاب ومؤسسو هذه الصالونات أنها لا تزال تستقطب المبدعين رغم التكلفة المادية، والتطورات التكنولوحية التي لا بد من أن تكون امتداداً للصالونات الثقافية التي شهدها العالم العربي على مدى سنوات طويلة، واستضافت أجيالاً وقامات لا يمكن أن تمحى من الذاكرة كصالونات مي زيادة والرافعي والعقاد وأحمد تيمور وغيرهم.

Ad

قالت الشاعرة اللبناينة تغريد فياض، مؤسسة الصالون الثقافي اللبناني، إن الأزمات الاقتصادية ألقت بثقلها على كاهل الصالونات الأدبية، ما أدى إلى تقليص الفعاليات والأنشطة التي تقدّمها، مشيرة إلى أن صالونها الثقافي، الذي بدأ في أواخر عام 2015، كان يقدِّم الوجبات لضيوفه وحتى آخر سادس صالون، إلا أنها لم تستطع الاستمرار في ذلك بسبب ضعف ميزانيته التي تنفقها بشكل شخصي، وأضافت: «يحرص مئة شخص إلى مئتين شخص شهرياً على حضور فعاليات الصالون، الذي تتنوع أمسياته بين الشعر والرواية والمسرح والأدب، وتناقش الموضوعات كافة والقضايا الأدبية والثقافية غير أن ثمة محظورين هما الدين والسياسية».

وأضافت فياض: «قدّم الصالون منذ تأسيسه حتى الآن 21 جلسة»، وأهم ما كانت تؤكد عليه منذ انطلاق صالونها أن يكون للعامة وليس للنخبة، كما ذكرت.

من جانبها، قالت الشاعرة حنان شاهين المتحدثة باسم صالون «القرضا الثقافي»، إن الصالون يُقام أول خميس من كل الشهر، وهو موعده المنتظم منذ عام 2000، مشيرة إلى أن الصالون أسسه الروائي والأديب المقاتل أحمد ماضي، ومنذ اطلاقة وهو بمنزلة واحة للإبداع، وكان حريصاً ولا يزال على إصدار دواوين للمرة الأولى للشعراء الشباب مثل إيهاب البشبيشي، والشاعر محمد إيهاب السعيد.

دور محوري

وترى الناقدة والأديبة زينب العسال أنه رغم أن التجمعات الافتراضية عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قد تكون وسيلة تغني عن التجمعات الواقعية، فإن ثمة صالونات ما زالت موجودة وتؤدي دورها، فلا تكاد مدينة عربية كبيرة تخلو من صالون أو أكثر.

وأكدت العسال أن الصالونات الثقافية في العالم العربي أدّت دوراً محورياً في إعلاء شأن القراءة وتحفيز الموهوبين من الشباب على تقديم مواهبهم في الأنواع الأدبية كافة، باعتبارها قنوات غير رسمية تسهم في تسليط الضوء عليهم، مشيرة إلى تجربة زوجها الأديب محمد جبريل، الذي كان يعقد صالونه في نقابة الصحافيين بالقاهرة ويلتفّ حوله الشباب حتى أقعده المرض.

من جهته، رأى الأديب الشاب محمد هلال أن طغيان مواقع التواصل الاجتماعي ترك تأثيره الواضح في الصالونات الأدبية، ورغم ذلك لا نستطيع القول إنها تندثر، بدليل وجود أصحاب الصالونات الحديثة بيننا. تابع: «نجحت الصالونات الأدبية في التعامل مع المتغيرات الاجتماعية والثقافية، واستفادت منها فنجد الآن دور نشر مثل «بدائل» وغيرها تعقد صالوناً في داخلها أسبوعياً أو شهرياً بحسب ظروف كل دار، وهذا يؤكد الحاجة إليها ويدعم احتمالات بقائها واستمرارها في المستقبل رغم ما قد تواجهه من معوقات».

بواكير الصالونات

منذ نشأتها حتى منتصف القرن الماضي، كانت الصالونات الأدبية تؤدي دوراً ثقافياً وفكرياً كبيراً، وعرف العالم العربي كثيراً منها وأبرزها للشاعر أحمد تيمور، ومحمد حسن عبد الله، وحامد طاهر، والأميرة سلطانة السديري، والدكتورة وفاء المزروعي، ومي زيادة، والعقاد. ويُذكر أن أول صالون حديث كان في قصر الأميرة نازلي فاضل، وكان يتردّد على صالونها كبار المثقفين من مصريين وأوروبيين، ومنهم الإمام محمد عبده، وسعد زغلول، وقاسم أمين ومحمد المويلحي. وكان أحد أبرز الصالونات في تلك الفترة صالون ماريانا مراش، وهي أول أديبة سورية برزت في مجالات الأدب والشعر والصحافة، وصالون مي زيادة الذي كان ملتقى لشخصيات شهيرة متميزة امتد نشاطها فيه مدة 20 عاماً يتبادلون الآراء من دون معوق أو تمييز. وأحد أبرز هذه الشخصيات الدكتور مصطفى عبد الرازق وشبلي شميل وكانت بينهما خصومة فكرية، والشاعر مصطفى صادق الرافعي، وعباس محمود العقاد الذي كان أحد ألد نقاد الرافعي، لذا وصفه طه حسين بأنه صالون «ديمقراطي»، على العكس من صالون نازلي فاضل «الأرستقراطي».