بعد قرابة أربع سنوات من اكتشافها، بدأت الحكومة بالضرب بيد من حديد على ما يسمى بالشهادات المزورة والوهمية، في تحرك جديد لم يشهد له مثيل، ومن خلال وزير التربية وزير التعليم العالي

د. حامد العازمي، الذي عاصر حقبة تزوير الشهادات المزورة الوهمية منذ أن كان مديرا لمكتب وزير التعليم العالي، ثم وكيلا للوزارة، إلى أن أصبح وزيرا.

Ad

وبدأ العازمي، بالتعاون مع العاملين في "التعليم العالي"، فك شفرة أصحاب الشهادات المزورة بعد عملية تدقيق ومسح كبير شملت المكاتب الثقافية، وانتهت بالقبض على أصحابها عبر الجامعات المصرية، وعن طريق أحد الموظفين مدخلي البيانات في "التعليم العالي"، والذي اعترف أمام النيابة بأنه وشركاء خارج البلاد نفذوا عمليات تزوير الشهادت، وإبرام أخرى مقابل المال، حيث يتراوح ثمن الشهادة بين 1000 و3000 دينار، وقد تزيد إذا كانت ذات أهمية كبيرة أو عليا كالماجستير أو الدكتوراه، حسب حيثيات التحقيق.

ورغم تعاقب وزيري تربية وتعليم عال على تاريخ الشهادات المزورة، وهما د. بدر العيسى

ود. محمد الفارس، فإن هذه القضية ظلت مكانك راوح منذ 2015، ولم يجرؤ أي وزير على فتح هذا الملف على مصراعيه، حتى وصل الحال إلى الوزير العازمي.

وهناك تساؤل يثار: ماذا كان ينقص الوزيران العيسى والفارس حينها، رغم أنهما يمتلكان أدلة كثيرة على الشهادات المزورة، وشكلا لجان تحقيق عن طريق مجلس الأمة من جانب، والتعليم العالي والتطبيقي من جانب آخر؟ بل إن الأمر تعدى ذلك إلى إعلان الوزيرين اكتشاف مئات الحالات من الشهادات المزورة والوهمية، وأنهما سيعلنان أصحابها في تقارير لجان التحقيق، وأن هناك أساتذة أوقفوا عن العمل بكلياتهم وأحيلوا للنيابة.

تصريحات إعلامية

ورغم كل ذلك لم نشهد تقريرا واحدا انتهت إليه لجان التحقيق أو تقصي الحقائق، رغم تشكيل مجلس الأمة، على مدى مجلسي 2013 و2016، لجان تحقيق منبثقة عن "التعليمية" البرلمانية، وأخرى لتقصي الحقائق، لكن القضية لم تتجاوز التصريحات الإعلامية، والأدهى والأمر حصول عدد كبير من أصحاب الشهادات الوهمية أو الصادرة من جامعات غير معترف فيها على أحكام قضائية تؤكد صحتها، ولا يزالون على رأس أعمالهم، بل ومنهم من تقلد مناصب قيادية أو حصل على رتب عسكرية كالضباط.

أما اليوم فالحال تغير عن السابق كثيرا، بعد حل لغز الشهادات المزورة التي اكتشفت، وتجاوزت حتى الآن ٤٠ شهادة، والحبل على الجرار، وربما يعود ذلك لجرأة الوزير العازمي أو للحصول على الضوء الأخضر من الحكومة، الذي ربما لم تصله كهرباء الحكومة مع الوزيرين العيسى والفارس.

وبعد أن أصبحت قضية الشهادات المزورة قضية رأي عام ذاع صيتها محليا وخارجيا بفضل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، أين ستصل الحكومة بهذا الملف؟ وما مقياس طول نفسها بالتعاطي مع القضية؟ وماذا عن الضغوط التي يمكن أن تمارس على المعنيين بالقضية؟... كل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات.

وبالعودة إلى تاريخ الشهادات المزورة فإنها تعود إلى حقبة الوزيرة موضي الحمود، عندما شكلت لجنة الاعتماد الأكاديمي قبل 2015، حيث قامت اللجنة بالتدقيق على المكاتب الثقافية والعربية والأجنبية، واكتشفت ما سمي بـ"دكاكين العلم"، أي الجامعات والمعاهد التي يدرس فيها الكويتيون في مختلف دول العالم.

وانتهت اللجنة إلى عدم الاعتراف بمئات الجامعات، والإبقاء على الاعتراف فقط بالجامعات الحكومية أو الخاصة ذات التخصصات العلمية التي يشار إليها بالبنان، وصدر عن هذه اللجنة أيضا وقف تسجيل تخصص الحقوق، الذي أنهي بحكم ألغاه، ثم حظر الدراسة لمن مر عامان على حصوله على شهادة الثانوية العامة، وهو القرار الذي رفضته المحكمة مؤخرا ولم ينفذ. وكان لهذه اللجنة اليد الطولى في حصر الجامعات، ومعرفة مصادر الشهادات الوهمية، وعلى ضوء ذلك جاء الوزير بدر العيسى ليصرح بوجود أكثر من ٢٥٩ شهادة جامعية مزورة وأخرى وهمية، وأن هناك لجنة لإحالة المتورطين للنيابة قبل أن يكلف مجلس الأمة في 2016 اللجنة التعليمية التحقيق في قضية الشهادات المزورة، حيث كرر العيسى في أكثر من مناسبة أن تقرير لجان التحقيق انتهى إلى إدانة الكثيرين وأحيلوا إلى النيابة، لكن هذا التقرير لم ير النور الى يومنا هذا.

وفي حقبة الوزير السابق محمد الفارس، كان يكرر مرارا وتكرارا عن قرب إنجاز لجنة التحقيق ولجنة تقصي الحقائق تقريرهما لرفعهما إلى مجلس الامة، وان هناك إدانات حقيقية لبعض مزوري الشهادات، وآخر تصريح له على هذا الصعيد هو أن التقرير بالأسماء سيكون جاهزا في سبتمبر الماضي، لكن لم يخرج أيضا أي تقرير.

مؤازرة حكومية ونيابية

وعندما جاء الوزير حامد العازمي أحدث المفاجأة بفتح النار على أصحاب الشهادات المزورة، وسط مؤازرة حكومية ونيابية وأكاديمية وشعبية، طالبت بكشف المزورين وإقصائهم من مناصبهم التي تقلدوها بفضل شهاداتهم المزورة، ومطالبة الحكومة باسترجاع الأموال التي حصلوا عليها نظير تلك الشهادات وترقياتهم.

مؤشر الفساد

الموقف الحكومي ربما تطور منذ أن خرج تقرير لجنة الشفافية الدولية، الذي أعلن هبوط الكويت 10 مراكز في مؤشر الفساد، واعتراف رئيس الوزراء بوجود الفساد كان ذلك بمنزلة ناقوس الخطر الذي أيقظ الحكومة أمام الفساد المستشري في كل الأروقة الحكومية ليوجه سمو الرئيس جابر المبارك كل وزرائه بضرورة فتح ملفات الفساد في وزاراتهم، ووقف كل من تسول له نفسه العبث بأموال البلاد.

هذا الأمر جعل الوزراء على أهبة الاستعداد مؤخرا لمكافحة كل أنواع الفساد، ولعل ما شهدناه من إحالة مجلس الوزراء مناقصتين في وزارتي الإعلام والخدمات لهيئة مكافحة الفساد (نزاهة) كانت بداية انطلاقة الحكومة نحو مكافحة الفساد، أعقبها تصريح شديد اللهجة من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء أنس الصالح، أعلن فيه أن عجلة مكافحة الفساد بدأت بهاتين الوزارتين والمناقصتين اللتين تدور حولهما شبهات تعد على المال العام، وان هذا الوضع سيستمر ولو وصل الحال إلى جهاز المناقصات، وبعد أقل من أسبوع أعلنت "التعليم العالي" و"الداخلية" الحرب على الشهادات المزورة، بعد التوصل إلى أحد خيوطها عن طريق موظف وافد يعمل في "التعليم العالي".

صف واحد

التعليم على المحك، واليوم نرى السلطتين تقفان صفا واحدا أمام مزوري الشهادات، الذين لقبهم عضو اللجنة التعليمية خليل عبدالله بالمافيا، فالحكومة اليوم أمام اختبار صعب بالكشف وإعلان أصحاب الشهادات المزورة ومناصبهم، واستعادة الأموال التي حصلوا عليها دون وجه حق، فهل تستطيع مواجهة تلك المافيا، وتصحيح الأوضاع الخاطئة في التعليم، لاسيما الجامعة، وإعادة الدور الريادي للتعليم والهيبة الحكومية من نافذة مكافحة الشهادات المزورة، خاصة مع الضغوطات الكبرى التي ستواجهها من أصحاب تلك الشهادات الذين ربما يكون بعضهم نافذا ويملك واسطات أو يلجأ الى القضاء.

نفس الحكومة

هل ستكون ليلة القبض على الشهادات المزورة الطريق نحو تنظيف البلد من الفساد ومعاقبة المفسدين من بوابة التعليم؟... هذا ما ينشده الجميع شعبا ومجلسا وحكومة، لكن الكلام سهل والفعل والتطبيق صعب والاستمرار على الموقف أصعب، لذلك ستظهر الأيام أين ستصل الحكومة بنفسها مع قضية الشهادات المزورة والفساد بشكل عام، وكيف يفعل دور هيئة مكافحة الفساد مع هذه القضية.

الشهادات المضروبة... تصريحات وزارية ولجان تحقيق وإحالات للنيابة

أول لجنة تحقيق في 15 أكتوبر 2015

أعلن وزير التربية وزير التعليم العالي الأسبق بدر العيسى تشكيل أول لجنة تحقيق في الشهادات المزورة بـ"التطبيقي" في 2015، مبينا أن اللجنة تعنى بالتحقيق في قضايا الشهادات وقضايا الأساتذة الذين لم يقدموا مشاريعهم.

«التعليمية» تحقق في الشهادات المزورة 2016

كلف مجلس الأمة السابق في 29 ديسمبر 2016 اللجنة التعليمية البرلمانية التحقيق في الشهادات المزورة والوهمية، بناء على طلب نيابي بضرورة التحقيق في الشهادات العلمية والإجازات الدراسية والتعيينات بجامعة الكويت والتطبيقي، على أن تقدم اللجنة تقريرها في مدة أقصاها 3 أشهر، وحتى يومنا هذا لم يخرج أي تقرير في هذا الشأن.

مجلس الأمة يرفض التمديد للجنة التحقيق

في 6 يونيو 2017 رفض مجلس الأمة، خلال جلسته، رسالة من رئيس اللجنة التعليمية التي يطلب فيها تمديد عمل اللجنة (كلجنة تحقيق) في الشهادات المزورة، وتسريب الاختبارات والتعيينات والبعثات في الجامعة، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي.

ورأى عدد من النواب أن تمديد عمل اللجنة لن يجدي نفعا.

مصير «الشهادات المزورة» والدكتوراه أثناء العمل بيد مجلس الوزراء

قال وزير التربية وزير التعليم العالي الأسبق د. بدر العيسى إنه في 22 يوليو 2016 حتى الآن لم يتسلم التقرير النهائي بخصوص الشهادات الوهمية من اللجنة المكلفة بدراسة الملف، مشيرا إلى أنه سيجتمع مع اللجنة قريباً فور الانتهاء من عملها للاطلاع على التقرير.

وقال د. العيسى في تصريحه انه لن يتخذ أي قرار بشأن تقرير اللجنة، وسيقوم برفعه إلى مجلس الوزراء مع تقرير اصحاب شهادات الدكتوراه، الذين حصلوا عليها أثناء العمل، مشددا على ان مجلس الوزراء هو من سيتخذ القرار بهذين التقريرين.

وأوضح أن هناك ما يقارب 6 الاف شخص حصلوا على الدكتوراه أثناء العمل، لذا فإن القرار يحتاج الى دراسة قبل رفعه الى مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه مناسباً.

تقصي حقائق الشهادات الوهمية

شدد وزير التربية وزير التعليم العالي السابق محمد الفارس في 4 فبراير 2014 على أن لجنة التحقيق في الشهادات الوهمية الخاصة بجامعة الكويت مستمرة وفق الأطر القانونية، موضحا أنها لجنة تقصي حقائق وليس كما يعتقد البعض أنها لجنة تحقيق.

وقال: "الأمر مختلف تماما عن التطبيقي، فلجنة الجامعة معنية فقط بفحص شهادات من تم تعيينهم من دون وجود أي بعثات خارجية من الأقسام العلمية لهم، وفور الانتهاء منها ستتم مناقشة التقرير".

«مكافحة الشهادات الوهمية»... كارثة اكاديمية

دعت الحملة الوطنية لمكافحة الشهادات الوهمية والمزورة 9 يونيو 2016 الى ضرورة التزام وزير التربية وزير التعليم العالي الأسبق د. بدر العيسى بنتائج التقرير الصادر عن لجنة تقصي الحقائق لفحص الشهادات الوهمية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، والذي يعتبر من اللبنات الأولى لإصلاح مسار التعليم في البلاد، مشددة على ضرورة تنفيذ توصياته بحزم، معتبرة «الشهادات الوهمية»... كارثة اكاديمية.

ملف الشهادات الوهمية في طريقه إلى الحل

أكد وزير التربية وزير التعليم العالي السابق د. محمد الفارس في 15 يوليو 2017 أن ملف الشهادات الوهمية في طريقه الى الحل، وأن سبب التأخير في البت باتخاذ القرار فيه من مجلس إدارة التطبيقي لضمان عدم وجود أي شائبة قانونية في القرار الذي سيصدر قبل بداية العام الدراسي الجديد.

وأشار الفارس إلى طلب لجنة التحقيق لفحص شهادات جامعة الكويت مهلة حتى سبتمبر القادم.

تقرير: الشهادات الوهمية في سبتمبر 2017

أكد وزير التربية وزير التعليم العالي السابق د. محمد الفارس في 9 يوليو 2017 إصراره على إنهاء ملف الشهادات الوهمية وسعيه للكشف عن أي شهادات مزورة أو صادرة من جامعات منعدمة

وقال: "وصلنا إلى مراحل متطورة ونهائية بشأن هذا الملف، خصوصاً في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب".

وبين أنه من المتوقع أن ترفع اللجنة تقريرها في سبتمبر المقبل، فإما أن يحمل توصية بفتح لجان تحقيق وإما لا.

إحالات إلى النيابة على خلفية الشهادات المزورة

هذا كان عنوان تصريح للويزر الأسبق بدر العيسى في مجلس الامة في 6 يناير 2016، مفاده أن الوزارة شكلت لجنة تحقيق في الشهادات المزورة لدى بعض اعضاء هيئة التدريس بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وانها قطعت شوط طويلاً في هذا الامر.

الرأي القانوني للشهادات المزورة

أكدت وزارة التربية في 9 يوليو 2017 أن قضية الشهادات المزورة مازالت مطروحة على مجلس إدارة "التطبيقي" بوصفه المختص بالتصرف والفصل فيها بحكم قانون إنشاء الهيئة "لكنه لم يفصل فيها بعد".

المتورطون بالشهادات الوهمية

في احد تصريحاته حول لجان الشهادات الوهمية اعلن الوزير الأسبق بدر العيسى في 20 يوليو 2016 تشكيل لجنة تقصي الحقائق لإحالة المتورطين بالشهادات الوهمية الى النيابة.

تحقيق «التطبيقي»: وقف تعيين 8 أساتذة وإحالتهم إلى النيابة

كشف الوزير محمد الفارس في 26 يوليو 2017 ان لجنة التحقيق في الشهادات المزورة في "التطبيقي" أصدرت قرارات بسحب تعيين 8 أساتذة في كلية الدراسات التجارية خريجي جامعة أثينا الأميركية، وايقافهم عن العمل، وتحويل ملف القضية برمته إلى النيابة العامة، لتبيان وجود جناية أو هدر في المال العام.