لا تزال الحرب الكلامية بين واشنطن وطهران، التي قد تنزلق في أي لحظة إلى مواجهة، تتصاعد باطراد. ومع اقتراب موعد سريان الدفعة الأولى من العقوبات الأميركية، التي أعاد الرئيس دونالد ترامب فرضها على إيران بداية الشهر المقبل، تبادل البلدان التهديدات بالحرب، بينما تزايدت حدة الحملة الأميركية الدبلوماسية والدعائية، بشكل كبير.

وأمس انبرى عدد من قادة إيران وساستها للرد على وعيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنظيره الإيراني حسن روحاني، بمواجهة عواقب لم «يختبرها سوى قلة في التاريخ» إذا هدد الولايات المتحدة مجدداً، وأعربوا عن رفضهم للتهديد الأميركي متحدين الرئيس الأميركي.

Ad

وتعهد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري، برد فعل «قوي لن تتخيله الولايات المتحدة وستأسف عليه»، إذا واصلت تهديدها المصالح الإيرانية.

وقال باقري إن الحكومة الأميركية «ستلقى رداً صارماً لدرجة لا تصدق، يستهدف مصالحها والأماكن التي توجد بها في المنطقة والعالم».

وأضاف إن قواعد الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة تقع في متناول سلاح بلاده. وتابع، مستخدما العبارة ذاتها التي صرح بها الرئيس الإيراني قبل أيام، إن على واشنطن «تجنب العبث بزيل الأسد».

وأكد باقري أن «أوهام الرئيس الأميركي القاصرة الفارغة والباطلة لن تتحقق أبداً»، مشددا على أن بلاده «لم تسع مطلقا إلى الحرب. وتريد السلام والاستقرار في المنطقة».

وتتبادل واشنطن وطهران التهديدات الغاضبة منذ الاحد الماضي، عندما حذر روحاني الولايات المتحدة من «اللعب بالنار»، وأن النزاع مع إيران سيكون «أم جميع المعارك».

ظريف

وكتب وزير الخارجية محمد جواد ظريف رداً على تهديد ترامب، الذي جاء بحروف كبيرة على «تويتر»: «لم نتأثر بحروف كبيرة. سمع العالم قبل عدة شهور تهديداً ربما كان أقوى. ودأب الإيرانيون على سماع تهديدات، لكن أكثر تحضراً، على مدى 40 عاما. نحن موجودون منذ آلاف السنين وشهدنا سقوط امبراطوريات بما فيها إمبراطوريتنا التي امتدت على مدى أطول من عمر بعض الدول».

وأضاف ظريف بحروف كبيرة على «تويتر» مثلما كتب ترامب: «احترسوا!»، وهو نفس التعبير الذي استخدمه الرئيس الأميركي في تغريدته.

قاسمي

ولاحقاً، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي إن بلاده سترد بإجراءات مضادة مماثلة إذا حاولت الولايات المتحدة منع صادراتها النفطية. وهو ما تسعى له واشنطن بحلول 4 نوفمبر المقبل.

وأضاف قاسمي: «إذا أرادت أميركا اتخاذ خطوة جادة في هذا الاتجاه، فستلقى بالقطع رد فعل وإجراءات مضادة مماثلة من إيران».

لاريجاني

ووصف رئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، تصريحات ترامب بأنها «كلمات شخص فاسد ومثير للمشاكل ولا تستحق الرد». وقال لاريجاني إن «الدبلوماسية الأميركية بلهاء وتعاني فوضى وعنفاً».

تفادي الحرب

ورغم تزايد حدة التصريحات والتهديدات بين واشنطن وطهران فإن لدى كل من الجانبين أسبابا تدفعه إلى تفادي نشوب صراع يمكن أن يتصاعد بسهولة.

وقال مسؤولون أميركيون إن تعليقات ترامب جاءت في إطار «قوة ناعمة» تتضمن منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف إثارة القلاقل والضغط على إيران لإنهاء برنامجها النووي ودعمها لجماعات متشددة. الا أن مراقبين قالوا ان الرهان على عدم الانزلاق الى مواجهة عسكرية خطير جداً.

بومبيو

واتهم وزير الخارجية الإيراني، مايك بومبيو، النظام الإيراني، بـ «التسبب في المعاناة والموت والإرهاب».

وقال في تغريدة على «تويتر»، أمس: «النظام الإيراني تسبب بالمعاناة والموت لشعبه والعالم. وفي أوروبا وحدها، أثارت الاغتيالات والتفجيرات التي دبرتها إيران، فضلا عن الهجمات الإرهابية الأخرى، رعب عدد لا يحصى من البشر».

وأضاف وزير الخارجية الأميركي، في تغريدة ثانية: «أوروبا ليست محصنة من الإرهاب الذي تدعمه إيران. وهذا الشهر، أدين دبلوماسي إيراني في فيينا بمؤامرة لتفجير تجمع انتخابي في فرنسا. وفي الوقت نفسه، الذي يحاول النظام إقناع أوروبا بالبقاء في الاتفاق الإيراني، يخطط لهجمات إرهابية في أوروبا».

تخوف ومعارضة

إلى ذلك، اعتبرت وكالة المخابرات الداخلية الألمانية «بي.إف.في»، في تقريرها السنوي، أن إيران رفعت قدراتها على الهجمات الإلكترونية، وأنها تمثل خطرا على الشركات الألمانية والمؤسسات البحثية.

وتحدث التقرير، الذي أعلنه وزير الداخلية هورست زيهوفر ووكالة «بي.إف.في»، أمس، عن هجمات إلكترونية متزايدة مصدرها على الأرجح إيران منذ عام 2014، وقال إنه تم رصد الكثير من مثل هذه الهجمات على أهداف ألمانية في عام 2017.

تركيا

من جانب آخر، وقبل أيام من دخول العقوبات الاقتصادية الأميركية على طهران حيز التنفيذ بحلول اغسطس المقبل، أعلن وزير خارجية تركيا مولود غاويش اوغلو أن بلاده أبلغت الوفد الأميركي، الذي أجرى مشاورات في أنقرة أخيراً لإقناعها بالمساهمة في الضغوط على الجمهورية الإسلامية، عدم التزامها بالحظر الذي ترغب واشنطن في فرضه على شراء النفط الإيراني. وقال إن التوجه الأميركي يتعارض مع سياسة تركيا بشأن طهران.

سجن وانتقادات

من جهة أخرى، اعتقلت شرطة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، 5 فتيات بمدينة دزفول في محافظة خوزستان جنوب إيران، بتهمة كشف الحجاب وتحريض الفتيات على خلعه. وقال رئيس الشرطة، حسن دزفولي، إن الفتيات المعتقلات «يتبعن سلوكاً غير مشروع ومخالفاً للشريعة الإسلامية والمجتمع الإيراني»، لافتاً إلى أن «الفتيات قمن بنشر صور لهن خلال كشفهن حجابهن في الفضاء الإلكتروني».