أبدت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية د. غادة والي اعتراضاً خلال الفترة الماضية على مشاهد تضمنتها الدراما المصرية، ذلك من خلال صندوق مكافحة الإدمان وتعاطي المخدرات التابع لها، وطالبت باستمرارية التصنيف العمري للأعمال مع وضع تنويه واضح إلى احتواء العمل هذه النوعية من المشاهد، بالإضافة إلى عدم الاستعانة بها في الحملات الإعلانية والترويجية سواء للأعمال الدرامية أو المنتجات الإعلانية.وزيرة التضامن الاجتماعي أرجعت هذه المناقشة إلى أن الإدمان أصبح قضية أمن قومي لا تقل خطورتها وتداعياتها عن الإرهاب، لا سيما بعدما سجلت معدلاته في مصر ضعف المعدلات العالمية، ما يتطلب تكاتفاً مجتمعياً لتنفيذ الخطة القومية لمكافحته ولا بد من أن يشارك فيها صانعو الدراما.
رفض
من جهته، يرفض ابراهيم نصر اتهامه بالتحريض على تعاطي المخدرات من خلال شخصية «الدب» التي ظهر بها في مسلسل «فوق السحاب»، مؤكداً أن نهاية الشخصية نتيجة تعاطي المواد المخدرة يجب أن تكون عبرة لكل شخص يفكر في الإدمان، وأن ما جاء في الحلقات الأولى متوافق بشكل كامل مع الخط الدرامي الذي تدور فيه الأحداث.ويضيف نصر أن طرق الإدمان معروفة وموجودة فعلاً ومتوافرة سواء عبر الإنترنت أو غيره، مشدداً على أن الدراما تنقل الواقع ومشكلاته، وهو ما جاء في المسلسل.كذلك يؤكد أن الدراما لا يمكن تقييدها بمحظورات لأن ثمة قصصاً يجب أن تقدم الواقع من دون حذف، لافتاً إلى أن كشف النتائج السلبية للأدمان على الشاشة يدفع الشباب إلى التفكير جيداً قبل الإقدام على هذه الخطوة.ورغم تكريم كريم فهمي من صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي عن مسلسله الأخير «أمر واقع»، فإنه يؤكِّد أن بعض الأعمال يحمل ضرورة درامية لظهور الممثل وهو يدخن السجائر مثلاً، مشيراً إلى أن الفيصل في هذا الأمر يبقى القصة، فيما ثمة أعمال يظهر فيها البطل وهو يُدخِّن بشكل مبالغ فيه ومن دون ضرورة درامية.من جهتها، ترى روجينا التي ظهرت وهي تدخن السجائر في مسلسل «ضد مجهول» أن ذلك جاء بناءً على طلب المخرج ولكون التدخين يضيف إلى الشخصية وطبيعتها الانفعالية وتصرفاتها غير المتزنة، لافتة إلى أنها رفضت ذلك بداية لكن في النهاية اقتنعت به كونه ضرورة درامية.رأي النقد
يؤكد الناقد الفني أحمد عمر أن اجتماع وزيرة التضامن مع صانعي الدراما يعد محاولة لفرض قيود جديدة ستتحول مع الوقت إلى قواعد يعاقب من يخالفها، خصوصاً أن ثمة مكتسبات كبيرة للدراما التلفزيونية يجب الحفاظ عليها وتعزيز مساحة الحرية.ويكشف عدم وجود أي نصوص قانونية تمنع تقديم مشاهد تعاطي المخدرات وتدخين السجائر في السياق الدرامي، وهو أمر ليس مرتبطاً بالدراما فحسب، بل أيضاً بأفلام الثمانينات والتسعينات التي تحتوي على هذه المشاهد، مشيراً إلى أن السينما والدراما أسهمتا تاريخياً في الحد من هذه الظواهر كما فيلم «الباطنية» لنادية الجندي الذي تسبب في إنهاء أسطورة هذا الحي الذي كان مرتعاً لتجار المخدرات.ويوضح أن صانعي الدراما بحاجة إلى طرح وجهات نظر معارضة لوجهات النظر الرسمية، خصوصاً في ظل وجود تصنيف عمري للأعمال ومواعيد عرض +18. من ثم، لا مبرر لوضع قيود أيضاً على المؤلفين خلال الكتابة وفريق العمل خلال التصوير، لا سيما أن ما تسعى الوزارة إلى منعه في الأعمال الدرامية موجود فعلاً سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو «يوتيوب»، كذلك في الدراما والسينما الأجنبية التي تحظى بنسب مشاهدة كبيرة بين مختلف الفئات تفوق في بعض الفئات العمرية ما تحصده الدراما المصرية أحياناً من مشاهدات.