مع اقتراب قوات الرئيس السوري بشار الأسد من استعادة المنطقة الجنوبية كلياً، نفّذ تنظيم «داعش» الإرهابي سلسلة تفجيرات انتحارية في محافظة السويداء التي تسكنها أغلبية درزية، قبل أن يشن أعنف هجوم له منذ أشهر، أسفر عن مقتل أكثر من 185 شخصاً وإصابة وخطف عدد غير معروف وتمكن خلاله من السيطرة على ثلاث قرى في ساعات.

وسارع أهل المنطقة وقوات النظام، إلى شن هجوم مضاد في قرى ريف المحافظة لوقف تقدم «داعش»، الذي يتمركز في المنطقة الصحراوية على الأطراف الشمالية الشرقية واستعادوا القرى الثلاث بعد اشتباكات عنيفة.

Ad

وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن بأن ثلاثة تفجيرات انتحارية بأحزمة ناسفة وقعت صباح أمس في مدينة السويداء، في حين وقعت تفجيرات أخرى في قرى بريفها الشرقي والشمالي الشرقي قبل أن يشن «داعش» هجوماً على تلك القرى. وفي وقت لاحق، فجر انتحاري رابع نفسه في المدينة.

ووفق عبدالرحمن، فإن «داعش» استهدف منطقة ذات كثافة سكانية عالية وداهم قرى في الريف الشمالي الشرقي وقتل بعض السكان في منازلهم، مبيناً أن الهجوم جرى التحضير له جيداً ويُعد أحد أكبر عملياته منذ أشهر في سورية بعدما خسر معظم مناطق سيطرته فيها.

بدورها، نشرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) صور أشلاء على الأرض في مكان أحد التفجيرات، كما ظهرت جثة مرمية على درج إلى جانب جدار مدمر. وفي وسط أحد الشوارع، بدت صناديق خضار محطمة على الأرض وسط بقع من الدماء، مشيرة إلى أن «وحدات الجيش تتصدى لهجوم داعش» وتعمل في هجوم مضاد على وقف تقدمه.

حوض اليرموك

وأتت هجمات «داعش» في وقت يتعرض عناصره في فصيل «خالد بن الوليد» منذ أيام لهجوم عنيف في حوض اليرموك، وهو آخر جيب يوجد فيه بمحافظة درعا المحاذية للسويداء، كما جاءت في وقت بات النظام على وشك استعادة كامل المنطقة الجنوبية، التي تشمل القنيطرة أيضاً.

واعتبرت «سانا» أن هجمات السويداء وريفها الشمالي الشرقي «تهدف إلى تخفيف الضغط العسكري» الذي يقوم به الجيش ضد «بقايا التنظيم الذي يواجه نهايته المحتومة في ريف درعا الغربي».

وذكر «الإعلام الحربي» التابع للنظام أن وحدات الجيش سيطرت على مساكن جلين والشركة الليبية، وتتابع تقدمها باتجاه بلدة جلين. كما تقدمت من محور ريف القنيطرة وسيطرت على قرية صيدا الجولان وخان صيدا واللوبيد والمقرز، والواقعة في أقصى ريف القنيطرة الجنوبي.

وادي الفرات

في هذه الأثناء، حذّر قائد العمليات المدنية في التحالف الدولي فريديريك باريزو أمس، من أنّ العمليات ضد «داعش» في المنطقة البالغ طولها 30 كيلومتراً وعرضها 10 بين مدينتي هجين والبوكمال في وادي الفرات قد يستمر أشهراً.

وقال الجنرال الفرنسي، في مؤتمر عبر الهاتف لصحافيين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، «بعد التخلص من قاعدة يتمركز فيها بضع مئات من مقاتلي داعش في الأسابيع المقبلة، لن تتبقّى أي منطقة يمتلكها أو يسيطر عليها»، مشدداً على أن التحالف سيبقى في مواقعه، بالتعاون مع الجيش العراقي وقوات سورية الديمقراطية (قسد) للتأكد من عدم تمكنه من إعادة تنظيم صفوفه.

تصفية قادة

وإذ أكد باريزو الحرص على قتل عناصر «داعش جميعاً»، أعلن التحالف أمس تصفية ستة من قادة التنظيم ومعدّي خططه مرتبطين باعتداءات في أوروبا والسعودية، خلال الآونة الأخيرة، موضحاً أن البلجيكي صفيان مكوح، الذي توجه لسورية للإعداد لاعتداءات ضد الولايات المتحدة قُتل في ضربة في الثاني من يونيو، وفي الثاني عشر من الشهر ذاته قتل في غارة أخرى القيادي «سيماك» المرتبط بخلية أعدت لاعتداءات في السويد. كما قُتل في الرابع والعشرين من الشهر نفسه مقاتلان مرتبطان مباشرة بهذه الخلية هما أبو عوف وأبو قدامة، فيما قُتل شريف الرجب في 26 يونيو، وفي 24 أبريل قتل منوّر المطيري الذي كان يخطط لاعتداءات في السعودية.

تعاون ماتيس

على جبهة ثانية، نفى وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أمس، وجود تعاون مع الجيش الروسي في سورية، على الأقل في الوقت الحالي، باستثناء التنسيق الوحيد على الخط الساخن للتأكد من عدم وقوع حوادث تشمل القوات أو الطائرات التابعة للطرفين.

وقال ماتيس، خلال مؤتمر صحافي في كاليفورنيا، «لن نقوم بأي شيء إضافي، حتى يفكر وزير الخارجية مارك بومبيو والرئيس دونالد ترامب في أي نقطة سنبدأ العمل فيها مع حلفائنا ومع روسيا في المستقبل»، مضيفاً: «هذا لم يحصل حتى الآن. وسيكون من السابق لأوانه، بالنسبة إلي، الدخول في أي تفاصيل اكثر في هذه المرحلة».

ماكرون ولافروف

في السياق، استقبل الرئيس إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لودريان أمس، في الإليزيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف لبحث النزاعين السوري والأوكراني.

وهذا الاجتماع، الذي لم يعلن سابقاً، أعقب لقاء مماثلاً عقده المسؤولان الروسيان قبل بضع ساعات مع المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل ووزير خارجيتها هايكو ماس في برلين، بناء على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تشاور هاتفياً مع ماكرون نهاية الأسبوع الفائت.

ووصل لافروف وغيراسيموف إلى أوروبا آتيين من إسرائيل حيث التقيا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاثنين.

إردوغان وبوتين

وفي أنقرة، صرح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس، بأنه سيجري محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على هامش «قمة بريكس» في جوهانسبرغ، تتناول بشكل خاص الوضع الشائك في درعا وإدلب، محذراً من أي «أي شيء يمكن أن يحدث في أي لحظة» في المحافظتين.

وقبل أن يستقل الطائرة إلى جنوب إفريقيا للمشاركة في «قمة بريكس» لأول مرة بدعوة من بوتين، اعتبر إردوغان، في مؤتمر صحافي، أن التطورات سواء في تل رفعت أو منبج «لا تسير على النحو المنشود»، على عكس عفرين وجرابلس والباب».