أوقفت المملكة العربية السعودية، بشكل مؤقت، كل شحنات النفط التي تمر عبر مضيق باب المندب المائي، بعد هجوم للمتمردين الحوثيين في اليمن استهدف ناقلتي نفط عملاقتين تابعتين للشركة السعودية الوطنية، تحمل كل منهما مليوني برميل من الخام.

وأعلن وزير النفط السعودي خالد الفالح، في بيان مساء أمس الأول، "تعليق جميع شحنات النفط الخام بشكل فوري ومؤقت، إلى أن تصبح الملاحة بالمضيق آمنة"، مستنكرا "تهديدات الميليشيات الحوثية لناقلات النفط والملاحة البحرية بالمضيق والبحر الأحمر".

Ad

وقال الفالح: "إنه، وحسب ما صرّح به المتحدث الرسمي لتحالف دعم الشرعية في اليمن، تعرضت ناقلتا نفط عملاقتان تابعتان للشركة الوطنية البحرية، تحمل كلٌ منهما مليوني برميل من النفط الخام، لهجوم من الميليشيات الحوثية الإرهابية في البحر الأحمر، صباح الأربعاء، بعد عبورهما مضيق باب المندب".

كما أسفر الهجوم عن إصابة طفيفة في إحدى الناقلتين، ولم تقع أي إصابات أو انسكاب للنفط الخام في البحر الذي كان سيؤدي إلى "كارثة بيئية".

وأوضحت الشركة السعودية، في بيان، أن القرار بتعليق تصدير النفط اتُخذ لضمان "سلامة الناقلات وطواقمها وتجنب حوادث انسكاب النفط الخام".

وفي وقت سابق، ذكر تلفزيون "المسيرة" التابع للحوثيين أن المتمردين استهدفوا بارجة حربية تحمل اسم "الدمام"، قرب مضيق باب المندب، الذي يعد أحد أهم خطوط النقل في العالم، ويصل البحر الاحمر بخليج عدن وبحر العرب.

استنكار وتوسع

في هذه الأثناء، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش، أن "استهداف ناقلتي النفط السعوديتين في البحر الأحمر يؤكد ضرورة تحرير مدينة الحديدة وميناءها من الميليشيات الحوثية".

وأضاف: "هذا عمل غير مسؤول على الإطلاق... وتأثيره الفعلي يتجاوز المنطقة بكثير. أعتقد أن هذا مثال يوضح ضرورة إنهاء استيلاء الحوثيين على حكم اليمن في صنعاء".

وشدد قرقاش على أن هناك حداً لصبر بلاده، التي أوقفت حملة عسكرية مشتركة مع قوات الحكومة اليمنية، المعترف بها دولياً، لتحرير ميناء الحديدة من قبضة المتمردين، من أجل إعطاء جهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن مارتن غريفيث "كل فرصة ممكنة" لإقناع الميليشيات بالانسحاب منه، دون شرط، لتجنب حرب شوارع قد توقف عمل المرفأ البحري الذي تدخل منه أغلب إمدادات الطاقة والغذاء للبلاد.

واعتبر الوزير، في كلمة أمام مؤسسة "بوليسي اكستشينج"، أن هجوم الحوثيين على شحنات النفط له أبعاد تتجاوز المنطقة. في إشارة إلى التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران، مع قرب دخول العقوبات الأميركية على طهران حيز التنفيذ، بحلول أغسطس المقبل.

وأعرب قرقاش عن استعداد بلاده، العضو الرئيسي في التحالف الذي تقوده الرياض، لتحمل المزيد من العبء الأمني في الشرق الأوسط، وأنه لم يعد بالإمكان الاعتماد فقط على العمليات العسكرية لحليفتيها الولايات المتحدة وبريطانيا.

وأشار إلى أن أبوظبي تأمل أن يؤدي الضغط الأميركي على إيران إلى عودتها لطاولة المفاوضات، للتوصل لاتفاق أوسع يشمل الصواريخ الباليستية لإيران وتدخلها الإقليمي، بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي المبرم في 2015، معبرا عن قلق بلاده من التباين بين اميركا واوروبا حول ايران.

إدانات واسعة

في غضون ذلك، صدرت ادانات واسعة من عدة بلدان عربية وإسلامية للاعتداء، وأعربت مصر، أمس، عن إدانتها الشديدة للهجوم الحوثي.

وأكدت "الخارجية" المصرية أن "الهجوم يمثل خرقاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الدولية التي تنص على حرية حركة الملاحة في الممرات المائية الدولية، فضلاً عن تأثيره السلبي على حرية حركة التجارة الدولية".

وجددت الوزارة مطالبة مصر للمجتمع الدولي بـ"ضرورة الاضطلاع بدوره نحو استعادة الشرعية إلى اليمن، على أساس مقررات الشرعية الدولية الممثلة في قرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني".

واستنكرت مملكة البحرين بشدة الهجوم الذي وقع قبالة سواحل اليمن، مشددة على أن "الاعتداء الجبان يمثل خرقاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الدولية، وتهديداً خطيراً للملاحة الدولية والتجارة العالمية".

وأضافت البحرين أنها "إذ تجدد تضامنها التام مع المملكة العربية السعودية ووقوفها معها في كل ما تتخذه من إجراءات للحفاظ على مواردها وردع كل من يحاول المساس بأمنها، فإنها تشدد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي للتصدي لهذه الأعمال الإرهابية الخطيرة التي تقوم بها الميليشيات الانقلابية في الجمهورية اليمنية، وكل من يدعمها ويمولها، لضمان توفير الحماية اللازمة للملاحة بمضيق باب المندب".

كما أدانت منظمة التعاون الإسلامي "استهداف الحوثي ناقلتي نفط سعوديتين في البحر الأحمر".

وأدانت الحكومة اليمنية، المعترف بها دولياً، أمس، الهجوم الحوثي في باب المندب، مشيرة إلى أن "استمرار سيطرة الميليشيا على الحديدة ومينائها الاستراتيجي ومناطق الساحل الغربي، سيجعلها تستمر بهجماتها الإرهابية ضد حركة الملاحة الدولية".

وتابعت الحكومة الشرعية: "الهجوم جرى أيضاً عقب التهديدات الإيرانية باستهداف خطوط الملاحة الدولية وصادرات النفط لدول الجوار، وبدأ تنفيذ تلك التهديدات من الميليشيا الموالية للنظام الإيراني من الأراضي اليمنية".

بديل سعودي

من جانب آخر، أوضح خبراء، أمس، أن الرياض تمتلك بديلا استراتيجياً للاستغناء عن تمرير صادراتها النفطية عبر مضيق باب المندب. وقالوا إن السعودية لاتزال تملك خياراً آخر يتمثل في خط أنابيب ضخم يربط شرق المملكة بغربها، وذلك لنقل النفط من الحقول السعودية على الخليج العربي إلى مدينة ينبع في البحر الأحمر، مما يضمن وصول الخام إلى الأسواق الأوروبية دون الحاجة للمرور بـ"باب المندب".

ولعل البديل السعودي هو ما خفف من ردة فعل أسواق النفط، عقب تعليق أكبر مصدر للنفط شاحناته. وارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت، في تعاملات أمس، بـ42 سنتاً، أي ما يعادل 0.6 في المئة إلى 74.35 دولاراً للبرميل، بعد أن زادت 0.7 في المئة أمس الأول.

وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي خمسة سنتات إلى 69.35 دولارا للبرميل، بعد أن ارتفعت بما يزيد على 1 في المئة بالجلسة السابقة.

وأعلنت منظمة البلدان المصدرة للنفط "اوبك" أن سعر سلة خاماتها الـ14 ارتفع بواقع 86 سنتا، ليستقر عند 72.87 دولاراً للبرميل، بعد أن كان 72.01 دولاراً للبرميل، الثلاثاء الماضي.