بعد يوم دامٍ، ساد هدوء حذر في السويداء تخلله تشييع الأهالي بصورة جماعية ضحايا الهجوم المروع لتنظيم «داعش»، وسط إجراءات أمنية مشددة وانتشار للجان الشعبية وغضب عارم في المحافظة الدرزية، التي نأت بنفسها إلى حد كبير عن الصراع الدائر منذ 2001.

وفي ظل اتهامات للنظام بمحاولة بسط نفوذه على جبل الدروز في خطوة تجلت في لقاء مسؤول روسي مشايخ عقل طائفة الموحدين لإبلاغهم بضرورة تسليم السلاح، أقيمت جنازة جماعية في محافظة السويداء لقتلى الهجمات البربرية المنسقة لتنظيم «داعش».

Ad

وقبل تأكيده على عودة الأمن لكافة القرى المنكوبة في ريف السويداء الشرقي بشكل كامل بفضل الجيش السوري، طرد أهالي مدينة شهبا محافظ النظام عامر العشي والقيادة السياسية المرافقة له من مراسم تشييع الضحايا، الذين اقترب عددهم من 300 قتيل، إضافة إلى إصابة المئات وخطف أكثر من 40 امرأة وطفلاً.

وفي عملية واسعة وغير مسبوقة منذ أشهر، شنّ «داعش» هجوماً مفاجئاً على قرى المتونة وشبكي وطربا وداما والشريحي والغيطة والسويمرة في ريف السويداء. كما تسلل انتحاريوه إلى أحياء في مدينة السويداء وأطلقوا الرصاص والقنابل عشوائياً، قبل تفجير أنفسهم.

إدانة وعزاء

ودان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين بشدة «مجزرة» السويداء، مؤكداً الوقوف مع المجتمع الدولي في مكافحة «الإرهاب» و«التطرف» بكل أشكاله وأنواعه.

وقدمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت التعازي لأهالي السويداء، مؤكدة التزام إدارة الرئيس دونالد ترامب الثابت بمحاربة «داعش» ووضعها ضمن أولوياته.

وجدت نويرت الدعم للشعب السوري ومواصلة العمل مع الأمم المتحدة لإنهاء العنف وتحقيق الاستقرار والتوصل إلى تسوية سياسية دائمة للأزمة.

كما دانت مصر تفجيرات السويداء، مؤكدة موقفها «الثابت والحاسم» من محاربة التنظيمات «الإرهابية» وكل من يتورط في تمويلها ودعمها وتوفير الملاذات الآمنة والغطاء السياسي لها.

تعليق الأسد

وخلال استقباله وفد روسي رفيع المستوى برئاسة مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين الخاص إلى سورية ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، وصف الرئيس بشار الأسد الهجوم على السويداء الهجوم بـ«الجريمة» واعتبر أن «الدول الداعمة للإرهاب تحاول إعادة بث الحياة في التنظيمات الإرهابية لتبقى ورقة بيدهم يستخدمونها لتحقيق مكاسب سياسية».

وإذ شدد الأسد على أن «المحاولات لن تنجح إلا في هدر مقدرات شعوب هذه الدول وسفك المزيد من الدماء البريئة»، اعتبر لافرنتييف أن «الهجمات الوحشية تؤكد صحة مسار الدولة السورية لجهة مواصلة الحرب على الإرهاب حتى تطهير كامل الأراضي السورية والعمل على تحقيق تسوية سياسية لمصلحة الجميع بدون استثناء».

عودة اللاجئين

ووفق وزارة الخارجية الروسية، فإن مباحثات لافرينتيف وفيرشينين في دمشق تركزت خصوصاً على مهام إعادة الإعمار وعودة اللاجئين والنازحين، موضحة أن الأسد رحب بالمبادرة، وأنه مستعد لخلق الظروف الملائمة لاستقبال وإيواء العائدين إلى سورية.

في السياق، استقبل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وفداً روسياً برئاسة نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، لبحث تطورات الأزمة السورية والجهود المشتركة لتسهيل عودة اللاجئين، مؤكداً أن عمان لن تجبر أحداً على المغادرة.

القنيطرة واليرموك

وفي ظل مساعيها لاستعادة السيطرة على المنطقة الجنوبية الحدودية مع إسرائيل والأردن، رفعت قوات النظام العلم أمس، قرب معبر القنيطرة في هضبة الجولان المحتلة، ونشرت عناصرها داخل مركز المدينة، إيذاناً بعودة مؤسسات الدولة إليها، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (سانا).

وبدأت وحدات الهندسة العسكرية عمليات تمشيط في قرية الحميدية بريف القنيطرة بعد إنهاء الوجود المسلح فيها لتأمينها من الألغام والعبوات الناسفة تمهيدا لعودة الأهالي إلى منازلهم.

وعلى جبهة قريبة، حققت قوات النظام والميليشيات المساندة لها تقدماً على حساب «داعش» في منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، بسيطرتها على قرية المزيرعة وبحيرة سد عدوان شمال بلدة جلين، غداة انتزاعها الشركة الليبية، تحت إسناد جوي مكثف من الطائرات الروسية.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن القوات سيطرت على 14 قرية وبلدة بريفي درعا والقنيطرة من بينها صيدا الجولان وخان صيدا، واللوبيد والمقرز والبصالة وعين القاضي والحانوت وأبو حارتين وعين ذكر وبكارغربي ومعدلي وأبو مندارة ورزانية صيدا.

ويمسك «داعش» بتل الجموع، الذي يعتبر الورقة الأبرز عسكرياً له في المنطقة، ويعد من أهم التلال الاستراتيجية المرتفعة في ريف درعا الغربي، وتحيط به نقاط مهمة تخضع لسيطرة المعارضة أبرزها الشيخ سعد، ونوى إلى الشمال منه.

غارات إسرائيلية

في غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي استهدافه بغارة جوية، مساء أمس الأول، منصة سورية انطلقت منها قذيفتان وقيام مدفعيته أيضاً بقصف القطاع المحيط بها، مجدداً التحذير من أنه «سيتحرك منعاً لأي محاولة لتقويض سيادة إسرائيل وأمن سكانها في ظل القتال الداخلي المكثف في سورية واقترابه من الحدود».

وفي وقت سابق، دوت صفارات الإندار في الجولان المحتل، إثر إطلاق صاروخين أو قذيفتين من سورية ووصلتا إلى بحيرة طبريا من دون وقوع أضرار أو إصابات.

اللجنة الدستورية

سياسياً، أعلن رئيس مجلس الأمن السويدي أولوف سكوغ، أمس الأول، أن المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا يأمل تشكيل لجنة دستورية جديدة وبدء عملها أواخر سبتمبر، موضحاً أنه سيتوجه إلى سوتشي الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع روسيا وإيران وتركيا حول وضع اللمسات الأخيرة عليها.

وفي اجتماع مغلق تلقى فيه دعماً كاملاً للحوار «البناء» بدلاً من المنطق العسكري، بحسب سكوغ، أعرب ديميستورا عن أمله في تحقيق تقدم سياسي قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحد السنوي بمشاركة قادة العالم في نهاية سبتمبر.

من جهة أخرى، كشفت القيادية الكردية إلهام أحمد أمس، عن أن محادثات إيجابية مع دمشق تتركز بصورة أساسية على إعادة تأهيل سد الطبقة وتأمين المواد الأساسية مثل المياه والكهرباء إلى المناطق القريبة.