شهدت باكستان، أمس، فوضى عارمة، بعد إعلان نجم الكريكيت السابق عمران خان، فوزه في الانتخابات، بعدما أظهر إحصاء جزئي للأصوات تقدمه بفارق كبير، رغم تأخر إعلان النتائج النهائية ومزاعم من خصومه بحدوث تلاعب في إحصاء الأصوات.

وقال خان، الذي يتزعّم حزب «حركة إنصاف» أمام أنصاره: «ستكون هذه أول حكومة لا تستهدف أحدا سياسيا، وسنجعل البلاد دولة رفاه».

Ad

وكتب فواد تشودري الناطق باسم حزب خان على «تويتر»: «نهنئ الأمة بباكستان جديدة! رئيس الوزراء عمران خان».

في المقابل، أعلن أنصار رئيس الوزراء السابق المسجون، نواز شريف، أن هناك مشاكل في إحصاء الأصوات، وأن العملية تمثل اعتداء على الديمقراطية في بلد له باع طويل من الحكم العسكري.

وكانت لجنة الانتخابات قد أعلنت في وقت سابق أن عملية فرز الأصوات تأخرت لأسباب فنية، ورفضت مزاعم سياسيين بارزين بأنه جرى تزوير النتائج.

وقال الأمين العام للجنة الانتخابات، بابار يعقوب: «إن النظام الإلكتروني انهار بعد فترة وجيزة من بداية إدخال موظفي الصناديق الانتخابية البيانات»، مستبعدا وجود «أي مؤامرة أو ضغوط في هذا الأمر»، وعزا سبب التأخير إلى أسباب فنية.

ودافع رئيس مفوضية الانتخابات ساردار محمد رضا عن العملية الانتخابية، قائلا: «كانت الانتخابات شفافة ونزيهة بنسبة 100 بالمئة». لكنه لم يحدد الموعد النهائي لإعلان النتائج الكاملة.

وكان التلفزيون الرسمي قد واصل إعلان النتائج الأولية - غير الرسمية - التي أظهرت بعد إحصاء 48 في المئة من الأصوات، تقدم «حركة إنصاف»، بحصولها على أكثر من 113 مقعدا في البرلمان، من بين 272 دائرة انتخابية. وتقدم حزب خان في 97 دائرة، بينما يتقدم «حزب الرابطة الإسلامية، جناح نواز شريف» الذي حكم باكستان خمس سنوات، في 64 دائرة انتخابية، في حين نال «حزب الشعب الباكستاني» الذي كانت تقوده الراحلة بنازير بوتو في 42 دائرة.

ورغم أن خان لن يحقق غالبية على الأرجح، فيما يبدو، في البرلمان بالحصول على 137 مقعدا، فإنه لن يجد صعوبة في جذب شركاء تحالف من أحزاب أصغر ومستقلين.

وشككت عديد من الأحزاب في النتائج الأولية، مؤكدة أن «عمليات تزوير شابت الفرز».

وقال شهباز شريف، رئيس «حزب الرابطة الإسلامية، جناح نواز شريف»، إن حزبه «يرفض النتائج كليا». وأوضح وجود تلاعب في عملية فرز الأصوات.

أما زعيم «الشعب الباكستاني» بيلاول بوتو زرداري، فقال إنهم «لم يتمكنوا من رؤية نتائج الانتخابات بعد، وإن أعضاء الحزب لم يتمكنوا من متابعة فرز الأصوات، لذلك نرفض النتائج».

ووجهت شيري رحمان، القيادية في «حزب الشعب»، وزعيمة المعارضة في مجلس الشيوخ، اتهامات مماثلة قائلة: «كل الأحزاب تم حشرها في الزاوية فقط لمصلحة حزب واحد، وهو حزب حركة إنصاف».

ووسط إجراءات أمنية غير مسبوقة، شهدت باكستان أمس الأول، عملية اقتراع لانتخاب أعضاء المجلس الوطني (البرلمان الاتحادي) ومجالس الأقاليم، البرلمانات الإقليمية الأربعة.

وقتل أكثر من 30 شخصا على الأقل معظمهم من رجال الأمن، في تفجير انتحاري استهدف مركز تصويت في مدينة كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان في جنوب غربي البلاد. وتنافس في هذه الانتخابات نحو 12027 مرشحا، لحجز 849 مقعدا في كل من المجلس الوطني ومجالس الأقاليم، منها 272 مقعدا في المجلس الوطني، و577 مقعدا في مجالس الأقاليم الأربعة: البنجاب، والسند، وبلوشستان، وخيبر بخنون خوا.

من ناحية أخرى، يختار نواب البرلمان أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 104 أعضاء، لولاية مدتها 6 أعوام.

ويتولى المجلس الوطني مهمة التشريع بالبلاد، في حين يفوز بمنصب رئيس الوزراء رئيس الحزب الأكثر نيلا للأصوات، إلا أنه يحتاج إلى نيل الدعم من 172 عضوا في المجلس الوطني لتشكيل الحكومة.

ويضم المجلس الوطني 342 مقعدا، حيث يختار الشعب 272 عضوا منهم مباشرة، في حين يخصص 60 مقعدا - من أصل 70 - للنساء، والمقاعد العشرة الأخرى مخصصة لممثلي الأقليات الدينية، حيث تختار لجنة الانتخابات هؤلاء النواب من الأحزاب التي تتجاوز حاجز الـ 5 في المئة.

وتبلغ مدة ولاية الحكومة التي ستنبثق عن المجلس الوطني خمسة أعوام، إذ يعد «حزب الرابطة الإسلامية - جناح نواز» الوحيد الذي أكمل مدة ولايته بعد فوزه في انتخابات عام 2013. ويتعين على الحزب الذي يرغب في تشكيل الحكومة منفردا الحصول على 137 مقعدا.

وستكون هذه الانتخابات ثاني انتقال مدني للسلطة فقط في تاريخ باكستان الذي يعود إلى 71 عاما، وتأتي في وقت يشهد توترا في العلاقات مع الولايات المتحدة.