صورة لها تاريخ: الفنان حمد خليفة بدأ العزف بإصبعين على «تنكة» وعمره 18 عاماً
توفي الأسبوع الماضي الفنان حمد خليفة الصقر، الذي يُعد من أوائل المطربين في الكويت، كما يعتبر مدرسة منفردة ومتميزة في فن الصوت الخليجي. التقيته عام 2005 في مسجد أنس بن مالك بمنطقة الدعية، وتحدثت معه عن حياته ومسيرته في الغناء، وقد لمست فيه التواضع، ومخافة الله، وحرصه على الصلاة في هذا المسجد الذي يقع قرب بيته. قال لي إنه من مواليد عام 1925 بفريج بن مواش في الحي القبلي، بالقرب من سوق واجف، ومسجد بن بحر، وبجوار بيت محمد بن سالم، وبيت علي السعد العبيد. تلقى تعليمه الأولي في الكتاتيب القديمة، ثم درس اللغة العربية والحساب على يد الملا مرشد السليمان، ثم انتقل إلى المدرسة المباركية، ودرس بها فترة قصيرة من الزمن. بدأ حياته المهنية مبكراً، حيث عمل في محل للخضراوات عند شخص اسمه خضير في سوق الخضرة القديم، لكنه سرعان ما انتقل للعمل في الغوص مع النوخذة محمد الرشود، وكانا يغوصان في مواقع قريبة من الكويت، وضمن مجموعات قليلة من البحرية.
وبعد عدة سنوات، اضطر للانتقال إلى البحرين مع أخته المتزوجة من بحريني، فعاش هناك فترة من الزمن، ثم عاد إلى الكويت، وقرر العمل في مجال البناء مع عيسى الجساس، فكانت له الكثير من المساهمات في بناء المنازل الأهلية القديمة. عمل أيضاً في السفر الشراعي، فسافر إلى الهند مع النوخذة حسين بلال الصقر لمدة خمس سنوات، وكان خلال هذه الرحلات يطرب طاقم السفينة بالنهمات الشعبية البحرية الجميلة التي كانت بداية له في رحلة الفن والغناء الشعبي الطويلة. عمل أيضاً مع النوخذة عثمان الغانم سنة واحدة، وكانت آخر رحلة بحرية له. اشتهر رحمه الله بصوته الجميل، وله أغانٍ تراثية جميلة يرددها الناس من فترة أربعينيات القرن الماضي. أبلغني أنه بدأ العزف على العود وعمره 18 سنة في إحدى الدواوين القريبة من منزلهم، ثم أخذ يغني ويعزف في الحفلات الخاصة والعامة بمناسبات مختلفة، حتى بلغ صيته الدول المجاورة، فسافر لإحياء ليالٍ شعبية في عدد من دول الخليج، وبالعراق. ويفتخر بأنه لم يتلقَ تعليماً على يد أستاذ، بل علَّم نفسه بنفسه، وكانت أول آلة يعزف عليها عبارة عن "تنكة" ذات أوتار متشابهة، وأول عود اشتراه من امرأة بسوق واجف. وبعد أن صعد سلم الفن باقتدار، أصبحت له مدرسته الخاصة في فن الصوت، ولم يكن يقلد أحداً من السابقين له من الفنانين والمطربين والعازفين. قال لي إنه كان يعزف بإصبعين فقط، وقلما كان يستخدم إصبعاً ثالثاً، ورغم ذلك أصبح عزفه محل اهتمام كبار الفنانين والمحترفين في المنطقة. وقام بأداء التوشيحات، وهي نهاية طبقات الصوت، وكذلك الموال، فكان أداؤه مميزاً، وأحبته الجماهير الخليجية. من أشهر أغانيه "عاذلي كف لومك"، وهي من تأليفه وتلحينه وغنائه. اعتزل الغناء عام 1982، ومنذ ذلك العام اتجه للعبادة والمسجد، ولم يتوقف عن الصلاة في المسجد إلا بعد أن فقد قدرته على ذلك قبل عدة سنوات. له من الأبناء خليفة، وصلاح، وطارق، وعلي، وعبدالله (متوفى)، وثلاث بنات. نسأل الله له الرحمة والمغفرة، وعزاؤنا لأسرته الكريمة.